د. محمد عبدالملك المتوكل في ندوة حول اتفاقيات حقوق الإنسان الدولية والتشريعات اليمنية:قانون الصحافة مفعم بالقيود والمحظورات المكتوبة بعبارات مطاطية تحتمل أكثر من معنى

> صنعاء «الأيام» بشرى العامري:

>
جانب من المشاركين في الندوة
جانب من المشاركين في الندوة
وفي جانب الحق في التعبير عن الرأي تحدث ايضا قائلاً:«ينص دستور الجمهورية اليمنية في المادة 42 على ان (لكل مواطن حق الاسهام في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتكفل الدولة حرية الفكر والاعراب عن الرأي بالقول والكتابة والتصويت في حدود القانون).

د. المخلافي: الدستور بحاجة إلى تعديل كثير من نصوصه وإعادة نأهيله بما يوائم نظامًا ديمقراطيًا كافلاً لتدوال حقيقي للسلطة

وهناك قصور في هذه المادة اذا ما قورن بنص المادة 19 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان التي تنص على ان (لكل إنسان الحق في حرية الرأي والتعبير عنه ويضمن هذا الحق حرية اعتناق الآراء بمأمن من التدخل وحرية التماس المعلومات والأفكار وتلقيها واذاعتها بمختلف الوسائل دون تقييد).

كذلك القانون 25 لعام 1990م الخاص بالصحافة رغم ما فيه من ايجابيات مقارنة بما سبقه الا انه مفعم بالقيود والمحظورات المكتوبة بعبارات مطاطة تحتمل أكثر من معنى مما أتاح للجهة المشرفة والقضاء غير المستقل ان يفسروها كما يريدون وقد تعرض العديد من الصحفيين للعقاب والسجن وتعرضت عدد من الصحف للمصادرة والايقاف ولأسباب سياسية وأحكام سياسية ويلاحظ ان القوانين تنص على ان يلجأ المتظلم الى القضاء وذلك يعني ان ليس الأصل هو الحرية في اطار قوانين واضحة اذا ما خالفها الصحفي او صاحب الصحيفة فإن على الجهة المشرفة ان تلجأ الى القضاء وبذلك يخف تحكم الأجهزة المشرفة في الحرية وفي استخدام المواطن لحقه.

وليس هناك قانون ينص على منع المواطنين والأحزاب والمنظمات من حق امتلاك اذاعة او محطة تلفزيونية الا ان ذلك في الواقع العملي غير مسموح به وبحجة ان القانون لم ينص على السماح به وهكذا يصبح الأصل هو المنع وليس الإباحة كما تنص عليه المادة الفقهية، كما أدى تحكم الحزب الحاكم في وسائل الإعلام العامة واحتكاره لها واستخدامها لصالحه وصالح شخوصه الى الإخلال بالمساواة في الحق العام وبشكل خاص في الحملات الانتخابية والأسوأ من كل ذلك ان يستخدم الإعلام العام للهجوم على المعارضة وتشويه سمعتها.

والمفترض ايضاً ان المسيرات والإضرابات والاعتصامات والتجمعات السلمية هي وسائل للتعبير ومن حق المواطن التعبير السلمي عن طريقها ولكن القانون اليمني يفرض على استخدامه قيوداً تجعل ممارستها عملاً صعباًَ فالقانون رقم 29 لعام 2003م بشأن تنظيم المظاهرات والمسيرات السلمية يشترط إبلاغ الداخلية كتابيا قبل وقت لا يقل عن ثلاثة أيام ويتضمن البلاغ التاريخ والوقت والمكان والانطلاق وخط السير والانتهاء وذكر الأهداف والأسباب والشعارات ويكون البلاغ موقعاً عليه من لجنة موضحاً فيه أسماء رئيس وأعضاء اللجنة ومهنهم وعناوينهم واذا كانت الجهة حزبا او منظمة يكون التوقيع عليه من قبل الممثل القانوني.

وتعطي المادة 6 من القانون الجهة المختصة وهي الداخلية حق تعديل موعد بدء المظاهرة او المسيرة او نقطة انطلاقها وتجمعها وخط سيرها ووقت انتهائها، وفي المادة 8 يعطي القانون الحق للداخلية في فض المظاهرة والمسيرة اذا ألقت هتافا يدعو للفتنة او اعاقة للسلطة عن القيام بواجباتها وترك للسلطة ان تفسر أي مظاهرات او اضراب للطلبة والمعلمين او الاطباء او غيرهم بأنه اعاقة للسلطة عن القيام بواجباتها ورفع شعارات تدعو لحرية المعتقد تعتبر دعوة لفتنة دينية او مذهبية، بل ان هتافات أنصار الحوثي بالموت لإسرائيل وأمريكا والنصر للاسلام أمام أبواب المساجد اعتبرت دعوة للفتنة واستحقت حربا ضارية بحجة ان هذه الهتافات تسيء لكل علاقاتنا الخارجية رغم ان هذه الهتافات قد تتم على أبواب البيت الأبيض ولا يتم منعها.

وفي المادة 16 يحظر الإعداد لمظاهرة او مسيرة تستهدف النظام الجمهوري وسلامة الوطن ووحدة أراضيه، والسلطة هي التي تقرر طبيعة المظاهرة وحسب مفهومها فقد ترى في مسيرة تجري في عدن تطالب بالمواطنة المتساوية تهديدا لوحدة الوطن.

وعموما هذه النصوص في القانون رقم 29 لعام 2003م تعطل أصل الحق المنصوص عليه في المادة 21 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية كما تعطل الحق في حرية التعبير الذي نصت عليه المادة 19 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان.

هذه هي الصورة العامة لقوانين الجمهورية اليمنية التي صيغ بعضها وبشكل خاص في قضية المساواة وحرية المعتقد بمفهوم ضيق معين للشريعة. أما الأسوأ من الوضع القانوني فهو الممارسة التي غالبا تنتهك القانون والدستور في ظل غياب الفصل بين السلطات وغياب سيادة القانون والقضاء المستقل واستمرار تضخم سلطة الفرد على حساب صلاحيات المؤسسات مما جعل نظام قرقوش هو سيد الموقف في عالمنا العربي مع اختلاف في النسبة بين قطر وقطر».

وقد عقب على حديث الدكتور المتوكل الدكتور محمد المخلافي بقوله: «لقد أبدى الدكتور المتوكل في طرحه يأسا واضحا ومن غير المنطوق من اصلاح واحدة من أهم آليات تسيير الانتخابات وهو القضاء ويمكن تفهم هذا اليأس والأسباب التي حملت عليه لكن نحن أمام أهم ضمانة تفتقت عنها التجارب الديمقراطية للانتخابات فالقضاء المستقل الكفؤ النزيه لا غنى عنه للديمقراطية وأي معالجة لهذا الشأن بدون توفر هذا العنصر لا نحسب ان في الإمكان الحصول على انتخابات صالحة كأداة لتداول السلطة بسلاسة دون عنف.

وأعتقد ان الدستور بحاجة الى تعديل عدد كبير من مواده لإزالة العبث الذي تعرض له خلال العقد الأخير من القرن الماضي وإعادة تأهيله بما يوائم نظاما ديمقراطيا كافلا لتداول حقيقي للسلطة ويحقق الحكم الصالح، ويتعين ان يكون التعديل بما يجعل الإعلان المذكور والعهدين الدوليين لحقوق الانسان وسائر الإعلانات والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان ملزمة للقضاء اليمني وشرعة داخلية لليمن».

كما عقب الأستاذ سنان عبدالولي العجي عضو مجلس النواب مقرر لجنة الشئون الدستورية والقانونية على ذلك قائلا: «تحدث الدكتور المتوكل عن المساواة بين الذكور والاناث والجوانب التمييزية وأشار الى المادة 27 من الدستور الذي قال انه أحد ضحايا حرب الصراع على السلطة عام 1994م متناسيا ان أي تعديل دستوري منذ عام 1990م حتى آخر تعديل تم عبرالبرلمان الذي يضم كافة القوى السياسية الموجودة في الساحة وينزل للاستفتاء الشعبي من كافة أبناء الشعب.

وفيما يتعلق بحديثه حول الحقوق السياسية والمدنية ومؤسسات المجتمع المدني والتداول السلمي للسلطة وان مبدأ التداول لم يحدث كما قال رغم اجراء دورات انتخابية .. الى آخر ما طرحه الاستاذ الدكتور وهو نفس ما يطرحه هو وأحزاب المعارضة في كل الفعاليات وفي الصحافة صباحا ومساء وهي نفس الاسطوانة المشروخة فعندما تفشل أحزاب المعارضة في أي انتخابات حتى وقد شهد العالم بنزاهتها فلم ولن يعترفوا بنزاهة أي عملية انتخابية رغم مشاركة كل أحزاب المعارضة بممثلين للاشراف في كل مركز انتخابي الا ان الاتهامات والتشكيك بعدم نزاهة الانتخابات وباستخدام مقومات السلطة والمال العام و.. الخ وقد تعودنا على ذلك ونقول ان هذه إرادة شعب ويجب ان تحترم رغبة واختيار وإرادة الشعب الذي يعرف تماما مصلحته بعد ان حفظ عن ظهر قلب توجه ومصداقية كل الاحزاب.

أما فيما يتعلق باللجنة العليا للانتخابات وما أشار اليه من انتخابها من قبل المجلس التشريعي ورئيس الدولة وكأن العملية حسب ما فهمت من طرحه انها تبادل منافع متناسيا ان هناك دستورا وقانونا ينظمان ذلك وتناسى ايضا ان الحزب الحاكم رضح لطلب المعارضة قبل الانتخابات الرئاسية والمحلية الاخيرة بؤضافة عضوين من المعارضة الى قوام اللجنة العليا للانتخابات حتى تتساوى الكفة وتم تعديل القانون بإضافتهم وصدر قرار جمهوري بتعيينهم بناء على اختيار المعارضة.

ونشد على يد الدكتور لإيجاد مؤسسات مجتمع مدني وأحزاب معارضة قوية لحفظ التوازن كما قال ولو اننا خلال الفترة الماضية ومنذ تحقيق الوحدة واعلان التعددية السياسية ورغم وجود الكم الهائل من الاحزاب ومؤسسات المجتمع المدني من النقابات والمنظمات الجماهيرية الا انها لم تقم بالدور المطلوب منها سوى المعارضة من أجل المعارضة ونكران كل ما يتحقق في البلاد مما أفقد معظمها المصداقية أمام أبناء الشعب والدليل على ذلك تناقص أعداد ممثلي الاحزاب الكبيرة في البرلمان من دورة انتخابية الى أخرى وكذا عدم حصول بعض الاحزاب على أي مقعد خلال ثلاث دورات انتخابية، أما موضوع العشائرية فهذا وضعنا كشعب ولا يمكن التنكر له، وما يطلبه الجميع من التنظيمات والاحزاب والمعارضة تغيير ايديولوجيتها التنكرية والعدائية في الطرح والانتقاد حتى لما هو صحيح وجميل والاستفادة من تجارب قوى المعارضة في الدول الديمقراطية حتى تكون مقبولة شعبيباً».

واتفق الأستاذ محمد سيف العديني رئيس دائرة التنظيم والتأهيل للتجمع اليمني للإصلاح بمحافظة إب مع ما قاله الدكتور المتوكل قائلاً:

«من خلال ما قرأته وفيما يخص التغراث التي ذكرها الدكتور المتوكل في الحقوق السياسية والمدنية أجد نفسي بأني معه مائة بالمائة وفيما يخص حرية العقيدة والمساواة أتوافق معه إلا انه لي وجهة نظر في الحيثيات او الخلفية التي ينبغي ان تكون منطلقات لما طرحه وكذلك أسلوب الطرح النقدي الذي قد يوهم بتقديم ميثاق الامم المتحدة والاعلان العالمي لحقوق الانسان على الشريعة الاسلامية كوحي سماوي، ولابد من التفرقة بين الشريعة الاسلامية كالنصوص وبين اجتهاد علماء وفقهاء المسلمين من هذه النصوص وأن نأخذ بالاعتبار أن النص الذي يمثل الشريعة هو النص الذي تتوفر فيه شروط النص الشرعي ولذا فإننا نجد ان تطبيق الاجتهادات المذهبية أدى الى زيادة التفرقة والصراع بين المسلمين وأظهرت بان الاسلام أديان مختلفة، وفيما يخص اليمن ففيه اجتهادات ممثلة بمذاهب شافعية وزيدية ومستقلة وبعد الثورة وجدت اجتهادات تطبيقية سلوكية حنبلية بحكم الاحتكاك بالمملكة العربية السعودية ذات الاصول الحنبلية عموما، وما حدث عندنا في اليمن من تقنينات لأحكام الشريعة هو قياسا على ما كان سائدا في اليمن والذي يعتبر جهدا ممتازا نقل الوضع القضائي الى وضع أفضل بعد ما كان القاضي هو الاصل ولكن هذا التقنين لم يأخذ حقه من المراجعة والدراسة وعقد المؤتمرات والنقاشات من جميع المختصين ولم يستدع المجتهدون الذين يجمعون بين الاصالة والمعاصرة ولهذا نجد ان ما يخص قانون الاحوال الشخصية وقانون العقوبات وكل ما له صلة بالاجتهادات الفقهية للمسلمين في غالبه هو امتداد لما قبل الثورة والذين اجتهدوا في تحويل الاجتهادات الفقهية الى مواد قانونية استندوا الى ما هو موجود.

وكذلك اعتبر الدكتور المتوكل ان القاء القبض على أتباع المذهب الزيدي والاثنى عشري تناقضا مع الحرية الدينية والمذهبية ولكن الممارسة في الواقع تقول ان الأمر في حقيقته صراع سياسي ولا دخل له بحرية الدين والمذهب بدليل ان النظام اذا اختلف مع المذاهب او الجماعات الاسلامية او القبلية يلقي القبض عليها ويطاردهم وينكل بهم. وحتى مع الصحفيين ذوي الرأي الآخر ولهذا قبل مشكلة حرب صعدة كان النظام متوافقا معهم ويدعمهم بهدف كسبهم الى جانبه ضد الاطراف الاخرى فالمسألة تنطلق من (فرق تسد) صراع سياسي مثلما اتجه الى السلفيين في الانتخابات وكسبهم الى صفه مستخدما جهلهم وقلة وعيهم بالصراع السياسي».

وفي تعقيب للمحامي جمال محمد الجعبي تحدث قائلأ: «ينطلق الدكتور المتوكل في بحثه من مسلمة نتفق معه فيها وهي ان هناك تناقضا جليا بين القوانين اليمنية والاتفاقيات والمواثيق الدولية التي التزمت بها اليمن وأقرت العمل بها بموجب الدستور، ومن المعلوم انه بموجب هذه الاتفاقيات التي تصادق عليها الدولة فإن عليها ان تجعل البنية التشريعية الوطنية متسقة مع أحكام ما صادقت عليه وكذا عليها ان تتخذ تدابير تشريعية وغير تشريعية تماشيا مع مقتضيات هذه الاتفاقيات والمواثيق وبغير ذلك فإنه يمكن وصف الدولة بأنها غير ملتزمة بالمعايير التي صادقت عليها.

والسؤال الذي نطرحه هنا هل المشكلة في القائمين على صياغة القوانين والتشريعات (عامل ذاتي) أم ان المشكلة في الاتفاقيات والمواثيق والآلية التي تتكون منها وتقوم على أساسها (عامل خارجي)؟

وفي تصوري ان الإجابة عن هذين السؤالين يمكن ان توصلنا الى الخلل الذي أفصح عنه الدكتور المتوكل.

ونحن نلاحظ ان الاتفاقيات والمواثيق الدولية تكاد لا تذكر ضمن التعامل اليومي ويجري التعامل معها بصورة نادرة وأغلب من يتحدث عنها بعض منظمات المجتمع المدني المعنية بحقوق الانسان او الحكومة ضمن خطابها للمجتمع الدولي وضمن تقارير ليست واسعة الانتشار كما ينبغي ان يكون لتتمكن من أداء رسالتها».

كما تحدثت الدكتورة جميلة الراعبي عضو منتدى التنمية السياسية قائلة :«ان هذه المواضيع وغيرها من الدراسات والنظريات والمواقف والممارسات العملية تحصر الاختلافات في الحقوق الانسانية للذكور في قمة هرم الدولة وتتفق بصورة عامة حول حقوقهم الانسانية في كل ماهو دون ذلك الا انها وفي الوقت نفسه تختلف وتتباعد في كل الحقوق الانسانية للإناث وعلى كل المستويات والأبعاد الرأسية والافقية، تبدأ هذه الاختلافات من الاختلاف حول حق المولودة الأنثى في حماية أعضائها من التشويه ومرورا بالاختلاف حول حق الإناث في التعلم والعمل وحق الاختيار في الزواج والتمييز في الشهادة والتعويض عن الأضرار الجسدية والإرث وبلوغا حد الاختلاف حول الحقوق السياسية للإناث وعلى كل المستويات والأبعاد.

إننا ومن خلال هذا المشهد الظالم وغير المقبول نستطيع القول ان قضية حقوق الانسان في واقعنا اليمني هي في الأولوية قضية حقوق الإناث وانهن في مجموعهن ضحايا لهذه الاختلافات في الفهم وفي المواقف وانهن في مجموعهن بالنتيجة ضحايا انتهاكات هذه الحقوق».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى