إيجابيات الكرة اليمنية في خليجي 18 بداية أم نهاية؟

> «الايام الرياضي» محمد سعيد سالم:

>
لقطة من مباراة منتخبنا مع نظيره الاماراتي
لقطة من مباراة منتخبنا مع نظيره الاماراتي
ردود الفعل التي احدثها منتخبنا الوطني لكرة القدم في خليجي18 على مستوى المنتخبات المشاركة، والرأي العام الخليجي الحاضر في شوارع أبوظبي والمدن الاماراتية الاخرى، والاوساط المحلية والمغتربين اليمنيين كانت ايجابية ربما على نفس القدر الذي كان عليه ردود الفعل (السلبية جدا)، التي احدثها المنتخب (والكرة اليمنية) في مشاركتي خليجي 16 بالكويت وخليجي 17 بقطر.

هناك تعاكس اذن!! والامر - هنا- قد يبدو غريبا وغير منطقي لان التعاكس في ردود الافعال بين السلبية والهزالة الشديدة الى الايجابية لايحدث في الرياضة (وكرة القدم خاصة) الا عندما ينتقل وضع فريق او منتخب من ضعف الى قوة او من فشل الى بطولة!! ومنتخبنا لم يحدث معه هذا الانتقال النوعي، ومع ذلك أوجد (معادلة) حدوث التعاكس في النظرة الى صورة الكرة اليمنية بعد 3 مشاركات في بطولات كأس الخليج، فما الذي حدث؟!!

عمر طويل وصورة سيئة
في خليجي 16 وخليجي 17 كانت حصيلة الكرة اليمنية حصيلة فقيرة بكل المعايير المعروفة على ملاعب كرة القدم .. اداء المنتخب هزيل وبدائي واللاعبون كأنهم على جهل بأولويات اللعبة وعاجزون عن مغادرة نصف ملعبهم ولا يدل اداؤهم على اي ثقة بالنفس، وكان حضور المنتخب الى ارض الملعب في تقييم النقاد والمراقبين والرأي العام أنه مجرد كوبري يمر فوقه المنتخبات المشاركة، والتنافس فيما بينها على الحصول على نقاط، واكبر قدر من الاهداف.

في المشاركتين الماضيتين في كأس الخليج وما رافقها من مشاركات واستحقاقات ظلت الكرة اليمنية في اسوأ صورة لها ورغم انها الاقدم - تقريبا- على مستوى المنطقة، فعمر اقدم ناد فيها (التلال) قد تجاوز المئة عام، والمؤسف أن تصل إلى كأس الخليج وليس لها رصيد يدل على ذلك!!

أسباب المشكلات والصراعات
ان الاسباب معروفة فالمشكلات والصراعات التي مرت بها كرة القدم، عبر (التنافس) على قيادة اتحاد كرة القدم، مع سيادة العشوائية على مسيرة العمل الرياضي على مستويات العديد من اطره الدنيا والعليا، وعدم العمل من خلال استراتيجية واضحة للتطور الرياضي، وتهميش الكفاءات وإهانتها أوإذلالها، كل ذلك كان مقدمة للصورة المشوهة والهزيلة التي تكونت عن الكرة اليمنية، ووضعتها في تصنيف عالمي متأخر بينما ظلت على مستوى بطولات الخليج في حسابات الدول المشاركة في القاع!!

مرحلة المكايدات والقرارات العشوائية
وقد زاد الطين بله فيما قبل خليجي18 وجود (تصادم) بين الاتحاد العام لكرة القدم ووزارة الشباب والرياضة على خلفية مكايدات ومنافسات لاعلاقة لها بالرياضة بل انها أضرت بكل الجهود والمحاولات التي عبر عنها الكثيرون لإزالة الضباب الذي يعوق الرؤية الصافية امام مفاصل القيادة والقرار لاتخاذ قرارات جيدة وايجابية في مسيرة التطوير الرياضية، وتشكيل الهيئات واختيار القيادات المناسبة لاظهار كرة القدم، والرياضة عموما في احسن صورة

انعكاسات كأس الخليج على الواقع
ولذلك ما أحدثته بطولات كأس الخليج على الواقع الرياضي في بلادنا كان مؤثرا ودقيقا لاننا في اليمن نرى في كل ما ماله علاقة بالمنطقة ودول الخليج ونحن طرف فيه مؤشر على الكفاءة والعراقة، وعلى ما حققته دولة الوحدة في مسارات الحياة المختلفة، وبينها الرياضة ايجابا وسلبا! وفي هذا التنافس بين دول المنطقة.

ومن هذا القياس، حدثت الزلازل المعروفة في واقع كرة القدم عندنا بعد الحصيلة السيئة في خليجي الكويت وقطر، التي استمرت حتى اجراء انتخابات اتحاد كرة القدم قبل عام تحت اشراف الاتحادين الدولي والاسيوي لاخراج الكرة اليمنية من نفق العقوبات الدولية والصراعات ووضعها على مسار المعايير الدولية لكرة القدم المعتمدة في FIFA، ورفع الاحتقان الذي انهك علاقة الاتحاد بوزراة الشباب والرياضة واللجنة الاولمبية.

في تقديري رغم الملاحظات على نتائج الانتخابات في بعض الجوانب، وعلى تشكيل اللجان العاملة التابعة للاتحاد المحكومة بمنطلقات عاطفية او شخصية الا ان رئيس الاتحاد الجديد الداعم المعروف الشيخ أحمد صالح العيسي، قد استوعب دروس التجربة الماضية، فبذل- مع عدد من رجال الاتحاد- جهودا هادئة وطيبة للتعاون والتلاحم مع وزارة الشباب والرياضة واللجنة الاولمبية بقيادة الوزير الاكوع وتنسيق آليات الدعم لتحقيق اهداف مشتركة في مقدمتها مستقبل الكرة اليمنية وسمعة الرياضة اليمنية!

واقع اللعبة قبل خليجي 18
جاءت مسيرة المشاركة في خليجي 18 بالامارات على خلفية الملامح الجديدة للتعاون المذكور مع وجود حرص ملموس من جانب اتحاد كرة القدم عبر عنه رئيسه الشيخ العيسي اكثر من مرة بقوله انه سيعمل على الا تنتهي فترة عمل الاتحاد دون وضع (بصمة) نوعية في مسيرة تطور اللعبة"!

ومن هذا المنطلق ظل الجميع يراقب ما يحدث في واقع اللعبة وفي عمل الاتحاد خلال العام الماضي حتى خليجي 18 وكانت مظاهر الصورة القائمة في اكثر من اتجاه وبنظرة موضوعية وشفافة وتتركز في الملامح التالية سلبا وايجابا:

1- الانطلاق من ضرورة وجود جهاز فني مقتدر يملك مؤهلات العمل في ظروف استثنائية ومحدودة قبل خليجي 18 فتم استقدام الخبير المصري المتميز محسن صالح.

2- دور مباشر لرئيس الاتحاد في مراجعة بعض الجوانب السلبية في عمل الاتحاد والنقص في الكفاءات وجاء قراره ايجابيا بالاستعانة بالخبير الوطني الدكتور عزام خليفة كمستشار خاص لرئيس الاتحاد ولتعزيز الفكر التخصصي في عمل الاتحاد في مجال اللعبة.

3- جهود شخصية حديثة من لجنة المنتخبات لتنفيذ الاستحقاقات المطروحة من جانب الجهاز الفني وقد تميز الشيخ حسين الشريف بدور متميز في هذا الجانب بالتعاون مع المختصين في وزارة الشباب والرياضة.

4- عدم التدخل في عمل الجهاز الفني وخلق مسار تعاون ايجابي مع الاعلاميين على اكثر من نطاق لتعزيز الدور الخلاق للاعلام في دعم الروح المعنوية للاعبين والجهاز الفني.

5- استمرار عمل الاتحاد عن طريق الاجتهادات الشخصية واستمرار حدوث تضارب في الصلاحيات وضعف آليات النشاط الرياضي الاداري والمالي، وعدم وجود ثواب وعقاب في عمل الاتحاد بحسب لائحة عمل الاتحاد.

ايجابيات خليجي 18
ومن محطة خليجي 18 دخلت الكرة اليمنية تحت المجهر بصورة مركزة لان (الطموحات العقلانية) التي سبقت المشاركة تحققت على مستوى الاداء والحصيلة العامة والمتمثلة في:

1- تقديم عرض كروي جيد في المباريات الثلاث: امام الكويت، الامارات، عمان.

2- أسقط المنتخب (الحسبة السائدة) ان المنتخب فريسة سهلة، وجاءت النتائج منسجمة مع الاداء الجيد، (تعادل مع الكويت 1/1، خسارة منطقية امام الامارات بطل الدورة 2/1، ومثلها امام عمان 2/1). وكانت حصيلة الاهداف من قبل ثقيلة للغاية مع عروض سيئة!

3- أظهر اللاعبون على المستوى الشخصي الفردي لمسات فنية جميلة دلت على وجود ثقة عالية بالنفس وروح معنوية خلاقة ولهذا اعتبر النقاد والمراقبون ان هدف منتخبنا في الكويت هو اجمل اهداف الدورة لانه جاء نتيجة جملة كروية منسقة من وسط الملعب ومن اللمسة الواحدة حتى اسكنها علي العمقي بتنفيذ فني جميل وبلمسة واحدة.

4- قدم المنتخب صورة لعلاقة ايجابية مع الجهاز الفني انعكست ميدانيا على نحو ما أشرنا اليه رغم الفترة الزمنية القصيرة التي شكل فيها المنتخب وعمر التعاقد مع الجهاز الفني محسن صالح القصير جدا في قياس الاستحقاقات التنافسية وهذا يعني حسن اختيار الجهاز الفني والصورة الحقيقية لكفاءته وخبرته

منتخبنا الوطني في خليجي 18
منتخبنا الوطني في خليجي 18
دلالات تكريم الرئيس
حصيلة الكرة اليمنية في خليجي 18 ايجابية بالقياس على صورتها السيئة في الفترة الماضية وهي تشكل بداية مرضية لطموح رد الاعتبار لتاريخ الكرة اليمنية، وتأهيل كفاءاتها في الفترة القادمة لما قد تأتي به قادم الأيام من تحديات واستحقاقات صغرى وكبرى.وعندما دخل الرئيس علي عبدالله صالح على الخط في تكريم جهود المنتخب في خليجي 18 فإني أرى في ذلك إعلانا بقناعة القيادة السياسية بالمستوى المشرف الذي ظهر عليه المنتخب، ودعوة عليا لكل من يعنيه الامر بالاعداد لمزيد من التطور والقدرة الانجازية للكرة اليمنية والرياضية بشكل عام، ومن هذه النقطة بالذات لابد من المجاهرة بكل رأي يخدم مستقبل الكرة اليمنية وسمعة الرياضة وانجازاتها حتى ولو خالف قناعات البعض وحسابات المصالح الضيقة التي تعاني منها العملية الرياضية والشبابية مثل مجالات كثيرة اخرى في حياتنا!!

الأهمية الوطنية لخليجي 20
لذلك سيكون أكبر وأعظم امتحان لصدق التوجهات الباحثة نحو الافضل هو مضمون وشكل العملية الرياضية الوطنية التي اعلن الرئيس عن بدايتها بإنشاء استاد جديد في العاصمة صنعاء..هذه العملية الوطنية الرياضية هي استضافة اليمن لخليجي 20 عام 2010!! وأهميتها كامتحان وطني للدولة يرتكز على الاسس التالية:

1- موعد الاعلان الرسمي للدولة والحكومة عن العمل بالاعداد للاستضافة.

2- نوع الجهات واللجان والاسماء المشاركة في التحضير والاعداد.

3- نوع المعايير والقواعد والضوابط التي ستنظم العملية كلها.

4- المجالات والمسارات التي تقوم عليها منظومة الاستضافة وإمكاناتها، مثل انشاء الملاعب وتأهيلها للتدريب والمباريات ومنظومة الاتصالات، الانتقالات، السكن والاعاشة، العملية الاعلامية داخل الملاعب وخارجها.. الخ.

البيئة الصحية ومكافحة الفساد
خليجي 20 في اليمن ومن الآن سيكون دليلا على قدرة بلادنا على إثبات مقومات عافيتها واستعدادها للتأهل نحو كفاءة متنامية في مجال الادارة والتنظيم والاعلام وترشيد الانفاق والقدرة على النجاح والانجاز والخروج من الانفاق المظلمة.

وكل ذلك - في رأيي- لابد ان يتم ضمن (بيئة) صحية وجديدة في العمل من منظور وطني متجرد يراعي وجود كفاءات قادرة ومخلصة على مستوى الوطن، وفي العمل ضمن توجهات الدولة لمكافحة الفساد، والرغبة الصادقة في تأهيل اليمن وكسب ثقة العالم من حولنا وخاصة الجهات المانحة والداعمة لمختلف مشاريع التنمية في بلادنا.

اذا لم يحدث ذلك نخشى ان تكون الجهود الطيبة والجميلة المشرفة في خليجي 18 قد انتهت من حيث بدأت.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى