الديمقراطية اليمنية.. بين صمت الكبسي و The Sun البريطانية

> د. هشام محسن السقاف:

>
د. هشام محسن السقاف
د. هشام محسن السقاف
يستطيع الأخ الشيخ سلطان البركاني رئيس كتلة المؤتمر في مجلس النواب أن يقول عن صحيفة «الأيام» ما يشاء وقتما يشاء، لكنه لن يبلغ شأواً في دنيا الديمقراطية اليمنية التي يفاخر بها حزبه الحاكم الحزب الجمهوري في الولايات المتحدة الأمريكية. فغاية الصحافة البحث عن الحقيقة وليست هناك عصمة لأحد في حدود القانون إلا في اليمن حيث يتسامح المذهب الزيدي ويلغي عصمة الأئمة ولا يتسامح منظرو السلطة في عصمة رئيس الوزراء إن هو سافر أو تعالج من مرض أو اختلف مع أحد من إخوانه في بيت الحكم ولجأ إلى إحدى الدول، وتسريب مثل هذا الخبر- الذي هو حق مكتسب من حقوق العمل الصحفي - إلى الصحافة، فإن الأمر يصبح بمثابة عداء للنظام وخروج عليه وترويج للثورة!! والسبب بسيط جدا ويعود إلى أن ثقافة الهيمنة والسجون القائمة في أقبية الشيوخ والمتنفذين مازالت تعشعش في أذهان أصحابها بما لا يفرقون بين صحف يستفيد منها الباعة وأصحاب المطاعم والمخابز وتروج لأطنان وأهرام من حجر الأساس الذي يضعه المسؤولون في بهرجة المناسبات، وبين الصحافة الحرة التي تمتهن العمل في بلاط صاحبة الجلالة بأخلاقيات المهنة وبما يحترم عقل وذهن وكيان القارئ. فإذا شاء الشيخ البركاني أن تكون «الأيام» واحدة من صحف الصنف الأول فذاك شأنه وما نيل المطالب بالتمني، فشأن «الأيام» ملك لقرائها ومحبيها قبل أصحابها، وقد شاءها المؤسس والأبناء أن تسير على نهج قويم لا يحيد عن الحقيقة، حتى وإن كانت الحقيقة في هذا الزمان السيء بمثابة جمرة من جهنم يقبض عليها المخلصون لهذا الوطن رغم تخرصات المنتفعين من هذه الرداءة التي لن تتسرمد طويلاً في حياتنا.

ونذكر فقط أن صحيفة The Sun البريطانية استطاعت الوصول إلى تسجيلات بالصوت والصورة سرية من مبنى البنتاجون لاثنين من الطيارين الأمريكيين اشتبها في قافلة عسكرية تضع اللون البرتقالي على عرباتها للدلالة على أنها قوة حليفة أو صديقة وبعد حوار بين الطيارين صمم أحدهما على قصف القافلة العسكرية ما أدى إلى مقتل جندي بريطاني، فكان على الجانبين الأمريكي والبريطاني أن يتسترا على هذا الأمر ورميه كليا على المقاومة العراقية، لكن هذا التستر لم يدم طويلا فقد كشفت الصحيفة هذه القضية للرأي العام، ومع ذلك لم ينبر أحد لرمي سهام النقد والتخوين والترهيب لصحيفةThe Sun وهو ما يجعلنا ملزمين تماما بالتواضع عند تقييم أنفسنا وديموقراطيتنا ولا نذهب مذهبا يمسح الأرض اليمنية بمنظار وردي كما يفعل المنتفعون من طبيعة الأوضاع المتردية.

من حق الصحافة أن تعبر وتستقصي كما تشاء ضمن الضوابط القانونية والأخلاقية حتى وإن كان قانون الصحافة الحالي والآخر المزمع تطبيقه لا يفيان بمتطلبات حرية الصحافة والديمقراطية الحقة، وهما مع كل هذه المثالب لا يرضيان - أيضاً - الذين رضعوا من ثدي الشمولية والديكتاتورية ويريدون صحافة تشبه السيد الكبسي مندوب الإمام في الجامعة العربية في صمته الدائم أثناء نقاشات الجامعة العربية، إلا ما يكون من تسبيح وتحميد للأوضاع القائمة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى