هبة الله في الخلق سر الجمال

> «الأيام» روماس عبدالقوي عبدالله - عدن

> في زمن غدت فيه مظاهر القبح بادية وشرعة الغاب بين البشر متفشية، يهفو المرء عوضا أو قل إن شئت هروبا من ذلك بإثراء وعيه الجمالي بالترحال عبر الكون ليستطيع تحمل وطأة هذا الواقع القبيح. بيد أن الوعي الجمالي يرتبط بالوعي الفكري ومحوره كيف تنظر للكون وللحياة والأحياء وكيف يمكن تفعيل الحواس لتتذوق الجمال وهذا هو المنطلق لإدراك الجمال الحقيقي.

أقسام الجمال ثلاثة: مادية كونية ومعنوية نفسانية ومزيج بينهما، وما أريد الإشارة إليه من هذا المنطلق هي محاولة لجذب الفكر والحواس لتذوق الجمال المادي والكوني في بعض حقائق الكون وأحيائه، يقول الرفاعي في كتابه من وحي القلم: «أحكم حكماء الدنيا لا يستطيع أن يتبين جزءً صغيرا من الكون على حقيقته إذا كانت حواس الجسم غير مهيأة لذلك، ففهم جزءٍ من الكون فهما صادقا جازما لا يتم إلا بفهم الكون بأجمعه فهو كله ذرة مكبرة إلى ما لا ينتهي ولا يحد.

ولم تعترف النظرة القديمة للعلم ومبناها مادي خالص بعنصر الجمال كمبدأ من مبادئ العلوم فهو برأيها لا يمكن قياسه أو وزنه أو اختباره، ولذا اعتبرته انعكاسا من المراقب للظاهرة وليس صفة من صفاتها الكامنة. خلاصة القول، الجمال عنصر أصيل عند النظر إليه والتأمل في سر الحياة والكون، فليس الأمر متوقفا عند تلبية الضرورات من طعام وشراب وتناسل وركوب بل يتجاوز ذلك تلبية حاسة تذوق الجمال والحاجة إلى الزينة قال تعالى: {والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس إن ربكم لرؤوف رحيم، والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون} النحل/ 5-8 . فالجمال قيمة معنوية مبثوثة في الكون جماداته وأحيائه، ففي الوجود الجامد الميت جمال كما الحال في الوجود الحي ولا ينبغي أن يُرى هذا الجمال المتغلغل في الكون دون تذوقه ورؤية مبدعه ومن ثم حبه إذ لا يتصور محبه حقيقته إلا بعد معرفة وإدراك، ويبقى الترحال نشداناً للجمال وتذوقه كلما غدت مظاهر القبح بادية وشرعة الغاب بين البشر متفشية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى