يوم من الأيــام .. ضريبة من نوع آخر

> عمر محمد حليس:

>
عمر محمد حليس
عمر محمد حليس
فجأة وعلى غير المتوقع وعكس المعتاد وجدت نفسي أكتب عن الضريبة وهي ليست (ضريبة المبيعات) المثار حولها جدل واسع هذه الأيام.

هذه الضريبة يدفعهاأو دفعها غالبية الناس أو معظمهم ولكن في البداية أقول للأستاذ الدكتور محمد عبدالله باشراحيل رئيس قسم الإحصاء (الاسكوا الأمم المتحدة) -سابقا- اعذرني لأنني ربما تدخلت فيما لا يعنيني أو لعلي تطفلت في شيء أخوض فيه وهو ليس من اختصاصي وهذا صك اعتراف.

فالضريبة يا أستاذي الدكتور أبا هشام ربما تكون أنت وغيرك قد دفعتموها ذات يوم وهي التي أقصدها طبعا، لا يكون طرفاها (مواطنا وموظفا للضرائب) ولا يذهب ريعها إلى خزينة الدولة، لكنها ضريبة تدفع دون سبب، تدفع بلا شرط ولا تستند إلى قانون.

وقد تكون هذه الضريبة مربحة والربح ليس شرطا أن يكون دائما بالمفهوم المادي ولكنه قد يكون معنويا وكبيرا انطلاقا من المثل القائل:

(الضربة التي لا تؤلمك تقوي عضدك) -وهذا في نظري- ينطبق على صحيفتنا الغراء «الأيام» التي تدفع ضريبة صدقها فيزيدها ذلك توسعا وانتشارا وسمعة جعلتها تقفز إلى أعلى المستويات.

إنها ضريبة الصدق وحسن النية في مجتمع يعترف الجميع بوجود قصور كبير واختلال أكبر وهوة عميقة بين الأقوال والأفعال والسلوكيات والممارسات نظرا للاختلاف الملحوظ في المستويات الثقافية وتنوع مصادرها وتفشي الأمية بشقيها (السياسية والأبجدية) وهنا لابد من التذكير بمثل يقول:«لا تحذر من الجاهل، بل احذر من أنصاف المتعلمين»! ضريبة الصدق وحسن النية طرفا معادلتها، إنسان لا يملك من حطام دنياه إلا صدقه وحسن نياته، لكنه يكتشف ذات يوم أنه اصطدم بجدران الثقافة المتبلدة ثقافة التعامل بالرفض باستخدام أساليب وطرائق ما أنزل الله بها من سلطان ولا تمت إلى قوانين الحياة الوضعية ونواميسها بصلة فيصطدم بها أصحاب الصدق وحسن النية لا لشيء بل لأنهم حملوا على كاهلهم هذه الطباع التي ولدت ونمت معهم لكنها تتعارض مع ما يحمله غيرهم ممن لا يرون إلا أنفسهم في مرآة الواقع ولا يحبون أن يسمعوا إلا أصواتهم التي تملأ الدنيا ضجيجا وغبارا.

ضريبة الصدق وحسن النية يدفعها أغلب الناس كما ذكرت سلفا، يدفعها ربما الوزير والوكيل والمدير وبمعنى أكثر وضوحا فهي لا تعترف بحدود ولا مكانة.

لكن قد يأتي من يقول ما هو السبيل والحل للخروج من ذلك؟

وبسهولة أقول: طبعا ليس بالتنصل من تلك الطباع المكتسبة والتطبع بغيرها، لكني أرى أن الحل هو أن يحسن المرء اختيار المحيطين به إذا كان ذا منصب معين، فحسن الاختيار للبطانة الصالحة التي تخاف ربنا -سبحانه وتعالى- في المقام الأول والأخير هو أحد الطرق لعدم دفع ضريبة من هذا النوع.. أما في حالة أن يكون المرء عاديا فمن واجبه بالمقابل التمعن وعدم الانجرار وراء عواطفه وتوزيع ثقته في غير محلها لأن ذلك في النهاية قد يجعله يدفع ضريبة يندم عليها عمره.

إن كل ما تقدم لا علاقة له بالخيال ولا هو بكلام نرجسي لكنه بعض من صور الواقع التي ارتأيت أن أسطرها هنا وعبر هذه الصحيفة «الأيام» الغالية جدا على قلبي وأنت عزيزي القارئأاينما كنت اسقطه على نفسك فبالتأكيد ستجدك قد وقعت فيه إن لم تكن واقعاً فيه الآن.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى