المحطة الأخيـرة .. الطوابير والناس والدولة

> علي عمر الهيج:

>
علي عمر الهيج
علي عمر الهيج
طوال تلك السنوات العجاف والناس واقفون في الطابور.. طوال ذلك الزمن والمواطن يحلم بتحقيق الأمنيات الجميلة.. فكانت تراوده طموحات البهجة والسرور في أن يحصل على منزل صغير يؤويه هو وعائلته ثم وظيفة محترمة تؤمن له مصدر دخل كريم يحقق له الأمان والستر.

سنوات طويلة خلت وهذا المواطن في طابور النظام يتحرق شوقا لمعانقة هذه الأحلام البسيطة لينعم بالاستقرار والطمأنينة وحماية أطفاله من العراء حيث الرياح والبرد القارس والحاجة والجوع.

ومع مرور الوقت وكهولة طوابير الزمن تجلى لهؤلاء الناس أن الأعشاش التي شيدوها وحلموا بالاستكانة فيها لم تعد قادرة على الصمود والثبات في ظل ذلك المد والسلوك الجارف والفيضانات والزوابع المتلاطمة التي تفتقت لتحاصر وتغلق كل منافذ الأمل والصبر الطويل الموعود.

ورغم الالتزام بالطوابير ذات المرارات المتلاحقة إلا أننا رفعنا راية طوابير الأمل وتفاءلنا، ورغم الأحزان والانكسارات إلا أننا للوطن والخير أنشدنا، وبرغم الحاقدين الخارجين عن الطوابير إلا أننا في صناديق الوطن (طوبرنا) وغردنا وشاركنا.. ورغم الصعاب إلا أننا بالمستقبل الوضاء (طوبرنا) وكم طمحنا وكم تعشمنا. ومع ولائنا للأرض والوطن إلا أن أمنياتنا البسيطة تلك تكسرت وتطايرت أشلاؤها في العراء وراحت الساحة تشتعل مزاحمة وتنافسا بين رجال أشاوش أغرقوا الأرض فساداً وكساداً وحصاداً لكل خيرات الوطن.

تقطعت بنا السبل، فقد يثابر المرء فيهلك وقد يثابر فيتعثر وقد لا يثابر فينجح نجاحا ساحقا وقد يجتهد فيفشل فشلا ذريعا.. فتجلت للناس قوانين صريحة واختلت المعايير خاصة مع تفشي انقلاب فظيع في الفكر والسلوك وحجب الحقيقة ورفع راية الأباطيل. لماذا يحدث هذا؟ هناك فجوة كبيرة بين الدولة والناس، هذه الفجوة لا تسدها جبال الأرض وبحارها ومحيطاتها فالدولة هائمة هائمة، بقصد أو من دون قصد والقانون يذرف الدموع خجلا مهينا كما أنه يرفع الراية البيضاء وينحني إذلالا أمام الأشقياء وقراصنة الفوضى.

مسكين ذلك المواطن الذي تقرحت أقدامه وهو يقف في طابور طويل وطويل مؤمنا بالقانون ومنتظرا لسحابة الغيث التي حوصرت وسط «مربع الأشقياء» بينما المشرعون للسكينة يمرحون وسط التربة الخضراء ويحصدونها أوراقا نصرانية خضراء. مصلحون يشرعون «الاستتباب» فتراهم (يتعاصدون) على «حرف الواو» هل هو للعطف أم للمعية أم للجماعة فترفع الجلسة لاستشارة فقهاء النحو.. بينما الناس يقفون طوابير متزاحمة في الأرصفة والطرقات تتساقط منهم حبات العرق والقلق باحثين عن كوخ خشبي ورغيف قاسٍ وغطاء بليد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى