كركر جمل

> عبده حسين أحمد:

>
عبده حسين أحمد
عبده حسين أحمد
«ذات صباح نشرت الصحف الفرنسية خبر سرقة أجمل لوحة لصاحبة أجمل ابتسامة في التاريخ.. اللوحة اسمها (موناليزا).. وكانت معلقة في الصالون المربع في متحف اللوفر الذي أنشئ سنة 1793 ومساحته 49 فداناً.. أما الصالون المربع فقد تزوج فيه نابليون سنة 1810 من الأميرة النمساوية (ماريا لويز).. وفي هذا الصالون أروع التحف الفنية لعباقرة الفن في العالم.

< طبعا الخبر لم يصدقه أحد من الناس.. وقالوا: هذا غير معقول.. ويبدو أن الصحف تريد أن يرتفع توزيعها.. ولذلك كان الناس يقرأون الخبر ويلقون بالصحف دون أن يشتروها عقابا لها.. وانطلق خيال الناس.. وهم يبحثون عن كيفية وقوع السرقة: كيف دخل اللص وكيف خرج بعد أن نزع برواز اللوحة.. وكيف تسلق الجدران.. ولابد أن يكون قد ارتدى ملابس الحراس.. ولابد أن يكون قد درس طرق الدخول والخروج.

< ونشرت الصحف آراء القراء.. وتسابقت الصحف والمجلات في رصد المكافآت لمن يدل على اللص.. بل وعدت بإعطاء اللص مكافأة كبيرة جدا مع تأمين سلامته.. ووعدت بأنها لن تسأل اللص من هو ولا أين هو؟.. وإنما تعطيه المال الذي يطلبه دون أن تتعرف عليه.. وظهرت الرسوم الكاريكاتورية تسخر من المتحف ورجال الأمن والمدير والخبراء.. ونشرت صحيفة (باريس جورنال) في صفحتها الأولى هذا النداء للقراء: (من أجل الفن وسلامة المتحف ولوحاته النادرة نرجو إيقاظ الحراس إن وجدتهم نائمين).

< وهذه اللوحة من رسم الفنان العظيم (ليوناردو دافينشي) في سنة 1503.. وصاحبة الصورة زوجة رجل غني.. السيدة اسمها (موناليزا) وزوجها اسمه (فرانشيسكو دل جيوكاندو) ولذلك سميت اللوحة بالجوكندا أيضاً.. وقالوا إنها عشيقة الفنان الإيطالي دافينشي.. وظلت اللوحة في المتحف إلى أن سرقت منه يوم 21 أغسطس سنة 1911.

< ثم تلقى الناقد الإيطالي (جيري) خطابا من شاب إيطالي اسمه (ليوناردو) يقول إن لوحة الموناليزا عنده.. وإنه مستعد أن يردها.. ثم ترك عنوانه.. ولم يصدق الناقد الكبير أن تظهر اللوحة بهذه البساطة.. وذهب مع ليوناردو إلى أحد الفنادق.. ووجد اللوحة تحت السرير.. وكان ذلك يوم 21 نوفمبر سنة 1913.. واستدعى عدداً من تجار اللوحات ومن الخبراء.. وأجمعوا أن اللوحة صحيحة.. وطلب ليوناردو مائة ألف دولار ثمنا لهذه اللوحة.. أما الاسم الحقيقي للص فهو (فنشنزو بروجيا) وكان يعمل نقاشا في متحف اللوفر لحساب أحد المقاولين.. وأنه قد ارتدى ملابس رجال الأمن ونزع اللوحة من مكانها وأخفاها في ملابسه.. وألقى ببروازها وخرج دون أن يلتفت إليه أحد.

< أما أسباب السرقة فلأنه إيطالي.. وهذه اللوحة إيطالية.. وقد سرقت من إيطاليا.. فلابد أن تعود اللوحة إلى أصحابها.. وأنه تولى بنفسه إعادة اللوحة.. فالدافع على السرقة هو الانتقام من فرنسا لإيطاليا.. وأعلنت إيطاليا أنها سوف تعيد اللوحة إلى فرنسا.. ولم يفلح المحامون في إقناع القاضي بأن اللص شاب نبيل.. وأنه سرق اللوحة لأسباب وطنية.. ولم يقتنع القاضي بأن هناك سرقات نبيلة وسرقات دنيئة.. (فاللص هو اللص).. وحكم القاضي بسجنه».

< وعندنا يسرقون الأرض والحجر والشجر.. ولا أحد يحاسبهم أو يعاقبهم.. فأين دولة النظام والقانون؟!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى