على خلفية علاوة المعلمين .. (صنعاء) التي لا تصلها القيامة!!

> د. سعيد سالم الجريري:

>
د. سعيد سالم الجريري
د. سعيد سالم الجريري
من النكات البالغة الدلالة على إحساس المواطن بالمعاناة من (المركزية) الإدارية الممقوتة، ما يرويه الناس هنا عن أن رجلاًأفاق على يوم القيامة، فلم يجد اسمه ضمن الداخلين الى الجنة، فقيل له: لعلك من أهل النار. فذهب المسكين راضيا بقدره، ولو في جهنم، فلما أيقن أن لا مكان له في الجنة أو في النار- ولا توجد منطقة وسطى ما بين الجنة والنار - صاح محتجا، فقالوا له ببرود أعصاب: «روح تابع في صنعاء»!!

تذكرت هذه النكتة الحامضة المرة القاسية، عندما تناهى إلى سمعي أن عددا غير قليل من مستحقي علاوة طبيعة العمل في حضرموت أُسقطت (ولا أقول سقطت) أسماؤهم من كشوفات الاستحقاق، ومنهم من هو وكيل أول أو وكيل في مدرسة، ويؤدي عمله بتفان وإخلاص ونكران للذات بشهادات رسمية، حتى إذا أخرجت الكشوفات للناس، فتش عن اسمه ضمن الوكلاء فلم يجده، فقيل له: إن (الجماعة) في صنعاء (أرادوا) لكل مدرسة وكيلا واحدا. فقال لنفسه: لعل اسمي ضمن المعلمين.. فتش كشوفات المعلمين فلم يجد لاسمه ذكرا!! ماذا إذا، لا وكيل ولا معلم؟! صاح محتجاً.. فقالوا له: «بانتابع في صنعاء..».

هذه عينة باردة من قضايا العبث بالحقوق، ليست المادية فحسب، وإنما الأدبية والأخلاقية والاعتبارية، فالجهة التي عينت أولئك مسؤولة قانونيا وأدبيا عن حفظ حقوقهم، ولا معنى ولا مبرر لإسقاط الأسماء بحسب الحالة المزاجية (في صنعاء)، لأن صنعاء لا تعلم دبيب النمل في حضرموت.

يتساءل المعنيون: كيف نتحدث عن تطوير التعليم ونعقد الندوات والمؤتمرات والورش عن استراتيجياته ونحن لا نستطيع الحفاظ على أدنى حقوق من يديرون التعليم ويمارسونه؟! غير أن من عجائب ما يحدث أن إسقاط أسماء أولئك من الاستحقاق يقابله إدراج آخرين لا علاقة لهم بمزاولة المهنة والطباشير ليحصلوا - ويا للغرابة - على العلاوة غير المستحقة، في عملية أقل ما يقال فيها إنها تحايل في أوراق رسمية، إذ فوجئت المدارس بأعداد من غير المعلمين والمعلمات يحالون إليها على أنهم معلمون ومعلمات.. هكذا!! فيثبت في الكشوفات من لا يستحق ويسقط منها من يستحق!! فلماذا يحدث هذا؟

إن ما لا يقل عن (1200) هم المتضررون من هذا الإجراء البارد.. وإذا سألت عن تصحيح ما حدث، على اعتبار أن الخطأ غير مقصود، سيقال لك ببرود: بعد شهور أو ربما سنة.. ومن يدري؟

إننا في عصر تغذية الحواسيب والحكومات الالكترونية، ولم نعد في عصر الكتابة على الجلود أو الشجر أو الطباعة على الشمع.. فلماذا يحدث هذا؟ ومن المسؤول عنه؟

إن الضرر ضرران: مادي ومعنوي.. فإذا ما تدارك المسؤولون الضرر المادي لاحقا (وهو أمر غير مقبول)، فمن المسؤول عن الضرر المعنوي؟

ألا يحق للمتضررين مقاضاة من تسبب في إلحاق الأذى المادي والمعنوي بهم؟ أم أن قدرنا أن نفيق كما في كل قضية على لحظة فلا نجد لأسمائنا وجودا في جنة أو نار أو بينهما.. فنحتج بصوت عال، ويقال لنا ببرود عال: «تابعوا في صنعاء».

وصنعاء التي نقصد، حتى لا تفهمونا غلط، ليست العاصمة، ولكنها العقلية التي تعبث بالحقوق.. ويتساوى في ذلك من هو في المكلا أو سيئون أو عمد أو الضليعة أو ساه أو حجر أو المعيملة أو زغفة أو سدبة أو سعاد الزبينة يا بلادي!!

إلا أن صنعاء هي المسؤولة عن إدارة كل شيء بهذه الطريقة غير المنطقية، ولذلك تضيع حقوق واستحقاقات كثيرة، ونخرج من كل قضية دون أن يُحاسب أحد.. فإلى متى تظل عيوننا مشنوقة بين الجنة والنار، وتظل (صنعاء) منطقة لا تصلها القيامة تنتظر من يتابع وضعه.. حتى في الآخرة؟!!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى