> اصبح من المعلوم عند الجميع منذ فترة طويلة ان سباقات فورمولا واحد هي الاكثر كلفة بين جميع الرياضات وستبقى كذلك رغم الجهود التي يقوم بها القيمون عليها وعلى رأسهم الاتحاد الدولي للسيارات (فيا) الذي وضع العديد من القوانين في المواسم الاخيرة بهدف تخفيض التكلفة وبدأ يركز على هذه المسألة بشكل كبير وكانت النتائج قانون تجميد تطوير المحركات اعتبارا من الموسم الحالي الذي ينطلق الاحد المقبل على حلبة البرت بارك الاسترالية.

وينص القانون الجديد بوجوب استخدام المحرك ذاته (من حيث النوعية) الذي استخدم في آخر سباقين من بطولة 2006 حتى نهاية موسم 2010... وحدد الاتحاد الدولي الاهداف نحو رياضة أقل كلفة بحيث تتضمن العناوين الرئيسية للتعديلات التي سيتم تطبيقها بشكل كبير اعتبارا من عام 2008 اتاحة الفرصة أمام الفرق المتواضعة التي تفتقر الى الراعي الرسمي الكبير، الذي يغطي قسما كبيرا من التكاليف العالية، للمنافسة بشكل أفضل، كما تقلل الهوة بين فرق الطليعة وتلك الاقل شأنا.. وبدأ الاتحاد الدولي العمل على هذه التعديلات منذ بداية عام 2005، وشارك في دراستها وتحضيرها جميع المسؤولين عن فرق البطولة، كما كان لتسعين الف من المشجعين من 180 بلد حول العالم فرصة إعطاء رأيهم عبر اقتراحات وجهت الى مركزي ال"فيا" في جنيف وباريس.

وتواجه بطولة العالم مأزقا حقيقيا بسبب التكاليف المرتفعة والتفاوت الشاسع في ميزانية الفرق المشاركة، اذ ان معظم الفرق الصغيرة لا تتجاوز موازنتها في الموسم الواحد اكثر من 100 مليون دولار، في حين ان الفرق الكبيرة مستعدة لدفع ما يتجاوز حدود 300 مليون دولار، مما يقلل من قدرة الصغار على منافسة الفرق الكبيرة والمنحصرة بثلاث او اربع شركات على اقصى تقدير.. وقد أجرت إحدى المجلات المتخصصة برياضة الفئة الاولى تحقيقا تبين خلاله ان تكلفة بطولة عام 2006 وصلت الى حدود 3 مليارات دولار أنفقها 11 فريقا، معتبرة ان هذه الفرق وجدت اماكن تنفق عليها لم يفكر فيها اي من مزاولي هذه الرياضة في السابق.. وتصدر فريق تويوتا ويتبعه فيراري وماكلارين مرسيدس من حيث الانفاق في عام 2006، ويبدو ان فرقا مثل بي ام دبليو ساوبر وهوندا وحتى ريد بول ريسينغ تضيق الفارق الذي يفصلها عن الثلاثة الاوائل برفع حجم ميزانيتها السنوية سعيا وراء الارتقاء نحو المراكز المتقدمة..ويتركز الانفاق الاساسي لهذه الفرق في ثلاثة محاور هي المحركات ثم الانسيابية ورواتب السائقين والطاقم الفني والتقني، بحيث يذهب 90 بالمئة من الميزانية في هذه المحاور، فيما ينفق القسم المتبقي (10 بالمئة) على السفر والاقامة والحفلات ومراكز البحث والتطوير.. وأجاب مدير احد الفرق سابقا على سؤال ما هي التكاليف الثلاث الابرز بالنسبة لأي فريق قائلا "المحركات والمحركات والمحركات".. وهذا الامر تجسده هوندا بالارقام، اذ انفقت 250 مليون دولار على برنامج تطوير المحرك، أي اكثر من 65 بالمئة من ميزانيتها السنوية، والامر ذاته ينطبق على الثلاثي تويوتا وماكلارين مرسيدس وفيراري..وأثبتت رينو انها الفريق الاكثر حكمة، اذ انفقت العام الماضي على المحرك نصف القيمة التي انفقتها هوندا اي 125 مليون دولار وتمكنت رغم ذلك من الظفر بلقبي السائقين والصانعين للعام الثاني على التوالي. وكان محرك كوزوورث الذي استعانت به وليامس وسكوديريا تورو روسو مثالا يحتذى به من حيث الاقتصاد الموجه اذ لم تتجاوز تكلفته 15 مليون دولار ورغم ذلك حقق نتائج مقبولة مقارنة مع الاموال التي انفقت في الفرق الاخرى..ونظرة الى الاموال الطائلة التي تصرف على المحرك، تظهر ان قرار رئيس الاتحاد الدولي للسيارات ماكس موزلي كان صائبا دون ادنى شك في تجميد تطوير المحركات، ما سيخفض قيمة التكلفة وستظهر النتائج اعتبارا من هذا الموسم. اما العامل الثاني بعد المحركات من حيث استقطابه للاموال الهائلة هو نفق الرياح "ويند تانيل" الذي يقتص 20 بالمئة من ميزانية الفرق سنويا بهدف تحسين العامل الانسيابي، ومعظم الفرق الكبرى كفيراري وماكلارين مرسيدس تملك نفقين مخصصين لهذه الحاجة تكلفة الواحد تبلغ 40 مليون دولار وهذا قبل ان يوضع في الخدمة، ما يعني ان هذه التكلفة هي اولية وستزيد مع اضافة رواتب 60 او 80 موظفا لتشغيل النفق، ما يعني ان الفرق ستتكلف 20 مليونا اضافية لتغطية هذه الرواتب وتشغيل المنشأة..ويشكل مركز الابحاث والتطوير المحور الثالث في النفقات، اذ تملك الفرق الكبرى 7 مراكز متخصصة بشكل اساسي بدراسة تماسك السيارة وتفاعلها مع الاطارات، بالاضافة الى غيرها من المناطق التي يمكن ان تكون موضع بحث وتطوير في السيارة، والملخص 10 ملايين سنويا لتفعيل هذه الناحية.. ويبني كل فريق بين 7 و8 هياكل خلال الموسم بتكلفة 500 الف دولار لكل واحد، ثم يضاف الى ذلك الاموال التي تصرف خلال الموسم على التجارب والسباقات ما يصل بالتكلفة الخاصة بهذه الناحية الى 40 مليون دولار..اما بالنسبة للرواتب فتعتبر فيراري وتويوتا الاكثر انفاقا اذ يضم فريقهما بين 800 والف عامل، والامر مشابه عند ماكلارين مرسيدس، والتكلفة التي يتكبدها كل فريق لتغطية هذه الرواتب حوالي 40 مليون دولار سنويا. ونصل الى ما يتقاضاه السائقون، وفي هذه الناحية يظهر الفارق الشاسع بين فرق المقدمة والمؤخرة، وما يحصل عليه الفنلندي كيمي رايكونن سنويا من فيراري يقارب 51 مليون دولار، في حين ان الراتب السنوي للبريطاني انطوني ديفيدسون المنتقل الى سوبر اغوري لا يتجاوز المليون دولار. ومجددا أثبتت رينو بسياستها الحكيمة وقيادة مديرها الايطالي فلافيو برياتوري انها تحصل على افضل الصفقات بأقل كلفة ممكنة، فتعاقد الفريق الفرنسي مع الاسباني فرناندو الونسو مقابل مبلغ يناهز المليون دولار، وكانت النتيجة ان ابن مدينة اوفييدو قاده الى اللقب في العامين الماضيين قبل ان يتركه الى ماكلارين حيث سيتقاضى 30 مليون يورو سنويا..ويأمل برياتوري ان يكرر هذا الامر مع سائقه الجديد الفنلندي هايكي كوفالاينن الذي سيحل بدلا من الونسو هذا الموسم ليقود الى جانب الايطالي جانكارلو فيزيكيلا..وتبقى نفقات السفر والاقامة نسبية حسب كل فريق على حده، ففيراري مثلا تسافر وموظفيها في الدرجتين الاولى أو رجال الاعمال وتقيم في فنادق 5 نجوم، فيما تقتصد وليامس في هذه الناحية بفنادق 3 نجوم، والخلاصة ان تكلفة السفر والاقامة تتراوح بين 7 و10 ملايين دولار سنويا.. ولا يمكن التغاضي عن المصاريف التي تتكبدها الفرق في سعيها نحو استقطاب الراعي الرسمي والتي تصل الى 15 مليون دولار سنويا، علما ان معظم الفرق تتعامل مع وكالات متخصصة تحصل على 10 بالمئة من قيمة الصفقة التي تعقدها لصالح الفريق.

تجدر الاشارة الى موضوع اضافي تقوم الفرق في الاشراف عليه من اجل تجميل صورتها الاعلانية، وهي حملات اطلاق السيارة للموسم الجديد، اذ ذكرت بعض التقارير ان ماكلارين انفقت 10 ملايين دولار خلال اطلاق "ام بي 4-22" في فالنسيا. ويمكن القول بعد هذه النظرة المالية على ميزانيات الفرق ونفقاتها ان رينو هي بالفعل الاكثر حكمة.

وتم مقارنة ما أنفقته خلال 2006 والنقاط التي حصلت عليها مع نهاية الموسم وتبين ان النقطة الواحدة كانت تكلفتها 6ر1 مليون دولار، اما تويوتا فانفقت 11 مليون دولار نقطة مقابل النقطة الواحدة.