الضحك من الوجع والحزن!

> محمد علي محسن:

>
محمد علي محسن
محمد علي محسن
ثلاثة مواقف ظريفة ومبكية في آن واحد وفي أسبوع واحد، كيف لضحكة من عالم الفرح والحبور الولادة من ثنايا الحزن والألم وفي لحظة ومخاض واحد.. لا أدري؟ كل الذي أعرفه ومتأكد من حدوثه هو أنني عشت وشاهدت ثلاثة مواقف مختلفة وفي ظرف أسبوع، في كل مرة وجدت نفسي لا إرادياً أطلق قهقهة مدوية في صمت وحزن المكان أسوة بعشاق الأفلام الهندية، الفارق الوحيد ربما أن مشاهدة فيلم هندي تستهل بتراجيديا تفطر القلوب الطيبة وتدمع المآقي سرعان ما تتوقف لتعلو الابتسامة والفكاهة كلما اقتربنا من لحظة النهاية أو العكس، أما ما نراه واقعاً فبكل تأكيد مثقل بالقصص والحكايات الموجعة والمؤلمة التي تجبرك في أحايين كثيرة على الامتثال لرغبة جامحة في الضحك ولو من باب السخرية والاندهاش تجاه أعجوبة الدنيا.

في زحمة الحديث عن الإصلاح الإداري والبطاقة الوظيفية الممغنطة وفي ظل إستراتيجية الأجور وتدشين العمل بنظام البصمة والصورة، كان وسط هذه المعمعة ثلاثة مواقف تدعو للرثاء والضحك معاً، أول هذه الحالات ما قرأته في صحيفة «الثورة» الرسمية .

وفي الصفحة الأخيرة عن اكتشاف وزارة الخدمة المدنية موظفا يشغل 32 وظيفة موزعة على وزارات وهيئات ومؤسسات حكومية، ولم تخف الصحيفة سبقها بنشر مثل هذا الخبر بل تعدى للاحتفاء به كرقم عالمي يسجل باسم اليمن باعتبارها البلد الأول الجدير بحمل اللقب العالمي إذا لم نقل في موسوعة جينيس للأرقام القياسية، ومع كل ما عثر عليه من مأثرة وأعجوبة قلما توجد مثلها في الأساطير الخرافية أو حكايات السبع المدهش، مازال الموظف يرفض دعوة الوزارة المتكررة، لا لحبسه ومحاسبته إنما لطلاق 31 وظيفة واحتفاظه بواحدة، تصوروا يا قوم! يحدث هذا في الألفية الثالثة ولا نبكي ونضحك!

الحالة الثانية ذكرها الأخ حمود خالد الصوفي، وزير الخدمة المدنية والتأمينات في معرض حديثه عن استراتيجية وزارته للقضاء على الازدواج الوظيفي والتشريعي ومما أفصح به معاليه يتمثل بتركة ثقيلة من القوانين الشطرية ومن المسميات الوظيفية الناتجة عن العمل بقوانين ثلاث جمهوريات هي جمهورية اليمن والجمهورية العربية والجمهورية اليمنية مستشهداً باثنين من القضاة على غياب التوصيف الوظيفي العادل والمتساوي، الأول تم تعيينه بالقضاء المدني بمرتب 95 ألف ريال شهرياً بينما الآخر في القضاء العسكري بمرتب 25 ألف ريال. ما لم يستذكره الوزير هو إحالة جيش كبير للتقاعد قبل الهيكلة وبعدها، وعلى أي أساس من القوانين؟

لا نعلم! إذ يكفي الإشارة لأن من بلغ أحد الأجلين بشهرعن هيكله الأجور يتقاضى أقل بكثير من موظف مستجد، كما أن عقيداً مرتبه يتراوح ما بين الثلاثين والأربعين والخمسين، وكل بحسب حظه في الإحالة للمعاش والأعجب أن تجد من خدمته تجاوزت 40 عاماً بمعاش 18 ألف ريال وآخر ولد من رحم الهيكلة وبدرجة تحت الاختبار بضعف المعاش.

الحالة الثالثة ما سمعته من أحد المحالين للتقاعد في سن مبكر، سؤال مفاده الإحالة القسرية للمعاش بمجرد تخرجه وقبل مباشرة عمله بل وقبل إحالة أبيه إلى المعاش!

ولا نقول جندرمة الإمام، تصوروا: أناس بتأهيل عالٍ وفي عنفوان العطاء والإبداع في البيوت فيما آخرون لا وظيفة لهم سوى الاستقطاع للمرتبات أو البسط على البقع أو الاحتفاظ بمخلفات الدولة العثمانية ومحاربة أية إصلاحات، هؤلاء هم حاضر ومستقبل البلد، ألم أقل لكم إن حالنا يستفزك للضحك حتى وأنت في أشد حالات الوجع والحزن.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى