الذكرى والوفاء

> جمال مهدي:

> تمضي السنون.. يتقلب الزمن.. وتظل الذكرى ناقوساً يرن في عالم النسيان.. كلٌّ يتذكر بطريقته عزيزاً رحل من هذه الدنيا.

شريط من الذكريات به محطات أتوقف عندها.. أتأملها وللذكرى ميزات.. عنوانها الوفاء الذي نفتقده مع زحمة الأيام.. وهموم الحياة التعيسة.. العجيبة.

تحل يوم الخميس الموافق 22 فبراير الذكرى الرابعة لرحيل شهيد الوطن والواجب الطيار صلاح محمد عوض النجار.. أتذكره بكلمات أسطرها على صحيفة كـل النـاس «الأيام» التي طـالما كـنا نتصفحها معاً بين لحظة وأخرى.. والتي لم يخطر بباله قط أن يعلن نعيه عبرها.

رحل صلاح وترك بصمات طيبة في قلوب كل محبيه وأصدقائه.. علاقتي به امتدت منـذ المرحلة الدراسية الابتدائية حتى أكملـنا الثانوية، اختار بعدها أن يكـون طياراً، وغادر إلـى الاتحاد السوفيتي.

عاد بدرجة امتياز، والتحق بالقوى الجوية قبل الوحدة المباركة، وبدأت رحلة العناء التي كنا نراها هكذا.. ويراها هو المتعة والإبداع والشجاعة، وبرغم الطيران المحفوف بالمخاطر، إلا أنني لم أره يوماً إلا مبتسماً بشوشاً، يسأل عن الأصدقاء، يعود المرضى، يزور الأهل والأقارب.

صديق قلما نجده في زمن تناثرت فيه قيم ومعاني الوفاء.. مات صلاح وترك وراءه أسرة مفعمة بالخير ومحبة الناس، ترك وراءه صلاحاً آخر.. ابنه البكر (حسام) الذي شرب منه الذكاء والتصميم والإرادة.. الحسام الذي يقطع الوقت والطريق، متفوقاً في دراسته (العاشر على مستوى محافظة عدن) في نهائي الثانوية.. وتفوقت ماريزا صلاح الابنة الثانية وجاءت الثالثة على مستوى المحافظة (بنات).

وبرغم الفاجعة وألم الرحيل إلا أن أسرته تواصل المسيرة، يعيشون تحدياً كبيراً، عازمين على أن تستمر الحياة.. هذا ما قرأته ووجدته في أخيه خالد الذي بدا مصراً على بلوغ ما كان يتمناه الراحل في أن يرى أولاده متفوقين.

حدثني خالد ذات مرة وأنا أمازحه عن زواجه، فقال:

معركتي مع الحياة.. فأنا متزوج مستقبل أولاد الراحل الشهيد.. كيف أوصلهم إلى مراتب من العلم والمعرفة.. حينها ستغمرني السعادة.. وينام صلاح قرير العين.

فرحمة الله على من قدم نفسه رخيصة للوطن.

أخوك وصديق الدراسة

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى