شاب من هواة العمل الإعلامي ينشئ قناة تلفزيونية بحضرموت ..والداي شجعاني على الفكرة وهذه قصة نجاحها

> الشحر «الأيام» محمد سالم قطن:

>
الطالب عمر أحمد عرم، صاحب قناة «العصرية»
الطالب عمر أحمد عرم، صاحب قناة «العصرية»
منذ بضعة أشهر، لاحظت عودة شبكات الهوائيات العادية، التي كنا نستقبل بها البث التلفزيوني قبل ظهور الصحون اللاقطة (الدش)، على أسطح العديد من منازل مدينة الشحر. كذلك أخبرني أحد تجار الأدوات الكهربائية في المدينة أن الطلب على هذه الشبكات ازداد، بعد أن ظلت كاسدة في محله والمحلات الأخرى لعدة سنوات، الأمر الذي جعله يذهب إلى الحديدة ويشتري منها المئات لمواجهة هذه الطلبات المفاجئة. وعند التحري عن الدافع لهذه الظاهرة، اكتشفت أن شابا من أبناء الشحر قد أقام في منزله قناة تلفزيونية يبث منها عبر جهاز صغير للبث يغطي تقريباً مساحة كيلو متر مربع من أجواء المدينة.

عصر يوم من الأيام الماضية، وكنا في مجلس مقيل بمنزل أحد الأصدقاء بحي الثورة، شاهدنا ما كنا في انتظاره. افتتح الشاب (قناته) بكلمة تحية قصيرة للمشاهدين، معلنا بدء البث لذلك اليوم من القناة التي أسماها القناة العصرية، صورة الشاب الصغير ظهرت لنا واضحة، وعرفنا من خلال الصورة أنه يستخدم كاميرا فيديو كمبيوتر على شاكلة تلك التي نستخدمها في برامج (الشات) والماسنجر عبر الانترنت. لحظات مرت وإذا بالشاشة أمامنا تمتلئ بلوحة ملونة عليها (ترويسة) المحطة مكتوبة بخط جميل وتحتها عنوان ورقم هاتف منزل ورقم هاتف جوال مع اسم الشاب. قدم الشاب بعد ذلك على محطته بعض الإعلانات عن محل للنظارات بالمدينة ثم قدم برنامجاً للمسابقات الفكرية تحت عنوان: فكر واربح. فوجئنا بكثرة الاتصالات التي تلقاها الشاب في محاولة الإجابة على السؤال الذي قدمه، وكان بالمناسبة عن المسجد الأقصى. كنا طوال عشرين دقيقة نستمع إلى عشرات الإجابات تسبقها تعريفات بأسماء المشاركين الذين كان من بينهم شباب وأطفال ومعلمون ونساء وشابات. توصل إلى الإجابة الصحيحة حوالي ثلاثة من المتسابقين. حصل ثلاثتهم، كما أعلن المذيع، على جوائز أشار إلى أنها مقدمة من محل النظارات الذي كان محور الإعلان الذي سبق هذا البرنامج. توقف البث لدقيقتين تقريباً، لتعاودنا بعدها إطلالة هذا الشاب على الشاشة معلنا لنا أن المحطة ستقدم لنا جلسة طرب خاصة للفنان الكبير الراحل (بدوي الزبير). طابت جلسة المقيل لأكثر من ساعة كاملة، وبدوي رحمه الله يشدو بصوته الأخاذ أروع الأغاني الحضرمية التي أبدعها شعراؤنا الكبار: حسين أبوبكر المحضار وحداد بن حسن الكاف رحمهما الله وغيرهما من كبار شعراء الاغنية الحضرمية.

انقضت ساعات المقيل، وخرجت إلى المسجد لأداء الصلاة ومنه إلى كشك الشاب محمد ناصر الأرضي، موزع «الأيام» لأخذ نسختي من الصحيفة.

وفي المنزل، تناولت سماعة الهاتف وما هي إلا لحظات حتى كنت مع الأخ أحمد عمر عرم، والد هذا الشاب المبدع، في حديث عن قصة هذه (القناة) وحكاية الرحلة الإبداعية لابنه عمر. الأخ أحمد، صديق قديم وكان من أبرز المسرحيين المعروفين خلال الستينيات الماضية، ورئيساً للقسم الصيدلاني في مستشفى الشحر إلى وقت قريب، الذي دعا «الأيام» إلى منزله لتسجيل قصة إبداع وحكاية هواية تقول في إيجاز إن ابن الوز عوام.

في إحدى غرف المنـزل شاهـدت المعـدات اليسيرة التي كون منها هذا الشاب (محطته التلفازية) التي أضحت حديث المدينة هذه الأيام: جهاز فيديو أشرطة، جهاز سي دي فيديو، جهاز كمبيوتر منزلي، مجموعة مكبرات صوت، 3 كاميرات كمبيوتر، مجموعة أسلاك متعددة المهام، جهاز بث.

قال لي الطالب عمر أحمد عرم، صاحب قناة (العصرية): أنا شاب هاو للعمل الإعلامي. طالب في ثانوية بامطرف للبنين الصف الثالث القسم الأدبي. بدأت مع هواية الإذاعة منذ أن كنت في الصف الخامس ابتدائي، اشتريت أول ميكرفون وجهاز امبليفاير من توفير المصروف الذي يعطيني اياه أبي يومياً، ساهمت طيلة المرحلة الابتدائية ثم الثانوية بنشاط في الإذاعة المدرسية وكلمة الطابور الصباحي.. ساهمت كذلك مذيعاً ومقدم برامج ومسابقات ثقافية في إذاعة رباط المصطفى بالشحر التي تبث يومياً عبر موجات الـ .FM

والدي ووالدتي، أطال الله عمريهما، شجعاني كثيراً. وفي عام 2003م اشتريا لي جهاز كمبيوتر صغير، وأتقنت خلال أشهر التعامل معه، وعندما توفر جهاز البث حاولت البث عبر جهاز الكمبيوتر. فشلت لمرات عديدة لكنني لم أيأس.

وفي أحد الأيام كنت أتحدث بسماعة الكمبيوتر مقدماً سؤالاً من الأسئلة المحفوظة عندي وجهاز البث موصول، وعندما أخذت في إعادة التعامل مع أسلاك الصوت والصورة من موضع إلى آخر على الكمبيوتر، فوجئت بأحدهم يتصل بي ويقدم إجابة على السؤال الذي طرحته، عرفت حينها أن الفكرة قد نجحت. بدأت في إعداد برنامج كامل، وزاد تواصل الناس معي إلى أن بلغت الاتصالات في أحد برامج الأسئلة التي أقدمها إلى 150 اتصالاً.

أطلعني على أرشيف كبير من الاقراص والرقائق والأشرطة التي سبق أن قدمها من محطته خلال الأشهر الماضية، من بينها برامج شهر رمضان المنصرم، الذي حوى برنامجاً صوره وسجله في الهواء الطلق، كان فيه يستوقف المارة وركاب السيارات والباعة عصريات الشهر الفضيل، ويتحاور معهم في أسئلة واجوبة عن مشاعرهم حول أيام الصوم وأحوال السوق والأسعار. وكان يبثها مساءً خلال بث محطته بعد صلاة التراويح. أطلعني كذلك على أقراص لبرامج قدمها حملت عناوين:

لقاء الأسبوع، ساعة الحظ، فكر واربح، بدون اختيارات، مقابلات العصرية مع نجوم الرياضة، وغيرها كثير. وعندما قلت له: أريد نشر قصة هذه المحطة في «الأيام» تهللت أسارير وجهه، وأخذ يسأل أباه عن مفتاح خزانة مكتبة المنزل، وعندما فتحها الأب وجدنا نسخاً كثيرة من أعداد الصحيفة من بينها عشرات النسخ لأعداد قديمة من صحيفة «الأيام» لاعوام الستينات من القرن الماضي، قال الأب أحمد إنه كان يأتي بها من عدن في تلك الفترة البعيدة خلال رحلاته إليها في الدورات التدريبية والرحلات الخاصة.

الطالب عمر عاتبني لأنني لم أشر إلى اسمه في الخبر المنشور بعدد الخميس 15 فبراير عن الفيلم التلفزيوني الذي أخرجه ومثله شباب هواة، مؤكداً أنه أحد المساهمين فيه، إلا أنني اكتفيت بذكر اسمين فقط من هؤلاء الشباب.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى