الدراجات النارية في أبين.. رحلة السير إلى ثنايا المجهول أم عمل من لا عمل له؟

> «الأيام» شكري حسين:

>
إلى ما قبل أشهر معدودة لم يكن للدراجات النارية في عاصمة محافظة أبين زنجبار أثر أو مشاهدة.. وفجأة انشقت الأرض عن كم هائل منها، ومع مرور الأيام ازداد إيقاع طلبها بشكل لافت وغدا هاجساً يراود معظم شباب المدينة الذين وجدوا عند باب اقتنائها فرصة للاغتسال من هموم (البطالة) ومجابهة ظروف الحياة الصعبة وطرد حالات الخمول والرقاد التي تعتري معظمهم، فانطلق الجميع في رحلة سير إلى ثنايا المجهول.. أمّا لماذا؟؟ فما بين السطور جدير بالإجابة عنه.

البطالة سبب رئيس
< يقول الأخ أحمد محمد عيسى، سائق دراجة: «إن السبب الرئيس في انتشار ظاهرة الدراجات في أبين هي البطالة، فمعظم مستخدميها هم من خريجي الجامعات اليمنية الذين وجدوا في العمل عليها بديلاً ناجعاً لحالات الإحباط واليأس والجري وراء الوظيفة.. وشخصياً أعتبرها ظاهرة إيجابية فهي إلى جانب ما أسلفت غدت مصدراً للدخل وكسب الرزق عند كثير من الأسر».

< الأخ سالم ناجي الفقير، قال: «من الصعب أن تقول عن الظاهرة إنها إيجابية أو سلبية.. فهي من ناحية قد ساعدت وبشكل كبير في عملية تنقل المواطنين داخل أحياء المدينة المختلفة وبمبالغ زهيدة جداً (50 ريالاً للمشوار الواحد) وأوجدت فرص عمل للكثير من الشباب العاطلين، ولكنها في الوقت ذاته شكلت وبالاً على بعض الأسر بسبب الحوادث المتزايدة إلى جانب إقلاق السكينة والضوضاء التي تحدثها داخل الشوارع، وأتمنى أن تكون العملية منظمة بحيث يتم منح تراخيص رسمية لأصحاب الدراجات ومنعها عن غير المؤهلين، لأن الأكثرية منهم صغار في السن، وتحديد أماكن خاصة بها بدلاً من الفوضى الحاصلة حالياً».

حوادث مفجعة
في غمرة التسابق المحموم نحو العمل على الدراجات النارية تناسى الكثير أن قيادتها ليست بالأمر الهين كما اعتقدوا، والنتيجة حوادث مفجعة وأخبار موجعة أثقلت كاهل الكثير من الأسر.

< يقول الأخ عبدالمجيد حيدرة أحمد، أحد ضحايا حوادث الدراجات النارية: «أولاً الحمد لله على كل حال، وما حصل لي مقدر ومكتوب وليس له علاقة بمهارتي في السياقة، فأنا سائق قديم وعندي رخصة والمكتوب من عند الله سيلاقيه الإنسان طال الزمان أم قصر».

قلت له حدثنا عن نوعية الإصابة.. قال: «تعرضت لكسر في قدمي اليمنى وخلع في حوض القدم اليسرى، بالإضافة إلى كسر آخر في يدي اليمنى بسبب حادث تعرضت له وأنا أقلُّ اثنين من الركاب على طريق زنجبار الكود، والحمد لله أن رفيقيّ لم يصابا سوى برضوض بسيطة».. وعما إذا كان ذلك قد حصل بسبب السرعة الزائدة.. قال: «لا.. لا ليس للسرعة علاقة في ذلك، وكل ما في الأمر أنني كنت ماشياً وفجأه قطعت سيارة (دينا) الطريق أمامي فصدمتها وحصل ما حصل، والحمد لله على كل حال».

< عبدالباري محمد أبوبكر، مشرف قسم العظام في مستشفى الرازي العام بأبين.. قال: «للأسف حوادث الدراجات في تزايد، وخلال هذا الشهر استقبلنا 7 حالات غير التي تم تحويلها إلى عدن، ومرد ذلك في تصوري السرعة الزائدة وقلة الخبرة، خصوصاً أن الكثير منهم صغار السن ويمارسون السياقة دون تراخيص، وكنا قد سمعنا قبل فترة عن حملة لرجال المرور من أجل تنظيم العملية، إلا أنها للأسف لم تستمر كما علمنا ولا نعرف السبب».

نتابع الظاهرة ونسعى إلى الحد منها
< أمام ذلك كان لزاماً علينا التوجه إلى مدير مرور أبين العقيد صالح علي الدحامي، الذي قال: «نحن نتابع الظاهرة باهتمام بالغ، ونسعى إلى تقويضها أو على الأقل الحد منها، رغم أنها منتشرة في بعض المحافظات بشكل أكبر إلا أن الجديد في أبين أنها انتشرت بشكل سريع ولافت ومع ذلك نحن نتعامل معها كواقع مفروض علينا بما هو متاح».

سألته عن ماهية الخطوات أو الإجراءات المتخذة من قبلهم.. فقال: «نحن الآن بصدد عملية حصر الدراجات، والعمل على ترقيمها حتى نتمكن عند حدوث أي مخالفة أو حوادث سير من معرفة اسم سائق الدراجة أو مالكها وقد قطعنا شوطاً في هذا المجال، إلا أن المشكلة التي تعيقنا عن إنجاز العمل بسرعة هي التزايد المستمر للدراجات، لأنها للأسف تدخل إلى السوق كقطع غيار ثم بعد ذلك يتم تركيبها في صورة واضحة من صور التحايل على القانون».

وعما إذا كان المشتغلون عليها لديهم رخص قيادة أم لا.. قال الأخ الدحامي: «البعض منهم لديهم رخص والبعض الآخر ليس لديهم، ونحن في تواصل مستمر مع السلطة المحلية بالمحافظة وقيادة الأمن العام من أجل معالجة الظاهرة والحد من اتساعها، فإلى جانب ما تحدثه من ازدحام وفوضى في الشوارع العامة هي أيضاً وسيلة من وسائل الإخلال بالأمن».

مصلحة الجمارك هي المسؤولة
< العميد محمد حمود القحم، مدير الأمن العام بمحافظة أبين قال: «لا يوجد قانون حتى الآن يمنع استخدام الدراجات النارية كما هو مشاع في المدن الرئيسية، ولعل الجميع قد تابع نقاشات مجلس النواب حول المشكلة.. وعموماً تزايد الدراجات النارية في أبين تتحمله في المقام الأول مصلحة الجمارك، لأنها تسمح بدخولها إلى البلاد كقطع غيار ثم يتم تركيبها وبالتالي العمل بها.. والمفترض أن يتم التشديد عليها في المنافذ الرئيسية وحتى أماكن التهريب والعمل على منعها، لأن وجودها في الشوارع دون تراخيص رسمية مخالفة صريحة للقانون».

أحد ضحايا حوادث الدراجات النارية
أحد ضحايا حوادث الدراجات النارية
قلت له: «إذاً كيف تتعاملون معها كواقع مفروض؟ قال العميد القحم: «نحن اللجنة الأمنية ناقشنا المسألة من عدة أوجه وخرجنا بتوصيات تساعد على الحد منها وأطلعنا الأخ المحافظ على ما خرجنا به من قرارات وفي ضوء ذلك رفع الأخ المحافظ مذكرة إلى مدير مصلحة الجمارك الأخ علي الزبيدي تم التطرق فيها إلى تفشي ظاهرة الدراجات النارية في عاصمة المحافظة زنجبار دون تراخيص رسمية، وحرصاً على المصلحة العامة وأهمية الأمر من الناحية الأمنية طالبنا المصلحة بتكليف لجنة من جمارك عدن تقوم بالنزول إلى أبين وحصر الدراجات ثم ترسيمها ووضع الارقام المعدنية عليها حتى يتسنى لنا التعامل مع مستخدميها بحسب النظم والقوانين، وإلى الآن مازلنا في الانتظار».

ولماذا لا تتم مصادرة الدراجات المخالفة إلى حين وصول اللجنة؟

قال: «نحن لا نريد أن نكون سيفا بيد جلاد على أساس أننا راعينا مسألة الكلفة الكبيرة التي تجرعتها بعض الأسر في سبيل توفير دراجة نارية تساعدهم في طلب الرزق. ثم إننا نريد أن نحصر المشكلة في حجمها ولا تتعداه إلى ما هو أبعد.. فمثلاً إذا قمنا بحجز الدراجات وتأخرت المعاملات وتعرضت للأعطاب والتلف نتيجة الشمس أو الرياح والأمطار سندخل في دوامة أخرى نحن في غنى عنها.. وشخصياً أتصور أن معالجة القضية تبدأ في تفاعل مصلحة الجمارك معنا وسرعة العمل على ترسيمها وبهكذا إجراء سنتمكن من تقويض الظاهرة والحد من انتشارها».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى