القمة العربية بين التمادي الأمريكي الصهيوني والاعتدال العربي الإسلامي

> عبدالله الأصنج:

>
عبدالله الأصنج
عبدالله الأصنج
أيام وتنعقد القمة العربية في الرياض وفي مقدمة جدول أعمالها فلسطين والحصار الآثم ضد شعبها المجاهد بكل أطيافه وفئاته والسلام أو الإذعان الممكن في حقيقة الأمر لشروط وإملاءات دولة الاحتلال الصهيوني المدعومة بإسناد أمريكي وأوروبي مطلق.

وإذا كان مشروع السلام العربي الذي تقدمت به المملكة العربية السعودية وجرى إقراره في قمة بيروت هو على رأس جدول هذه القمة فإن ما يليه ويوازيه أهمية هو كسر حصار الإفك والظلم ضد شعب فلسطين وحكومة الوحدة الوطنية ووزراء حماس.

وهو حصار يستهدف تركيع كل فلسطين وكل العرب والمسلمين للإملاءات التي أشرنا إليها، ويندرج تحدي وتصرفات معسكر العدوان تحت تعريف أعمال غير مشروعة وإجرامية تمارسها علنا إسرائيل ومعها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في محاربة مبادئ الديمقراطية الحقة التي أسست لقيام حكومة حماس وأدت إلى تجويع شعب يناضل من أجل إنهاء احتلال وطنه وتحريره وإعلان دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس.

وهناك في جدول أعمال قمة الرياض المرتقبة ملف أزمة فريقي الموالاة والمعارضة في لبنان وتسوية صراع يبدو سياسيا وإن كانت خلفيته صراع مصالح وطوائف وعقلاء وعملاء. فاستمرار التجاذب بين أطرافه الداخلية ودور جهاز الريموت الذي يسيطر ويوجه رموزها من خارج لبنان لو قدر له أن يستمر دون فرملة فسوف يأتي على كل لبنان وآمال شعبه العظيم ويلحق المزيد من الأضرار والفوضى ويشرع الباب على مصاريعه أمام مزيد من الهيمنة الخارجية في أكثر من بلد عربي مجاور أو قريب للبنان.

وليعلم الجميع في لبنان وفي الوطن العربي الكبير أن التعامل مع الأزمات على طريقة المراوحة السياسية والاستعانة بدول الشر والأشرار المهيمنة على المنطقة لإيجاد التسويات السياسية العادلة هو الخطأ الكبير الذي سقطت فيه الأنظمة العربية وحكوماتها المتعاقبة، فطريق جهنم مفروش بالنوايا الحسنة دون تمحيص مسؤول ومراجعة ضرورية.

إن التوجه السياسي الخاطئ للأنظمة العربية نحو الولايات المتحدة وأوروبا على طريقة العشم في الحل العادل المنشود وتمني إحلال السلام العادل مع عدو متغطرس لا نهاية لأطماعه التوسعية قد أوصل شعوب وقادة حكومات فلسطين والعراق والسودان وغدا لبنان وسوريا فإيران إلى الدرك الأسفل في المجتمع الدولي، ووراء الأكمة تكمن حقيقة ما يسعى إليه أعداء الأمة من مخطط لا يقل خطورة بدءًا بإحكام طوق عزلة يفصل ويعزل الشمال الأفريقي العربي عن وسطه وجنوبه المليء بثروات الأرض بعد أن عزلت إسرائيل المشرق العربي عن مغربه وتتحول بذلك الدول العربية إلى دويلات طوائف ومذاهب وقوميات يتآمر بعضها على البعض الآخر لتغرق في لجة من الفتن والحروب. وهذا ما سيكون عليه الحال في الباكستان وإندونيسيا بعد أفغانستان.

لذا فإن القمة العربية في الرياض تقف أمام مهام جسام. ومن حق الشعوب العربية والإسلامية أن تأمل خيرا فيما سوف تحققه، ويتجلى ذلك في موقف عقلاني لأهل القمة يتمسك بالحقوق الثابتة دون أدنى تراجع أو تخاذل أو مجرد استماع لرأي نظام عربي كبير أو صغير يرتبط القائمون عليه بعلاقات واهية مع حلفاء إسرائيل ومعسكر الوصاية والاحتواء الأمريكي الأوروبي.

ولا بد لنا وبحزن وأسى أن نأخذ علما بقرار قائدي الجماهيرية الليبية ودولة قطر بعدم المشاركة في قمة الرياض فقد تكون هناك من الأسباب التي تبرر لكل منهما غيابه ولكن مشاركتهما في أعمال هذه القمة على وجه الخصوص من الأهمية القصوى بمكان. فالمطلوب عربيا وإسلاميا أن ترتقي قرارات القمة إلى المستوى المأمول لتسوية وتصحيح مواقف سياسية خاطئة بل ومتواطئة تتقاطع مع متطلبات إسرائيل وحلفائها.

وما هو مطلوب في الحد الأدنى من قمة الرياض من تحديد واضح ومباشر يتجسد في الآتي:

- رفع الحصار المفروض على شعب فلسطين وحكومته عربيا وإسلاميا وإشعار أمين عام الأمم المتحدة الكوري الجنوبي عبر حكومته بلجم اندفاعه اقتفاء أثر سلفه كوفي عنان في تبني مواقف إسرائيلية أمريكية متحيزة ومنحازة ضد الحقوق العربية المشروعة في فلسطين والعراق والسودان وسوريا، وكذا الكف عن تبني مواقف أحد أطراف الصراع السياسي في لبنان.

- إعلان جاد وصادق عن التزام عربي بعدم الخوض في مناقشة احتمال إدخال قبول تعديلات ممكنة على مشروع السلام العربي.

- مطالبة عربية وإسلامية من أمريكا والاتحاد الأوروبي التقدم بإيضاح بشأن مشروع إقرار الدولتين في فلسطين وتحديد مضمون تعريف دولة فلسطينية قابلة للحياة كما تنادي به الديبلوماسية الأمريكية والأوروبية. فهذا التعريف يخفي وراءه نوايا غير حسنة ويؤدي في النهاية إلى ضم مثل هذا الكيان الغامض وإلحاقه بإسرائيل أو بالأردن.

- الكف عربيا وأمريكيا عن التدخل في الشأن السوري والشأن اللبناني وتسوية هذا الملف بما يكفل للموالاة وللمعارضة حقوقا متساوية في إدارة بلدهم ويفتح باب المشاركة الفعلية للمعارضة السورية في إدارة شؤون بلدهم سوريا على طريق الإصلاح.

- التعبير عن التحفظ على جهود مصرية وأردنية لرعاية الملف الفلسطيني بمساع حميدة لدى إسرائيل عدا ما تطلبه منهما الحكومة الفلسطينية برئاسة هنية والسلطة برئاسة عباس في آن واحد. وتأكيد مصر والأردن الالتزام بقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة منذ بداية الصراع العام 1948م.

- إعلان عربي واضح يؤكد التمسك والالتزام بقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة منذ بداية الصراع في 1948م.

- تجميد كل علاقات سياسية وتجارية واقتصادية بين دول عربية وإسلامية حتى يتم إحلال السلام العادل والشامل المنشود.

- إبداء الاعتراض على شن حرب عدوانية ضد إيران والسعي للتوصل إلى تسوية سياسية عادلة تراعي حق إيران في توظيف مفاعلاتها الذرية للأغراض السلمية في ظل رقابة دولية من مجموعة دول غير مرتبطة بإسرائيل وباستراتيجية الولايات المتحدة الكونية.

لقد بذلت حكومة المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير سلطان بن عبدالعزيز دورا شجاعا ونزيها لاحتواء أزمات فلسطينية ولبنانية وعراقية وسودانية ومعها مجموعة دول الخليج العربي. والأمل وطيد أن تواصل السعودية جهودها ومساعيها للخروج بهذه القمة إلى آفاق رحبة تعيد للدول العربية وبالتالي الإسلامية تضامنها وحقوقها لتلعب دورها في البناء وفي الإسهام بشفافية كمجموعة دول فاعلة في مجال التعاون الدولي من أجل دعم الأمن والسلام في العالم.

وزير الخارجية الاسبق

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى