«الأيام» في منطقة الحقل بمديرية الأزارق بمحافظة الضالع ..وصلت اليونيسف ودعمت الفتاة وتخلفت الحكومة والجمعيات عن المصلين

> «الأيام» محمد علي محسن:

>
جانب من مساكن أهالي الحقل
جانب من مساكن أهالي الحقل
الحديث عن مديرية مثل الأزارق أجزم أنه لا جدال فيه داخل المحافظة وعلى مستوى المحافظات إذا ما تعلق الأمر بأوضاع المديرية التنموية والمعيشية والخدمية، أما إذا انتقل النقاش إلى رؤية ومشاهدة على الواقع وبأم العين فلا شك أن أبناء المديرية يعيش معظمهم أوضاعا بائسة وصعبة، لكنهم في بلاد الأحمدي أشد معاناة وبؤسا وحرمانا، ولا أظن أن أحدا سيختلف معنا إذا ما قلنا بفقرها وفاقتها لكل ما يمت بصلة لهذا الحاضر المسمى الألفية الثالثة، زغم صياحنا وندائنا للجميع بما فيهم الجمعيات الخيرية التي تتزاحم على بناء الجوامع وفعل البر في مساحة ضيقة وأمام عدسات وأعين الصحافة والمارة مثلما تفعل الحكومة، فيما تغفل مناطق وأناسا وصلتهم اليونيسف وكوبي، ومنطقة الحقل في بلاد الأحمدي أنموذج لهذه العزلة والنسيان.

من عاصمة المحافظة الضالع إلى منطقة الحقل بمديرية الأزارق 26 كيلومترا فقط، ورغم أننا محظوظون بزيارتها في مناسبة اجتماعية والطريق على أحسن ما يرام وفق تعبير الأهالي وذلك بعد القيام بعملية المسح للطريق الترابي المتفرع من طريق آخر يؤدي لمنطقة الشرف، والاثنان يتقاطعان في أسفل عاصمة المديرية ذي جلال من ناحية الغرب وبمسافة كيلو مترات أربعة أو أقل من ذلك، ومع كل ما شهدته الطريق عامة من الضالع إلى مركز المديرية ومن ثم إلى الحقل في بلاد الأحمدي، استغرقت رحلتنا أكثر من ساعتين دون توقف إلى أن وصلنا إلى البقعة الواقعة في أقصى المديرية على تخوم جبل بن عواس وتورصة ورصابة وبراط المتجاورة مع مناطق أخرى من المسيمير في لحج، وكلها في المحصلة مناطق منسية وشديدة الفقر يخيل للزائر لها أنها من عصر آخر غير هذا المحسوبة عليه، إذ ما زالت رازحة تحت وطأة العزلة والحرمان والمعاناة رغم كل هذه السنوات الطويلة على قيام الثورتين وعلى الوحدة وعلى اعتماد مشروع الطريق الرئيسي الضالع - الازارق - المسيمير (69 كيلو) وبكلفة جاوزت المليار ريال، والذي ظل سبع سنوات عجاف في قائمة المشروعات المتعثرة إلى أن تم تخليصه وتحريره هذا العام من ربقة وهيمنة مقاول رمت به الأقدار والظروف إلى الأزارق والحشا ولم يستطع أحد سحب أهم مشروعين في المحافظة منه سوى بعد تدخل رئيس الجمهورية شخصياً لأجلهما، وها هو مشروع الطريق يخرج من زنزانة الوقف وانعدام الأهلية والقدرة لمرحلة جديدة بدأت للتو بسحب المشروع من المقاول وإسناده لمشروع الطرق الريفية المزمع إعلان المناقصة له ضمن 14 مشروعاً على مستوى الجمهورية، حيث ستكون المرحلة الأولى 23 كيلو مترا منها 12 كيلومترا جاهزة بدراستها وتصاميمها وفق تأكيدات مدير عام مكتب الأشغال العامة والطرق بالمحافظة.

منازل بسيطة ومتواضعة مثل أهلها وناسها المخلوقين من هذه الأرض القفر المعزولة عن كل العالم، لست بحاجة لمن يرشدك لمعاناة هؤلاء البسطاء، فكل ما هو أمامك ومشاهد بأم العين يعبر عن فاقة وحرمان لا حدود لهما، فيكفي النظر في وجوه أهل هذه الهضبة أو في أبدانهم وبيوتهم وطريقهم وجبالهم، فجميع هذه الأشياء ناطقة ودالة على واقع الاغتراب والعزلة التي تفصلهم عن الحياة المعاصرة، وعلى الحرمان الذي يشكون منه ومازال مستبدا بهم ولم يغادر حتى بعد ثورة الاتصالات والمعلومات الكاسرة للعزلة والتضاريس.

المدرسة القديمة بعد ترميمها
المدرسة القديمة بعد ترميمها
ما لم أدونه بعد هو أن هؤلاء على ما فيهم من افتقار للتنمية وللخدمات، أغنياء بالصدق والمروءة والكرم والشجاعة والعزة والعزيمة والبساطة والتواضع وغيرها من الصفات التي قلما تجتمع تحت سقف الحداثة والعصرنة مثلما هي هنا في الحقل، وحيثما حلت القطيعة والعزلة.

< الأخ صالح محمد حسين، مدير مدرسة خالد بن الوليد كان أول المتحدثين، ومما قاله أن إجمالي الطلاب في المدرسة الوحيدة التي أنشئت بمبادرات طوعية من الأهالي عام 72م وتم ترميمها من صندوق الأشغال العامة عام 2004م وبتوسعتها من ثلاثة فصول إلى 9 فصول في العام نفسه من قبل وزارة التربية وذلك من خلال بناء مدرسة بكلفة 26 مليونا مكونة من 6 فصول مع الملحقات، بلغ عددهم 480 طالبا وطالبة، مشيرا إلى أن التغذية المدرسية المقدمة من اليونيسف كانت دافعا رئيسا لتعليم الفتاة في المنطقة رغم بساطة الممنوح (كيس بر ودبة زيت) لكل طالبة عند كل فصل دراسي علاوة على حوافز تشجيعية مثل الحقائب والكراسات والأقلام، وهذه بدورها شجعت أولياء أمور الفتيات على تعليمهن، حتى أن عدد الفتيات الملتحقات حديثا وصل إلى 80 فتاة وفي شعبتين للسنة الأولى، فيما الذكور شعبة واحدة.

وبالنسبة لتعليم الفتاة فيقتصر على المرحلة الأساسية، ومرجع هذا التسرب وفقا وحديث مدير المدرسة لانعدام التعليم الثانوي في المنطقة، إذ أن مواصلة الدراسة تتطلب الانتقال لعاصمة المديرية، وهذا الأمر يصعب إقناع أولياء أمور الفتيات به، أما إذا توفرت الدراسة في المنطقة فلا يمكن الممانعة، علما بأن الفتاة في القرى المجاورة مثل جبل بن عواس وبراط ورصابة لا تتوفر لها الدراسة إلا إلى الفصل السابع للأولى، والرابع للثانية والثالثة، وذلك نظرا لاقتصار التعليم فيها على هذه الصفوف، فيما يضطر الطلاب لمواصلة التعليم في مدرستنا وفي حالة توفر المجمع الثانوي يمكن ضم جميع طلاب هذه المناطق على الرغم من بعد المسافة التي يقطعونها سيرا على الاقدام في الوقت الحاضر والبالغة نحو 4 كيلومترات من جبل بن عواس إلى مدرسة الحقل وكيلومترين من رصابة وبراط.

وأكد المدير حاجة المدرسة إلى معلم لمادة العلوم مناشدا بتوظيف أبناء المنطقة لسد هذا العجز خاصة في ظل وجود 3 من حملة البكالوريوس في العلوم باعتبارهم الأقدر على المواظبة في منطقة يصعب تحمل المعلم الوافد ظروفها.

< الأخ محمد حسن ناصر، ضابط متقاعد وعضو المجلس المحلي السابق قال إن أعمدة الكهرباء وأسلاك الضغط العالي وكذا مولد الكهرباء جميعها وصلت إلى الحقل قبل مدة، كما أن الأعمدة التي شاهدناها مرمية على الأرض في أكثر من مكان ونحن في طريقنا للحقل وضعت من قبل المهندس المختص في مشروع الربط الكهربائي، والذي بحسب حديث عضو المجلس المحلي السابق قام بالنزول إلى المنطقة لتحديد مسار الشبكة الآتية من المحافظة عبر عاصمة المديرية، ومن ثم تم تحديد أماكن الحفر للأعمدة، ومنذ ذلك الوقت لا جديد يذكر بشأن إيصال التيار الكهربائي الذي وصل إلى قرية الحبلة، أحد المراكز المكونة لما يعرف ببلاد الأحمدي والتي يبلغ نصيبها نحو الثلث من مجموع المراكز الانتخابية المكونة لمديرية الأزارق البالغة 18 مركزا.

المركز الصحي
المركز الصحي
< الأخ محمد هادي سلطان، مسؤول تربوي وعلى اطلاع كامل بحاجة ومطالب المديرية، ومنطقة الحقل على وجه التجديد، تحدث عن المركز الصحي مشيرا إلى أنه تم تأسيسه عام 2002م وبكلفة قدرها 27 مليوناً، ورغم مضي سنوات على إنجازه ظل دون تشغيل نظرا لافتقاره لأبسط الوسائل والمعدات الطبية، إلى أن تم مؤخرا وفي فبراير الماضي وصول هذه الأجهزة مثل الأشعة والمختبر والكادر ومولد الكهرباء والذي استبشر الناس خيراً بسماع هديره في اليوم الأول لزيارتنا وتحديداً يوم السبت 17 مارس، إضافة إلى تجهيز المركز بغرفة العمليات وغرفة ترقيد، والآن فقط بدأ المركز الصحي العمل بعد وصول العامل الفني وطبيب بشري إلى جانب فني أشعة وهو من أبناء المنطقة.

فيما تبقى غرفـة العـمليات بـلا تشغـيل، وكذلك فـإن الحاجة ملحة للقـابلات والممرضات غير المتوفرات في المركز.

وحول مشروع توسعة الطريق أوضح الأخ سلطان أن التوسعة والمسح للطريق من قبل مكتب الأشغال العامة والطرق بالمحافظة وبكلفة لا تزيد عن مليونين و600 ألف ريال وذلك من أجل إيصال حفار الماء إلى المنطقة بغرض حفر بئر مياه الشرب بمشروع أهلي يزمع إقامته من الهيئة العامة لمياه الريف، خاصة وأن هنالك دراسات جيولوجية لتضاريس المكان تؤكد وجود هذه المياه إذا ما تم الحفر لمسافة أعمق مما هي عليه الآبار التقليدية للمياه السطحية التي لا تفي بحاجة أكثر من 3000 نسمة هم سكان الحقل.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى