شجون في هامش مقالة «الدكتورة هدى»

> فيصل الصوفي:

>
فيصل الصوفي
فيصل الصوفي
لأول مرة أقرأ على صحيفة «الأيام» مقالاً من الضرب الذي كتبته الدكتورة هدى علي علوي ونشرته الصحيفة الخميس الماضي.. عنوان المقال «النساء شقائق الرجال» ابتدأته بالحديث عن التأثير الذي تحدثه الحركات الأصولية في الوعي الاجتماعي العام، وهو تأثير سلبي بصورة عامة ليس في القضايا المتعلقة بحقوق المرأة والمساواة بين الجنسين في الحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية فحسب، بل إن هذا التأثير السلبي يمتد نحو مختلف القضايا الأخرى.. فالحركات الإسلامية الأصولية لديها إشكالية مع كل شؤون الدنيا وفنونها وشجونها، فكما في قضية المرأة لديها إشكالية مع الاختلاف والتنوع والتعددية والفن والديمقراطية والحرية وحتى مع اللباس والمذاهب والغناء والتمثيل والحب.. الخ.

وما دفعني أكثر من أي شيء آخر للتعليق على مقال الدكتورة هدى العبارة التي أنهت بها مقالها، وفيها ألقت باللائمة على وسائل الإعلام الرسمية وغير الرسمية لأنها لا تفعل الحراك الثقافي باتجاه التصدي للتأثير السلبي الذي يحدثه الخطاب السلبي «الأصولي» في المجتمع.. وأنا أتفق مع الدكتورة هدى أن حيادية هذه المؤسسات تجاه الخطاب الأصولي المدمر غير مقبول، لكن علينا ألا نعول على هذه المؤسسات كثيراً في لعب دور إيجابي تجاه الخطاب الأصولي المدمر أو التأثير الأصولي المدمر، بدليل أن هذه المؤسسات التي تنتج اليوم خطاباً يدين الحوثيين في صعدة لأنهم يدعون لعودة الحكم الإمامي ويمارسون العنف والإرهاب ويرفعون شعارات تدعو للكراهية والانقسام الوطني هي نفسها المؤسسات التي لا يخلو خطابها من حديث عن الخلافة الإسلامية ونبذ التسامح وتفتيت الوحدة الوطنية والابتهال إلى الله أن يدمر الغرب وينصر المجاهدين في أفغانستان والعراق والشيشان الذين يعملون تحت راية تنظيم القاعدة الإرهابي!

إن ما وصفته الدكتورة هدى بهيمنة «بعض الحركات الأصولية» على الوعي الاجتماعي العام في العقود الأخيرة، هيمنة لا علاقة لها بقوة هذه الحركات رغم ما تتلقاه من أموال النفط، فهي ليست قوية إلا من حيث استخدام الدين والتراث استخداماً يخدم مصالحها الدنيوية، وأيضاً هي قوية بأموال النفط والزكاة والممولين الداعمين، وبسبب - وهذا مهم- أن مثقفين حداثيين وعلمانيين ورجال دين مستنيرين وكتاباً مثل الدكتورة هدى وصحافيين ليبراليين مثل كاتب هذه السطور ليسوا منظمين في إطار مؤسسي، وأيضاً لأن كثيراً منا نحن المثقفين العلمانيين ليس لدينا من الشجاعة ما يكفي للإعراب عن آرائنا وأفكارنا فنحن نرفض كل مشاريع الحركات الأصولية، لكننا لا ننقل هذا الرفض إلى ميدان المواجهة مع أن المواجهة لو قررنا خوضها ستكون سهلة خاصة وأن الحركات الأصولية كونت من خلال خطابها وممارساتها انطباعاً عاماً بأنها هي إمام القرآن وليس القرآن إمامها، وأنها هي التي تقرر الأحكام على الإسلام وليس الإسلام هو مصدر أحكامها، فعلى سبيل المثال يقول الإسلام إن الحكم شورى بينما هي تقول الحاكم قرشي أو هاشمي أو..والإسلام يقول إن على المرأة المسلمة أن تكشف يديها ووجهها، وهم يقولون عليها أن تستر كل عضو حتى عينيها.

بمعنى أوضح نريد أن نقول إن قابلية المجتمع للتأثير الأصولي ليس مردها صحة الأصولية بل ترجع إلى كون الآخرين غائبين عن الساحة، فالناس مثلاً يريدون الذهاب إلى المستقبل الأفضل، وعندما لا يجدون من يأخذ بأياديهم يستسلم كثير منهم لشعار العودة إلى الإسلام.. أي العودة إلى الماضي.. ومعروف أن الماضي لا يتكرر وليس فيه شيء أفضل من الحاضر ناهيك عن المستقبل.

[email protected]

رئيس تحرير صحيفة «22 مايو»

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى