نظرية الأدب الإسلامي (المسوغات ) (1)

> «الأيام» عبده يحيى الدباني:

> لم يكن قيام نظرية الأدب الإسلامي عبثاً أو تقليداً أو تزمتاً أو دعوة إلى الانعزال والانغلاق ولكنه كان ملحاً أمام ضغط عدد من الأسباب التي سنحاول إيجازها على النحو الآتي:

1. شهدت الثقافة العربية الإسلامية تراجعاً مخيفاً في العصر الحديث حتى باتت هويتها في خطر وذلك من جراء الانبهار بالثقافة الغربية والارتماء في أحضانها، لقد تدفقت الثقافات الدخيلة على البلاد العربية فمن هذه الثقافات والآداب والتيارات الفكرية والنقدية ما هو منحرف ويشكل خطراً كبيراً على الهوية الثقافية والأدبية للأمة، مثل آداب وفلسفات عبثية ووجودية وأخرى صليبية ويهودية صهيونية، فضلاً عن فلسفات وآداب مادية صرفة ومدارس نقدية شكلانية أفرغت الأدب من روحه ومضامينه وعزلته عن السياقات التاريخية والاجتماعية والثقافية وصولاً إلى النظرية التفكيكية في الفلسفة والنقد التي ترفض أي مضامين يحملها الأدب، إذ تعمل على تقويضها وتفكيكها مثلما ترفض أي ثوابت أو مرجعيات ثقافية أو دينية أو فكرية أو غير ذلك فكان لابد أمام تلك التيارات الجارفة العاصفة من قيام نظرية أدبية إسلامية تحمي الأدب من الانحراف والتبعية والعبثية والشكلانية المطلقة والضياع الديني والثقافي واللغوي ومن الذوبان والتحلل في الآداب والثقافات الأخرى، كل هذا بعيداً عن الانعزالية والتقوقع فهما من المستحيلات في العصر الحديث. وفي الوقت ذاته العودة إلى التراث العربي الإسلامي الذي أهمله الحداثيون العرب وأعلنوا القطيعة معه.

2. حظيت الفلسفات العالمية بنظرياتها النقدية المنطلقة من تصوراتها للحياة والكون والإنسان على ما في هذه الفلسفات من شطط وتعصب وأحادية مثل الكلاسيكية والرومانسية والواقعية والواقعية الاشتراكية والتفكيكية وغيرها، فمن الأحرى أن يكون للإسلام نظريته في الأدب والنقد بوصفه ديناً وفكراً وفلسفة حياة وتصوراً شاملاً للحياة والكون والإنسان فضلاً عن أن جذور هذه النظرية موجودة في التراث العربي الإسلامي الديني والأدبي والنقدي والتاريخي والفكري، فالإسلام مؤهل أكثر من أي دين أو فلسفة لأن يتبنى نظرية أدبية نقدية. كتب الدكتور عبدالعزيز حمودة في كتابه (الخروج من التيه): «لا نعرف لماذا يكون من حق المثقف الغربي الماركسي النزعة مثلاً أو الآخر المتبني لموقف الشك في الثوابت أن يطور مذهباً أو اتجاهاً نقدياً يرتبط بانتمائه الفكري والثقافي من دون أن يتهم بالانعزالية، بل ينبهر بعضنا في العالم العربي بما يقول ويكتب في الوقت الذي يحلو فيه للبعض أن يصادر على الثقافة العربية الإسلامية حقها في تطوير اتجاه يرتبط بانتماءاتها المختلفة ويرفع اتهامات الانعزالية والرجعية والتخلف في وجه كل من ينادون بذلك».

3. إن هذه الأمة هي أمة رسالة محمدية خالدة فعلى المسلمين في العصر الحديث أن ينهضوا بأعباء تعزيز هذه الرسالة ونشرها في الآفاق كما فعل الأولون كل من موقعه، ولا شك في أن الأدب إحدى الوسائل الناجعة للقيام بهذه المهمة التاريخية المقدسة فللكلمة سحرها وأثرها وسلطانها وقد نجح الإسلام في عصوره الأولى نجاحاً باهراً، نظراً لعدد من المقومات منها أثر الكلمة نفسها أي أثر القرآن الكريم في نفوس العرب بما فيه من إعجاز وبلاغة وجمال، لقد كانت المعجزة في الإسلام بيانية أدبية فنية وهكذا هي إلى يوم القيامة، فكيف لا تهتم هذه الأمة بهذا الجانب المهم في حياتها ودينها وثقافتها ووجودها ولغتها وتاريخها.

[email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى