شدّت خيول العوالق

> فضل النقيب:

>
فضل النقيب
فضل النقيب
هل أوفى باجمال بوعده ونصر جنده وهزم الأحزاب وحده، أم أنه كان عابرا في دنيا عابرة استظل في فيئها ردحا من الوقت ثم مضى إلى غايته دون أن ينبس ببنت شفة، رغم أنه كلّه شفاه على طريقة ذلك الشاعر الذي أحب عروساً من الزنج عليها قلائد من جُمان، فلما رأى الشعراء يتغنون بـ (الخال) وهو الحسنة على خدود البيضاوات من الدر المكانين، فاخرهم بأن حبيبته كلها (خال)، أي بقضّها وقضيضها، أفبعد ذلك تركت لواحدة (حسنة)؟ هكذا ظن والإنسان حيث يظن دائما وأبداً.

ما علينا، فكثير من السؤال اشتياق، وكثير من رده تعليل كما يقول (أبو الطيب). وباجمال الذي له من اسمه نصيب، تصدى لقيادة القافلة الوزارية في أطول عهد لرئيس وزراء منذ الوحدة، وقد دفع ثمن ذلك من راحته ومن صحته ومن لَوَبَانِهِ آناء الليل وأطراف النهار يحضّر دروسه ويحصي نفوسه ويجدد قاموسه، وقد خبرناه يفتي في كل شيء، فهو الاشتراكي المتمرس وصولا إلى السجن الكئيب وهو المؤتمري المتمرس وصولا إلى الأمانة العامة المرهقة، وهو قبل ذلك وبعده المقدام الذي لا يتهيب أي عمل «إن الفتى من قال أنا» فهو من شيعة طرفة بن العبد:

إذا القوم قالوا من فتى؟ خلت أنني

عُنِيتُ فلم أحجم ولم أتبلّدِ

ولا يهم بعد ذلك إن كان قد وصل إلى التخوم عشرة جمال من الأربعين جملا التي غامرنا بها لنستبدل بها النياق الحمر التي تدر لبن العصفور، ففيما تبقى الخير والبركة لأنها مجربة حركها الدهر وأنضجتها الرمال الحارقة ولوّحتها السواني في مهامن الربع الخالي حيث الرمال المتحركة التي تبتلع الجمل بما حمل، وقديما قيل «اسأل مجرب ولا تسأل طبيب».

كثر الله خيرك يا باجمال فما أنت في الأخير إلا واحد من الناس حملت الثقيل وكلفت بصعود النّقيل وقد أحنيت ظهرك ودبّيت، مرة تصيب ومرة تخيب، ومرة تغطيها بالصّلاة على الحبيب:

ومن ذا الذي تُرضي سجاياه كلُّها

كفى المرء نبلاً أن تُعدّ معايبُه

وهذا لا يعني أننا نودعك يا أبا عبدالرحمن فما زلنا ندخرك للجسام، للعاديات ضبحاً والموريات قدحاً، إذا أزفت الآزفة، وأتبعتها الراجفة، فاليمن لا تستغني عن بسطائها فكيف بنبهائها، ونحن نردد من بعدك كما كنا نردد معك ما قاله مطهر الإرياني: يا قافلة عاد المراحل طوال، وقد تعلمنا منك شيئا واحدا لخّصه «كولي مان كوكس» - لا أدري إذا كان قد مر عليك هذا الاسم - بقوله:

«حتى نقّار الخشب يدين بنجاحه لحقيقة أنه يستخدم رأسه ويتابع النقر حتى ينهي العمل الذي بدأه».

وأنت - يا سيدي - طالما نقرت، ولكن العمر ينتهي والعمل لا ينتهي كما نعلم جميعا، والمسألة تشبه سباق التتابع وتسليم الراية، فلو دامت لغيرك ما وصلت إليك كما يقال في الأمثال الصحاح، ولكن بعض العدائين أسرع وأظهر من البعض الآخر، وكما جاء في إنجيل متّى «لا يمكن إخفاء المدينة الواقعة على هضبة».

على كل حال نحن مع الدكتور علي محمد مجور، الذي نعتبره خير خلف، سنرفع شعار ونستون تشرشل «سوف لن نفشل أو نترنح ولن نتعب أو ننهك» و..شدّت خيول العوالق ليتني عولقي.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى