براعتنا في تبديد الوقت

> «الأيام» محمد علي مقبل الشرجبي/عدن

> إذا أردت أن تعرف أحد أهم أسباب تخلفنا، تأمل حجم الوقت الذي يبدده المرء يومياً طوال فترة وجوده في مقر عمله، إذ ستكشف بيسر لماذا نفشل دوماً في الالتحاق بقاطرة التقدم!

لقد أثبتت دراسات كثيرة أن متوسط العمل الحقيقي للإنسان العربي في اليوم الواحد لا يتجاوز نصف ساعة، في حين أنه يظل قابعاً في عمله نحو 7 ساعات! فاين إذا نضيع الوقت الباقي؟

الحق أننا «نبدع» في أساليب إهدار الوقت بصورة تجعلنا نحتل المراتب المتأخرة من حيث التقدم بامتياز!

ذلك أن التقدم لا يزور البلاد التي لا يحترم أهلها جوهرة الوقت، فيتعاملون معها باستخفاف حتى تفر الأيام من بين أيديهم وينسرب منهم الزمن من دون أن يصنعوا شيئاً ذا قيمة!

الوقائع والحالات التي يبدد فيه المرء وقته في اثناء وجوده في عمله كثيرة ومتعددة، حيث ترى بسهولة كيف يترك الإنسـان ما ينبغي فعـله ليتسكع فـي أروقـة مؤسسته، يحادث هذا ويضحك مع ذاك، يحكي نكته لفـلان، أو يروي واقعة لعلان، ثم يشرع في تدخين سيجارة أو تناول الطعام والشاي. وبعد أن يقضي وطره في العبث والهزال، يعود إلى عمله لا ليكمله، بل ليهب مرة أخرى بحجة أداء واجب عقائدي، أو إجـراء معاملة رسـمية مع إحدى المؤسـسات أو الاستمتاع بوساوس النميـمة التي تغتاب زملاءه.. إلخ.

هكذا إذاً تضيع الساعات وتتلاشى الأيام والمحصلة مرة، لا تطور.. ولا تراكم خبرات ولا زيادة في الإنتاج! ثم يشكو الجميع لماذا لا نحقق إنجازات مهمة؟ ولماذا تسبقنا أمم كانت قبل ثلاثين عاماً مضت أقل تطوراً وتقدماً منا؟

الشيء المؤكد أن الانقطاع المستمر عن العمل لا يحقق لصاحبه فرصة تراكم الخبرة، فحين يشرع الواحد في عمل ما، ثم يتركه بعد نصف ساعة مثلاً ليعود إليه بعد فترة طالت أم قصرت، فإنه كمن سيبدأ من جديد، الأمر الذي يعني أنه فقد الخبرة التي تكونت لديه في النصف الساعة الأولى أو كاد، وهكذا يظل المرء يبدأ من نقطة الصفر طوال عمره، فلا هو استثمر وقته ليطور موهبته ومهاراته، ولا هو أبدع وابتكر شيئاً جديداً طالماً أنه لا يصبر على الجلوس طويلاً أمام ما ينبغي إنجازه من مهمات موكولة إليه!

لماذا تقدم الغرب؟

لأنه تعامل مع الوقت بجدية وانضباط فالحضارة الغربية الحديثة قامت على اعمال العقل في كل شيء، كما أنها عرفت كيف تستفيد من كل لحظة، فتجد الواحد عندهم يظل في عمله 8 ساعات لا يقطعها سوى نصف ساعة فقط استراحة لتناول الطعام والاسترخاء!

هذه الاستراحة لتجديد النشاط من ناحية، وتأمل ما تم إنجازه في نصف النهار الأول من ناحية أخرى!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى