> لندن «الأيام» بي بي سي :

تصريحات الرئيس الإيراني، خلال زيارته لمفاعل ناتانز النووي، و المظاهرات الحاشدة التي نظمها أتباع التيار الصدري في العراق، وتفاعل قصة البحارة البريطانيين المفرج عنهم هي المواضيع التي عالجتها معظم الصحف البريطانية صباح أمس الثلاثاء.

"لعبة الانتظار"

ترى الديلي تلغراف أن مظاهرات يوم أمس التي نظمها أنصار التيار الصدري في العراق أمس الأول الإثنين، برهان على تطور سياسي لزعيم الحركة مقتدى الصدر.

وتعتقد الصحيفة في إحدى افتتاحياتها أنه عاد إلى العمل السياسي مرة أخرى، وأنه أدرك " منافع التأني واللعب على حبل الوقت".

وتعتبر الصحيفة في هذا الصدد أن "هذا التحول" هو أول علامة واضحة على هزيمة الرئيس بوش.

ولا تستبعد الديلي تلغراف أن يكون الصدر فهم فهما جيدا درس الانتخابات النصفية في الولايات المتحدة، والتي حملت المعارضة الديمقراطية إلى قمة الكونغرس. لذا فهو مدرك تماما لا جدوى التصعيد المسلح إذا تحقق الهدف (جلاء الأمريكيين من العراق) بفضل ضغط الديمقراطيين.

المسيرة الاحتجاجية كان موضوع رسم كاريكاتوري في الإندبندنت، أظهر المتظاهرين على شكل موجة ضخمة تكاد أن تبتلع الجنود الأجانب.

وقد خصت الصحيفة -كما التايمز والفاينانشل تايمز والغارديان والديلي تلغراف- موضوع المسيرة بتغطية.

فالبنسبة لمراسل الإندبندنت في واشنطن أندرو بانكومب، أحيت المسيرة " السلمية" - التي شارك فيها "عشرات الآلاف" بالنجف- الذكرى السنوية الرابعة لسقوط نظام صدام حسين.

ويشير التقرير إلى "الارتياح" الأمريكي للطابع السلمي للمسيرة، ولما تدل عليه من "التقدم" الذي أحرز خلال هذه السنوات الأربع.

ارتياح يتعارض مع بعض التقارير الأقل تفاؤلا التي "تشكك" في نجاح سياسة الرئيس بوش العراقية.

وقد انعكس هذا التشاؤم على إحدى افتتاحيات الصحيفة.

وترى الإندبندنت أن التغني بالديمقراطية التي "ينعم بها العراق"، والتي يُعد تنظيم المسيرة الاحتجاجية، إحدى ثمارها، محاولة "مكشوفة" لتغطية الإخفاق الذي "يتخبط" فيه بوش وبلير فيما يتعلق بالمسألة العراقية.

فقد غاب الزعيم الذي دعا إلى هذه المسيرة، خشية على أن يتعرض إلى الاعتقال على يد القوات الأمريكية، كما أن رفع عدد الجنود الأمريكيين، لم يحل المشكل الأمني، بل نقله من بغداد إلى أماكن أخرى في العراق.

أضف إلى ذلك -تشير الصحيفة- أن طين الانقسامات الطائفية زاد بلة، بعد أن دب الخلاف بين السنة أنفسهم.

وتختم الإندبندنت افتتاحيتها بالتعبير قائلة:" حسبنا في هذه الذكرى الغريبة أن نمعن التأمل في لائحة الفرص المُهدرة، وأن نترقب سنوات أخرى من التورط في عراق متصدع بصورة لا يرجى معها أي رأب."

وفي الديلي تلغراف يطالعنا رسم كاريكاتوري يظهر انتحاريا يكشف عن حزامه الناسف وهو عبارة أربعة قنابل تحمل كل واحدة منها رقما من 1 إلى 4. و في التعليق" الذكرى الرابعة".

معركة الرموز

يشمل الإخفاق - حسب دامين ماك إلروي في الديلي تلغراف- محاولات تغيير الرموز.

ويشير الكاتب في هذا الصدد إلى تمثال وُضع محل تمثال صدام حسين، و الذي صارت مشاهد إسقاطه رمزا لانهيار النظام البعثي في العراق.

ويقول الكاتب إن التمثال البديل صار موضوع "تندر العراقيين"، كما وضع حدا للحياة الفنية للنحات الذي أنجزه.

التمثال وهو مصنوع من الجبس، طلي بالأخضر ليعطي الانطباع بأنه من البرونز، يمثل ثلاثة أشخاص يحملون هلالا تتوسطه شمس سومرية. وقد أطلق عليه اسم "ناجون، وأهدي "إلى عشاق الحرية في كل مكان".

ويُذكِّر الكاتب بالخلاف القائم حاليا في العراق حول عدد من الرموز كعلم البلاد، وكالنصب التذكاري الذي أقامه النظام السابق لتخليد نهاية الحرب العراقية الإيرانية.

وفي شأن عراقي آخر أتت الفاينانشل تايمز - كما الإندبندنت- على ذكر الغضب التركي من أكراد العراق.

فقد توعد رئيس الوزراء التركي رجب طيب إروغان، زعماء أكراد العراق، "بالسحق"، إذا ما سعوا إلى نشر البلبلة بين صفوف الأكراد في جنوب تركيا، حيث أودت الاشتباكات الأخيرة بحياة عشرين شـخصـا.

هذه التصريحات الغاضبة رد على أخرى مماثلة صدرت عن زعيم كردستان العراق، مسعود البارزاني، الذي توعد بالتدخل في المنطقة الكردية التركية إذا لم "تكف" تركيا عن التدخل في شؤون أكراد العراق.

عضوية في النادي النووي

اختارت الإندبندنت ملف البرنامج النووي الإيراني موضوعا لصفحتها الأولى.

فقد تصدرت صورة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد على خلفية العلم الإيراني ورمز الذرة، الصفحة الأولى حيث كُتب بالبند العريض:" لي الشرف أن أعلن اليوم أن وطننا العزيز قد التحق بنادي الدول النووية."

وفي الصفحة الثانية رأت الصحيفة أن إيران تتحدى الأمم المتحدة، وأنها خطت خطوة نحو تصعيد جديد مع الولايات المتحدة.

التحليل نفسه ورد في التقرير الإخباري الذي نشرته الغارديان.

ورأى كاتبا التقرير روبيرت تايت وجوليان بورغر، أنه بغض النظر عن مدى صحة ما صرح به الرئيس الإيراني، فإن ما يلفت الانتباه هو استخفافه بالعقوبات الدولية التي فرضت على بلاده مؤخرا بسبب برنامجها النووي.

وتعتبر الديلي تلغراف من جهتها أن ما صرح به الرئيس أحمدي نجاد يُعد خرقا لثلاثة قرارات صدرت عن مجلس الأمن الدولي.

"تجارة المعاناة"

لا زالت قضية البحارة الخمسة عشر الذين احتجزتهم إيران طيلة ما يناهز الأسبوعين، تثبر موجة عارمة من ردود الفعل.

ففي صفحة التعليق والرأي بالتايمز تستنكر ليبي بورفز كلمات الشكر التي وجهها أسقف الكنيسة الكاثوليكية في الجيش البريطاني توم بورنز وزميله في الكنيسة الأنجلكانية لمدينة روشستر مايكل نظير علي - للرئيس الإيراني بعد أن أعلن قرار الإفراج عن البحارة بمناسبة عيد الفصح.

وحذرت الكاتبة من الانسياق للنوايا الحسنة، وتصديق التصريحات الساسية ذات البعد الدعائي، والتغاضي عن "الممارسات الإجرامية"، كتلك التي تعرض لها البحارة البريطانيون على يد السلطات الإيرانية، على حد رأي الكاتبة.

وتخالف الصحيفة -في إحدى افتتاحياتها- بورفز الرأي بعض الشيء.

بل إنها توجه النقد اللاذع لأداء السلطات البريطانية التي أذنت للبحارة ببيع وسائل الإعلام روايتَهم للأحداث، قبل أن تتراجع عن ذلك بسبب موجة "الاستنكار التي عمت البلاد".

وتقول الصحيفة:" قبل ستة أيام كان التساؤل عن المنتصر والخاسر في هذه القضية شيئا مفهوما. أما الآن فلا مجال للشك." فالمنتصر هم الإيرانيون.

وترى الصحيفة أن "اعترافات" البحارة أضرت كثيرا بسمعة بريطانيا والقوات البريطانية، كما عرضت حياة الجنود البريطانيين في الجبهة إلى الخطر.

أخطاء

خلص تحقيق أجرته لجنة برلمانية بريطاني- واطلعت عليه التايمز - إلى أن مصالح الاستخبارات البريطانية MI5 قد ارتكبت أخطاء، وتواطأت مع نظيرتها الأمريكية لاعتقال عدد من الأشخاص، وإيداعهم معسكر غوانتنامو.

يتعلق الأمر ببشير الرواي وجميل البنا اللذين رفضا الاستجابة إلى مصالح الاستخبارات البريطانية، والتجسس لها على أحد معارفهما من المنتمين إلى جماعة إسلامية.

وبعد هذا الرفض وشت بهما تلك المصالح إلى نظيرتها الأمريكية التي تربصت بهم ونقلتهم إلى جوانتنامو مستخدمة الرحلات الجوبة السرية.