درس موريتانيا

> علي سالم اليزيدي:

> هكذا أسفرت ملحمة الديمقراطية والتغيير في موريتانيا عن استعادة الواجهة السياسية إلى طبيعتها، وجاءت نتائج الانتخابات التي جرت حسب وعد رجال الانقلاب العسكرية بترك السلطة، مصداقا لتوقعات المراقبين للوضع في موريتانيا وتفعيل الديمقراطية بعد مرحلة انتقالية سيطر خلالها قادة الانقلاب العسكري ولكنها لصالح الشعب وفك الخناق عنه الذي بدأت فصوله من يوم الإطاحة بحكم الفرد المتزين بالديمقراطية والمتمثل في (ولد الطايع) كما قالوا، إلى يوم وصول أول رئيس موريتاني منتخب ديمقراطيا هو المواطن القادم من مشيخة عملية كبيرة وتجربة وزارية معقولة، سيدي ولد الشيخ عبدالله، منهيا فترة سنتين فاصلة حتى إعلان الفوز الوطني الحقيقي وتسلم السلطة طواعية أمام الموريتانيين وكل العالم.

وظاهرة الاستيلاء على السلطة عبر دبابات الانقلابات العسكرية هي الغالبة في البلدان العربية والإفريقية وهو ما يطلق عليه التداول العنيف والدموي للسلطة ومن ثم يسيطر الطمع وشهوة الحكم ويتم استبدال البذلة العسكرية بالزي المدني، وحشد التأييد والمبايعات وإعلان الانتخابات المؤدية إلى كرس الحكم بأدوات ومقدرات الحكم ذاته، لم يحدث استثناء إلا مرتين في عالمنا العربي حدث مرة أولى في السودان في أبريل 1985 حين أذاع الفريق أول سوار الذهب بيان استيلاء الشعب على السلطة وقال يومئذ إنه لا ينوي المكوث في السلطة رغم ما حوله من دبابات وعسكر وتأييد ولم يفكر لحظتئذ بإلقاء القبض على كرسي الحكم، أعلن أنه سيسلم السلطة ومقاليدها إلى نواب الشعب بانتخابات وليس لأغلبية حزب أو تنظيم حاكم وقد فعل أمام دهشة العالم كله.

والمرة الاستثنائية الثانية جاءت عام 2005م، وقال العقيد محمد ولد فال إنه لا ينوي ايضا اغتصاب السلطة وخلع النجوم من الكتف ورمى قبعة الجيش، واستيراد أفخر ربطة عنق فرنسية، والتقاط الصور وعاش الرئيس وقال فورا وسمعة العالم بأنه سيرعى تأسيس مرحلة جديدة من الديمقراطية تضع حدا لمعاناة الموريتانيين وتأمين الحياة السياسية وفتح دار الرئاسة، وليس بناء قصور رئاسية في كل موريتانيا، ليدخل إليها أبناء موريتانيا عبر الانتخابات دون وصاية أو إكراه.

وأمام هذه الإرادة التي جاءت من سوار الذهب قبلا، ثم من ولد فال حاليا، أعجب العالم وشجع هذه الإرادة والثقافة وعزة النفس والإخلاص للشعب والتراب، إرادة جعلت العقيد فال يغادر قصر الرئاسة إلى بيته حسبما ذكرت الأنباء فور الانتهاء من حفل التنصيب للرئيس المدني المنتخب.

اتصف الجنرال فال بالصدق والحياد والمساندة أمام شعبه والرأي العالم العالمي، ويوم سارت المواكب والحملات الدعائية ظهر خلو هذه الحملات من البذخ والصرف المفرط وسكب المال العام، نعم اتصفت بأنها حملات للمرشحين الفقراء .

لم يكن بين المرشحين الموريتانيين الفقراء رجال السلطة الغلاظ والمتنفذون ودكاكين البيع والشراء ،كلا كانوا فقراء ولكنهم كما قال العالم جاؤوا بانتخابات نزيهة وحقيقية.

أما ما يضحك حقاً، هو ما الذي جعل العرب يتغيبون عن حفل فوز الديمقراطية النزيهة، أهو الخجل مما يفعلون بنا أم من الصدق في موريتانيا؟! ربما!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى