الأديب والقاص الكبير ميفع عبدالرحمن .. ثالث الكبار والروائي المتخفي في ملفات رواياته المضغوطة

> «الأيام» مختار مقطري:

> فرحان علي حسن، صالح التوي، عبدالرحمن إبراهيم، محمد ناصر شراء، مبارك سالمين، شوقي شفيق، نديم عوض، عبدالقادر أحمد قائد، أنور مبارك، د. محمد العزعزي، م. محمد مبارك، د. عبده يحيى الدباني، د. محمد علي يحيى.. وغيرها من أسماء كثيرة لها قيمتها الأدبية والفنية كنت أتوقع حضورها في الأمسية الاستثنائية للاحتفاء بالمثقف والقاص الكبير ميفع عبدالرحمن، التي نظمها منتدى (الباهيصمي) الثقافي بالمنصورة عصرية يوم الخميس الماضي بمشاركة من منتدى بن شامخ، تقديراً لمكانته الأدبية الكبيرة وتجربته الحداثية والتجديدية الرائدة في مجال القصة اليمنية القصيرة تلك التي تبدت ملامحها في العام 1972م مع قصته القصيرة المنشورة الأولى في صحيفة «14أكتوبر» بعنوان (الدرب الذي لا ينتهي) ثم تبدت ملامحها بوضوح في مجموعته (بكارة العروس - 1975م) لنقف- نحن المهتمين بالأدب في تلك الفترة - أمام قاص جديد بأسلوبه المختلف في فن القصة القصيرة ليرتقي بمحاور اهتمامنا بها إلى فضاءات أوسع، فمنذ (بكارة العروس) لم تعد (الحدوتة) ورمزية الشخوص هو كل ما يهمنا في القصة القصيرة كقراء مهتمين، بل صرنا نناقش فيها مسائل أخرى لم نسمها بأسمائها لثقافتنا المحدودة حينها، مثل الحداثة، التكنيك القصصي، البناء اللغوي، اللغة الشعرية، شفافية الغموض، القصة القصيرة، الومضة، مما يمنح ميفع فضلاً كبيراً علينا في تطورمستوى قراءتنا للقصة القصيرة، بعد ذلك أثر في تقييمنا لكل المجموعات القصصية لكتاب آخرين، ميفع عبدالرحمن جعلنا أكثر مقدرة على سبر أغوار القصة القصيرة الحديثة، بعد أن نمت ثقافتنا لنستوعب -وليس لنفهم- فنه القصصي، الأمر الذي يؤكد ما جاء في حديث د. محمد علي يحيى من أن ميفع يحتاج لقارئ غير عادي لأنه كاتب متميز ومتمرد حتى على ذاته كما أن له خصوصيته (فلم يخرج من معطف أحد) والجملة الأخيرة وضعتها بين قوسين لشدة مصداقيتها باعتبارها نتيجة قيمة لقراءة تقييمية حقيقية وصادقة لأدب ميفع عبدالرحمن.

وقال الشاعر عبدالرحمن إبراهيم: إن الأستاذ علي حسين خلف قال في مقدمته لمجموعة (بكارة العروس) إن ميفع (ثالث الكبار) مع محمد عبدالولي وأحمد محفوظ عمر (وبمقياس المرحلة التاريخية الحتمية للحداثة في الأدب لم يكن منصفاً بحسب رأيي) وأضاف إبراهيم إن الحديث عن ميفع حديث عن تجربة إبداعية وثقافية كان ميفع أبرز رموزها، بدأ كبيراً فأبهر النقاد والقراء على حد سواء، ثم تحدث عن الانزياح في اللغة حتى في عناوين قصص ميفع المؤلفة من أكثر من مفردة.

وقال الشاعر مبارك سالمين: إن الهم السياسي والاجتماعي أثر في إبداع ميفع، فكان يمكن أن يكون أكبر مما هو عليه الآن لقدرته الهائلة على الإبداع وامتلاك اللغة، ومعظم الأدباء في اليمن كان يمكن أن يكونوا أكبر وأفضل مما هم عليه اليوم، وهو من الأدباء العرب القلائل الذين درسوا الأدب بعد دراسته في معهد جوركي بالاتحاد السوفيتي سابقاً الذي لا يقبل غير المبدعين، وهو مبدع وناقد مما ساعد على تجويد عمله الإبداعي، وهو الوحيد الذي كان يضع في قصصه أهدافاً سياسية واجتماعية يحققها بملكة المبدع الفنان، على أن إنتاجه لم يحظ بنقد حقيقي لضعف حركة النقد عامة في اليمن وضعف حركة النقد للسرد عامة ملتمساً في قصصه الطويلة رأياً متخفياً فبعض قصصه روايات في ملف مضغوط.

غير أن المسألة في رأيي ليست في ضعف حركة النقد فقط، ففي السبعينات والثمانينات كان للنقد رؤية واحدة وبالتالي فإن نقده لنتاج ميفع ما كان ليكون نقداً فنياً محايداً، ومازالت للفن رؤية واحدة في مرحلتنا التاريخية الراهنة بكل عدائها للمرحلة السابقة، وبالتالي فلا غرابة ألا يحظى اليوم إنتاج ميفع الإبداعي بالدراسات النقدية، وألا يعاد طبع مجموعته (بكارة العروس) رغم سبقها الحداثي في فن القصة اليمنية القصيرة، ولكن اختلافنا مع الكاتب فلسفياً وفكرياً لا يعطينا حق تجاهل إسهامه الأدبي والثقافي، هذه هي الحقيقة التي تتجاهلها بصلف وغرور وعن قصد غبي مرحلتنا الراهنة كما تفعل كل مرحلة جديدة تسيدت الأمور وتسلمت مقاليدها، فنحن لا نمارس إلغاء الآخر فقط بل وإلغاء كل ما سبق، إن مؤلفات ماركس وأنجلز ولينين لعلها اليوم قد فقدت قيمتها ووزنها ولكن ليس لانهيار المعسكر الاشتراكي وفشل الاشتراكية العلمية فقط ولكن لأنها خلت من الفن أيضاً، وغداً قد تنتهي وإلى الأبد نظرية آينشتاين في النسبية لو كذبتها نظرية جديدة لأن نظريته خلت من الفن.. الفن الذي نفخ في أدب وفن ميفع عبدالرحمن نفحات البقاء والخلود، وهذا الذي قلته لخصه د. عبده يحيى الدباني بقوله: إن إبداع ميفع توازى مع المرحلة التاريخية ولم يكن تابعاً لها لأن الأدب لا يوازي الواقع ولكنه انعكاس له، وأضاف إن إبداع ميفع عبدالرحمن كان الوجه الفني للثورة إلا أنه حافظ على الفن ولم يسقط في المباشرة، ففي الفن لا يهم الحماس للثورة، وميفع فنان موهوب وصاحب صنعة تتبدى حتى في رسائله الإخوانية.

وفي الأخير.. أتمنى على كل من تحدث في هذه الفعالية المتميزة، ولم أنقل أو أعلق على حديثه أن يعذرني لضيق الحيز المتاح، على أن أحاديثهم جميعاً شهادات تاريخية لصالح مبدع كبير هو ميفع عبدالرحمن، أتمنى لو كتبوها بتفصيل لتنشر في هذه الصحيفة أو تلك أو في المجلات المتخصصة.

وأختتم حديثي بالأمنيات الصادقة للقاص الكبير ميفع عبدالرحمن- أستاذي القدير في كتابة القصة القصيرة- بالصحة وطول العمر وبمزيد من الإبداع وبالتوفيق والنجاح في كتابة روايته الأولى.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى