المتقاعدون في حجم وهيئة المعاشات في نعيم

> محمد عبدالله باشراحيل:

>
محمد عبدالله باشراحيل
محمد عبدالله باشراحيل
أفنى المتقاعدون زهرة أعمارهم في خدمة بلادهم وضحوا بالكثير من أجلها وكانوا يعتقدون أنه عندما يأتي يوم تقاعدهم سيرتاحون ويعيشون في استقرار وأمان، وستقدم الدولة لهم التسهيلات التي تقدم للمتقاعدين في دول العالم التي تحترم وتقدر متقاعديها، ولكن ما يحصل في بلادنا تقشعر منه الجلود عندما نرى حال المتقاعدين ومنهم أناس أجلاء- كانوا يحتلون مواقع قيادية في الدولة والمؤسسات والمدارس- يتسلّمون حالياً معاشات هزيلة لا تسمن ولا تغني من جوع إذ يصل معاش الواحد منهم إلى أقل بكثير من مرتب أو معاش مراسل تقاعد حديثاً، وذلك يعود إلى انعدام الآليات بالوزارات المعنية المتعاقبة التي تهتم وتتابع تنفيذ مواد قانون التأمينات والمعاشات رقم 25 الصادر عام 1991م الذي راعى تحسين المستوى المعيشي أو على الأقل استقراره، وربط ارتفاع المعاشات بارتفاع الأسعار حيث نصت المادة (63) منه على «يمنح المتقاعدون 50% من أية زيادات تطرأ على جداول المرتبات أو بدل غلاء المعيشة لموظفي وعمال الدولة.. وتلتزم الخزانة العامة للدولة وجهة العمل بتوريد المبالغ التي نشأت عن هذه الزيادة سنوياً للهيئة» ولم تطبق هذه المادة بصورة صحيحة حتى الآن الأمر الذي أحدث ضرراً كبيراً في مستحقات المتقاعدين، كما نص البند (2) في المادة (77) من القانون نفسه على «زيادة المعاش في ضوء الأسعار القياسية وذلك بنسبة يحددها قرار جمهوري بناء على عرض الوزير». فإذا كانت الأسعار قد زادت أكثر من عشر مرات منذ صدور القانون وحتى وقتنا الراهن بحسب الأرقام الرسمية، فمتى سيعرض الوزير المختص الحالة ليصدر بشأنها قرار جمهوري ومتى سيفعّل هذا القانون؟ ومتى سيطبق الحد الأدنى للمعاش (20000 ريال) لتؤكد الدولة بسلطاتها الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية مصداقيتها تجاه تنفيذ القوانين الصادرة عنها. هذا الوضع أدى إلى ضياع استحقاقات كبيرة للمتقاعدين عبر الزمن وأوصل معظمهم- والقدامى منهم تحديداً- إلى ما تحت خط الفقر، وخلق حالة متردية وبائسة تسببت في ردود أفعال لديهم عكست سخطهم واستياءهم وتكرار مطالبتهم بحقوقهم ترجمت في احتجاجاتهم واعتصاماتهم المستمرة التي كادت تغطي المحافظات الجنوبية كافة بوجه خاص باعتبارها الأكثر معاناة وضرراً، ومن يبرر أو يقول إن الأوضاع المالية للهيئة العامة للتأمينات والمعاشات لا تسمح بإضافة أي زيادات في معاشات المتقاعدين وتهدد مركزها المالي ومستقبلها، فهو في رأينا يجهل القانون من جانب ويتجنى على الحقيقة من جانب آخر، فالمادة 63 المشار إليها آنفاً تلزم خزانة الدولة بدفع الزيادة وليس الهيئة، أما ما يتعلق بالمركز المالي للهيئة فهو في وضع مزدهر ومطمئن ويسمح بتنفيذ ما أشرنا إليه آنفاً في البند (2) من زيادة المعاشات عند ارتفاع الأسعار وبأثر رجعي للمتقاعدين وبالأخص من تقاعد منهم قبل عام 2000م حيث تم تعديل القانون فيه وما يؤكد هذا الرأي المؤشرات المهمة التي يبينها التقرير السنوي للهيئة العامة للتأمينات والمعاشات لعام 2005م وهي كالتالي:

أولاً : إجمالي الإيرادات التي تم تحصيلها من الاشتراكات وغيرها بلغ أكثر من 44,5 مليار ريال، ووصل مجموع النفقات على معاشات المتقاعدين والنفقات الإدارية للهيئة 11 ملياراً ومئة مليون ريال، أي أن الفائض لعام واحد بلغ أكثر من 33 ملياراً و400 مليون ريال، وبمعنى آخر حققت الهيئة فائضاً أكثر من ثلاثة أرباع إيراداتها السنوية.

ثانياً: إجمالي الفوائد المتحصلة من أذون الخزانة والودائع بالدولار لدى البنك المركزي بلغ حوالى 17 ملياراً و232 مليون ريال، أي أن الفوائد وحدها فقط يمكن أن تغطي معاشات المتقاعدين التي وصلت عشرة مليارات و300 مليون ريال ويمكن أن تغطي أيضاً الزيادات المطلوبة للمتقاعدين.

ثالثاً: بلغت الودائع الدولارية لدى البنك المركزي حوالى 217 مليون دولار أمريكي وتعادل حوالى 42 ملياراً و300 مليون ريال بفائدة بالدولار وصلت 3.5% وبموجب التقارير الدولية فإن قيمة الدولار قد انخفضت عام 2006م بنسبة 6.8% مقارنة بالعملات القوية الأخرى مثل اليورو والإسترليني والين والفرنك، وعليه فإن الودائع الدولارية في هذا العام انخفضت قيمتها الحقيقية بنسبة 3.3% وكان يفترض ألا يقتصر الإيداع على الدولار وحده بل بعدة عملات في أسوأ الحالات، هذا في حالة تعذر وعدم إمكانية استثمارها داخل اليمن!!

رابعاً: بلغ مجموع أصول الهيئة حوالى 176 مليار ريال (880 مليون دولار تقريباً) منها حوالى 67% أذون خزانة و23% ودائع بالدولار والـ10% المتبقية في صورة حصص وأسهم في شركات وعقارات ونقدية بالبنك.

خامساً: بلغ مجموع المرتبات والأجور النقدية لموظفي الهيئة حوالى 208 مليون ريال، بينما وصلت بدلاتهم وتعويضاتهم 238مليون ريال.

هذا بإيجاز الوضع المالي للهيئة الذي يمكن وصفه بأنه مزدهر، في حين مازال متوسط معاش المتقاعد في عدن في الحضيض، ووصل بعد التعديلات الأخيرة إلى 16600ريال شهرياً. وسأحاول إن شاء الله في مقالات أخرى استكمال جوانب أخرى تتعلق بالنظام التقاعدي والمتقاعدين في بلادنا.

وختاماً بعد أن تعرفنا على وضع الهيئة وحال المتقاعدين ألا تُعدّ الهيئة في نعيم والمتقاعدون في جحيم؟؟

[email protected]

كبير خبراء سابق بالأمم المتحدة

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى