المهرجانات والمسابقات الشرائية في ميزان الشرع

> «الأيام» أسامة بن محمد الكلدي / عدن

> انتشرت خلال السنوات الأخيرة ظاهرة المهرجانات والمسابقات الشرائية العامة باختلاف أنواعها واتجاهاتها فمنها مسابقات تجارية قائمة على السحب ومنها مسابقات مبنية على الاتصالات الهاتفية إلى غير ذلك، والصورة المشهورة في هذه المسابقات أن تعرض كوبونات بمبالغ معينة فمن يشتريها يحق له السحب على الجوائز المعدة لهذا الغرض وهناك صورة أخرى تعرض فيها الكوبونات من خلال المشتريات فمن يشتري سلعة بمائة ريال مثلا يحق له السحب على الجائزة.

وقد يكسب وقد يخسر، ومعلوم أن المشارين بالآلاف أمام جائزة واحدة، وإن وجدت عدة جوائز فالفائزون بها قلة لا تذكر والباقون يخرجون صفر اليدين، فما حكم هذه المسابقات في ضوء الكتاب والسنة؟ وقبل معرفة حكمها في الشرع نمهد بذكر أمور وتعريفات لها علاقة بموضوعنا هذا.

أولا: البيع لغة مطلق المبادلة وشرعا نقل ملك إلى الغير بثمن، والشراء قبوله (فتح الباري 4/336).

ثانيا: من أسباب الفساد العامة في البيوع الغرر (بداية المجتهد 2/219).

وبيع الغرر- بفتح الغين والراء المتكررة- هو كل بيع احتوى جهالة أو تضمن مخاطرة أو قمارا (فقه السنة 3/128) وله أقسام: ما لا يعلم حصوله، ما لا يقدر على تسليمه، ما لا تعرف حقيقته ومقداره (زاد المعاد 5/818) وكل هذه الأقسام نهى عنها الشارع ومنعها.

ثالثا: من شروط البيع أن يكون كل من المبيع والثمن معلوما والجهل بهما أو بأحدهما غرر .

رابعا: الأصل في المعاملات وأنواع التجارات والمكاسب الحل والإباحة، فلا يمنع منها إلا ما حرمه الله ورسوله (تيسير العلام 2/6).

خامسا: راعت الشريعة مصلحة الطرفين البائع والمشتري حفاظا لحقهما فإذا وجدت معاملة ظلم فيها أحد الطرفين حرمها الشارع الحكيم الرحيم (تسير العلام 2/6) ولا يحلها تراضي الطرفين.

بهذا التمهيد والتأصيل نستطيع أن نفهم فتوى العلماء بتحريم هذه المسابقات ومنع المشاركة فيها لأنها قائمة على الجهالة والغرر والخداع والمخاطرة بالمال وأكل أموال الناس بالباطل كما قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل} النساء 29 . وروى مسلم وأصحاب السنن عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الغرر. والصورتان المذكورتان أعلاه لم يتحقق فيهما العلم بالمبيع (الجائزة) فهي غرر واضح يقتضي فساد هذا التبايع إذ المال مدفوع مقابل شيء موهوم لا يتحقق في الغالب وهذا هو القمار الذي حرمه الله بقوله: {يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون} المائدة 90 . ووقوع البائع أو المشتري تحت الخطر إما غانما وإما غارما، يدخل في باب الميسر المنهي عنه ثم إن هذه التعاملات في الكسب لم تعهد في تاريخ الأمة الإسلامية الطويل وإنما هي من إفرازات الرأسمالية الغربية المادية التي تحلل كل سبب للكسب ولو على حساب الآخرين والواجب علينا عدم المشاركة في هذه المسابقات المحرمة وتذكير أصحابها بخطورة أكل المال الحرام الماحق لبركة العمر والرزق وحث ولاة الأمر على منعها وإيقاف الترويج لها في وسائل الإعلام.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى