وتلك الأيــام .. عسكرة الوظائف المدنية

> جلال عبده محسن:

>
جلال عبده محسن
جلال عبده محسن
الألقاب العلمية تدل على المكانة العلمية التي وصل إليها صاحبها، تلازمه أينما كان وفي أي موقع من مواقع الحياة العلمية، عسكرية كانت أو مدنية ومدى الحياة، فنستطيع القول: الدكتور/السفير أو المدير العام/الدكتور، أو اللواء/الدكتور و المحافظ/المهندس.

أما الألقاب العسكرية فلا يجوز أن نطلقها على وظائف مدنية يتبوؤها الشخص كأن نقول السفير/ العقيد أو المحافظ/ العميد أو المقدم فلان وهو مدير مرفق مدني، فالرتب العسكرية تطلق للدلالة على تولي صاحبها عملا عسكريا، أما إذا انتقل صاحبها لتولي منصب مدني فالأجدر به تركها عند بوابة آخر محطة عسكرية أو أمنية له وبالإمكان العودة إليها متى ما عاد مجدداً للحياة العسكرية.

صحيح أن هناك تخصصات مشابهة في المجال العسكري ولها علاقة في الوظائف المدنية يحملها هذا الاختصاصي إلى جانب رتبته العسكرية، فقد نجد الطبيب والقانوني والمهندس والمالي وغيرها من التخصصات الاجتماعية الاخرى ومن الطبيعي أن تلازمه الرتبة العسكرية طالما وهو يعمل في السلك العسكري وهي تعني الكثير لصاحبه في إطار وحدته الأمنية أو العسكرية، كونها تسلسلاً وظيفياً بمعايير معينة، لكن ما لا نجد له تفسيراً منطقياً هو تمسك البعض بلقبه العسكري وقد انقطعت صلته بالحياة العسكرية وأصبحت من الزمن الماضي إلا إذا أراد بها إدارة تلك الوظيفة بطريقة عسكرية أو أن يصنع لنفسه هيلمانا عند الآخرين.

والعجيب أننا نرى ذلك في سياق الخبر وفي إطار المراسلات الرسمية أيضاً، والأغرب في الأمر أن رجل الأمن هذا وفي سياق عمله المدني يظل محتفظاً بحقه في الترقيات للرتب العسكرية يعامل وكأنه في حكم المنتدب، وإذا كان الأمر كذلك فهل في تشريعاتنا العسكرية ما يجيز مثل هذا الانتداب المفتوح ولسنوات طويلة قد تمتد إلى عقود من الزمن؟

ومن ناحية أخرى، فقد نرى بعض الوظائف القيادية والإشرافية لبعض المؤسسات أو المصالح والهيئات العامة ذات الطابع التخصصي والعلمي قد تسند إلى أشخاص غير أكفاء إدارياً لاعتبارات سياسية بعيدة كل البعد عن اعتبارات المهارة الإدارية ولا يمتون لهذه التخصصات بصلة سوى أنهم كانوا في السابق قادة عسكريين أو محافظين أو أصحاب وجاهات، دون مراعاة للتخصص وعامل الخبرة وعناصر المهارات الإدارية الاأرى كالمعرفة ومسألة اتخاذ القرار ومهارة الاتصال بالآخرين و...غيرها، كما يذهب إليه علماء الإدارة وعلماء النفس الإداريون، من أن للإنسان تأثيرا مباشرا في تغير معطيات العمل وفقاً لما يحمله من معلومات وخبرات وتوقعات وخلفية، التي تعتمد في المقام الأول على مدى التوافق بين شخصية الفرد وإمكانيته العلمية وشخصية العمل نفسه، مما يخلق مؤسسات بيروقراطية لا مؤسسات شفافة وناجحة، تأخذ في الاعتبار خصائص الفرد وأهدافه وتوقعاته.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى