حكومة د.مجور ... ومواقف الطيف السياسي من الإصلاحات

> الشيخ علي محمد ثابت:

> قدمت حكومة الاخ د. مجور برنامجها لمجلس النواب لنيل الثقة عليه وقد جاء كما تعهد رئيس الحكومة أمام رئيس الجمهورية بالعمل ضمن فريق موحد، لإنجاز مصفوفة من الإجراءات الواضحة للإصلاح الذي يوجه الأداء لأجهزة السلطة التنفيذية نحو وظائفها الدستورية المنسجمة مع الاستحقاقات العامة، وفي إطار يستوعب مهام البرنامج الانتخابي لرئيس الجمهورية.

ولا شك أن شخص د. مجور الذي كلف بتشكيل الحكومة في ظرف استثنائي، لمواجهة مهام اقتصادية ملحة، والذي يمتلك مؤهلات ومصداقية لا غبار عليها يمثل تطوراً نوعياً في مسار عملية الإصلاحات التي انطلقت منذ عشر سنوات، ولم تبلغ غايتها لغياب الإرادة السياسية اللازمة لاجراء الإصلاحات الهيكلية ومواجهة الفساد وتحقيق التطوير والتحديث المطلوب لأجهزة السلطة المختلفة.

وفي إطار التناول للبرنامج الذي محوره الإصلاحات فإن المتابع للمناقشات في مجلس النواب لا يجد لدى الأحزاب المعارضة في المجلس رؤية متكاملة لقضية الإصلاحات تحتكم لأبعاد سياسية استراتيجية وتكتيكية من الإصلاحات كهم مشترك لكل أطراف المعارضة وتيارات في الحزب الحاكم والسواد الاعظم في المجتمع .

ولأجل الوصول إلى موقف أكثر إيجابية من كل المشاريع الإصلاحية ومنها برنامج الحكومة الجديدة ينبغي إدراك أن مساحة الإصلاحات التي تطمح إليها المعارضة وهو طموح مشروع في الإصلاح الشامل ينبع من قدرة الأحزاب المعارضة والحزب الحاكم على تجاوز واقعها المأزوم ومن خلال الحوار الجاد الذي تكون نتيجته استراتيجية وطنية للإصلاح الشامل وإجراء إصلاحات سياسية تحقق التوازن، الذي تنطلق من قاعدته تنافسية البرامج الإصلاحية الحزبية لك حزب، ووفقا للرؤية والكيفية الحزبية الخاصة به، ومن إشكاليات الذهنية السياسية اليمنية أنه ترسخ في وعيها أسلوب وحيد لحلحلة الأوضاع، ومن خلال الصفقات السياسية التي تمثل نقلة نوعية هائلة للأوضاع كاتفاقية الوحدة في 89 وما تلاها من تغيير في مسار الأوضاع اليمنية باتجاه النظام التعددي، إلا أنه للاسف لم يتح للممارسة الديمقراطية بآلياتها المختلفة المحتكمة للقاعدة الانتخابية أن تسير الأمور نحو الإصلاحات التدريجية وظلت عقلية الصفقة تحكم الأسلوب السياسي الحزبي، إما كل شيء، وإما لا شيء.

وذلك ما يتجلى دائماً في مواجهة المنظومة السياسية بكل أطرافها للحاجات الملحة للإصلاح، وذلك ما يلاحظ في مواجهة برنامج الحكومة الجديدة، والذي لو تم التمعن في مضامينه لأدرك أنه بعيد عن الصيغ السياسية ويتجه لمعالجة القضايا بأسلوب علمي يأخذ أفضل الطرق لتصحيح وتصويب عمل الإدارة، من خلال إعادة توجيه وتحديد السياسات والنظم بتعديلات كبيرة يمكنها أن تحد من كثير أساليب وآليات مركزية متخلفة تمثل بيئة لفشل وفساد الإدارة، وبذلك تكون محاربة الفساد قد أخذت اتجاهاً لسد منابعه قبل السعي إلى الإجراءات العقابية والرقابية.

وفي هذا السياق نجد أن هناك ايضاً محاولة لمواكبة التطوير والتحديث في الإدارة الاقتصادية لمواكبة نماذج الإدارة الناجحة في الأداء الاقتصادي في دول مجلس التعاون الخليجي، وهناك توجه لإصلاح الموازنة العامة ومحاولة ترشيد الإنفاق لصالح التنمية وإصلاحات مالية هامة تتمثل في إعادة نظام الخزانة العامة كحافظة للموازنة متخصصة يمكنها -لو تمت - إنجاز أكبر خطوة للحفاظ على المال العام الذي يهدره النظام المالي الحالي، وهناك الكثير من الخطوات الهادفة إلى تحرير الاقتصاد والتجارة وتفعيل آليات اقتصاد السوق التنافسية وكبح الأساليب الاحتكارية والشمولية التي مازالت تحبط حركة الاقتصاد والاستثمار وغيرها من المحددات لجوانب عدة، فبالرغم من أن برنامج الحكومة يحمل في طياته حزمة من الإصلاحات الملحة والمرحلة منذ سنوات مضت، إلا أن التفاعل معه من جانب القوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني والصحافة كجهات تحمل هم عملية الإصلاح وتدعو اليها لم يكن مشجعاً، مع أن الجميع لا يختلفون في أن حكومة د.مجور لا تعوزها الخبرة والجدية والمصداقية في العمل لإنجاز برنامجها الحكومي، لذلك فإنه من المفيد القول إن عملية الإصلاح آلية ديمقراطية سياسية وبفعلها التراكمي المستمر يمكن تحقيق التغيير المنشود لمفردات الواقع السالبة، لو توفرت لها عوامل الدفع السياسية والإعلامية والبرلمانية من قبل كل القوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني لأمكن إيقاف التدهور في الأوضاع المعيشية لأغلبية السكان بسبب زيادة الأسعار غير المبررة التي لا تجد الآليات الفاعلة للسيطرة عليها، ولمواجهة البطالة التي تتزايد بعشرات الآلاف كل عام بما تدفع به الجامعات والمعاهد كل عام من الشباب إلى سوق العمل، ولأمكن مواجهة الفساد وترشيد الموارد لصالح التنمية والاستحقاقات المجتمعية والاستفادة من الفرص التي تهيأت لليمن للشراكة مع دول مجلس التعاون، التي قدمت تعهدات بدعم التنمية في اليمن للتأهل لعضوية المجلس. كما أن حضور رئيس الجمهورية مؤتمر المانحين في لندن في مطلع هذا العام ليؤكد التزام اليمن بإجراء إصلاحات هامة لمحاربة الفساد ويعكس قناعة السلطة بالحاجة إلى الإصلاحات الحقيقية التي تحتاجها البلاد لمواجهة واقعها الداخلي والتعاطي مع محيطها الاقليمي والدولي .

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى