دعوة الحكومة لإصلاح التشريعات الأساسية

> د. علي مهدي العلوي بارحمة:

> إن إعادة تنظيم العلاقات الاجتماعية والإدارية تكتسب أهمية كبيرة للغاية في الأخذ بيد الحكومة والاهتداء إلى الطريق الصحيح لتنفيذ برامجها التنموية وخططها الاستراتيجية وبرامجها التنفيذية، ولا يمكن لهذه الحكومة أن تحقق ما تصبو إليه ولن تلبي أدنى حد من آمال المجتمع اليمني وستظل في النفق شبه المظلم الذي سارت عليه الحكومات السابقة عندما لا تدرك أنها جاءت من أجل المجتمع وليس العكس، حيث يقع عليها أن تأخذ بالنصيحة من أهلها بعيداً عن الرغبات والمزاجات الشخصية أو الطموحات المثالية والفرضيات غير المدروسة علمياً، لذلك فالأمور التي لا ريب فيها يجب أن تكون نصب أعين الحكومة ولا بد من إجراء إصلاحات للتشريعات الأساسية ومن أهمها:

أولاً: لا بد من إجراء التعديلات الأساسية اللازمة على القواعد التشريعية في الدستور

لقد سبق أن عُدّل الدستور في 1994م وإلى حد هذه اللحظة لم يجر الاستفتاء الشعبي على تلك التعديلات، وهذا من الناحية القانونية ينزع صفة الجمودية، وإمكانية التعديل الدستوري قائمة ثم تطرح للاستفتاء الشعبي العام أي تعديلات أساسية حيث تتطلب المرحلة الحالية التي يمر بها المجتمع والدولة ضرورة الوقوف أمام القواعد الدستورية التي تعتبر خطوطا عامة تنبثق منها التشريعات الأخرى دون أن تتعارض معها أو تخالفها وإلا أصيبت بعيب المشروعية.

ولايمكن أن يتم أي تعديل دستوري صحيح قابل للاستمرارية دون الاستعانة بالمتخصصين القانونيين وبالذت الاكاديميين منهم وكل في مجال اختصاصه العلمي.

ثانياً: إصدار قانون التقسيم الإداري

الأساس الدستوري للتقسيم الاداري في نص المادة (145) من الدستور النافذ، وظل هذ النص خلال الفترة المنصرمة في حكم الميت أو نصا شكليا من حيث عدم الأخذ به، لذلك لم تدفع الحكومات السابقة بأي قانون للتقسيم الإداري لإقليم الدولة إلى الهيئة التشريعية أو حتى تقنين التقسيم الإداري الحالي وهو تقسيم عرفي تركة من الدولتين السابقتين ثم استحدثت وحدات إدارية جديدة (محافظات ومديريات) بقرارات إدارية.

وتعتبر في نظر القانون غير دستورية لمخالفتها نص المادة (145) من الدستور قلباً وقالباً ولا نجد في التقسيم الاداري أي شرعية قانونية إلا لمحافظة ريمة لنشأتها بالقانون رقم 5/2000م فبانعدام الشرعية للوحدات الادارية تنعدم الآثار التي تترتب عليها من انتخاب وتعيين هيئات السلطة المحلية ونشاطاتها المختلفة، ويظل هذا الخلل من أكبر عيوب الحكومات السابقة، وما تمسكنا بأن اليمن هي دولة قانونية إلا موقف طاؤوسي ليس إلا، فالحكمة من قانون التقسيم الإداري هي كثيرة جداً ومن أهمها تحديد الاختصاص المكاني حصراً لهيئات السلطة المحلية وهيئات السلطة القضائية والأجهزة التنفيذية عموماً فغياب ذلك يؤدي إلى عيب الاختصاص، وغياب المتطلبات العلمية والاقتصادية والاجتماعية التي يقوم عليها وينظمها هذا القانون الأساسي الذي يحتل المرتبة الثانية بعد الدستور ويمكن أن يشمل توزيع أراضي الجمهورية إلى أقاليم اقتصادية تدعو ضرورة التخطيط الاقتصادي إلى إنشائها مع تحديد الأسس والمتطلبات والمهام والهيئات لإدارتها.

ثالثاً: إصلاح قانون السلطة المحلية

يعتبر نظام السلطة المحلية هو صورة من صور اللامركزية الاقليمية حيث يجب أن تنحصر القواعد القانونية التي تنظم هذه العلاقات على مستوى الهيئات المحلية المنتخبة والهيئات المحلية المعينة (الأجهزة التنفيذية) نشأتها ومكوناتها واختصاصها ونظام عملها، وأن تكون هناك لائحة تنفيذية ولائحة تفسيرية دقيقة.

وهناك إخفاقات قانونية يعاني منها قانون السلطة المحلية رقم (4) لسنة 2000م بحاجة إلى تعديلات سريعة جداً ومن أهمها ما جعله المشرع تناقضا موضوعيا مع روح نظام اللامركزية الإقليمية وهو أن يكون رؤساء الوحدات الإدارية المعينون بقرارات إدارية رؤساء للهيئات المحلية المنتخبة (المجالس المحلية) بحكم مناصبهم، وهذا أمر مناقض لقواعد اللامركزية الإقليمية تماماً، كما تبنى فخامة رئيس الجمهورية في برنامجه الانتخابي فكرة انتخاب رؤساء الوحدات الإدارية ومنهم المحافظون ويعتبر ذلك من أبدع أجندة البرنامج من الناحية العلمية والعملية في نظام السلطة المحلية، ولكن تحديد تلك الآلية يتطلب تقنينها ضمن قانون السلطة المحلية مع أهمية تحديد الشروط الواجب توافرها في المحافظين كما ذهب إليه المشرع في تحديد شروط الأمناء العامين للمجالس المحلية ورؤساء الوحدات الادارية ذاتها، ومن الأهمية بمكان أن تتخلى الحكومة المركزية عن التشبث بنظام المركزية لإطلاق العنان للهيئات المحلية في تنفيذ مهامها تحت الإشراف والرقابة المركزية الشفافة، ومن الأهمية كذلك استبعاد النصوص الخاصة بالتقسيم الإداري الوارد في المادتين 5 و6 من قانون السلطة المحلية إلى قانون التقسيم الإداري الذي يشكل أحد أهم أركان نظام اللامركزية الاقليمية.

وهناك مواد عديدة بحاجة للتعديل في قانون السلطة المحلية، المختصون يدركون أوجه التعارض والتناقض فيما بينها من ناحية ومع الدستور من الناحية الأخرى.

رابعاً: إصدار قوانين خاصة لبعض المدن الهامة

1- أمانة العاصمة: لا يوجد حتى الآن أي قانون خاص لأمانة العاصمة للجمهورية اليمنية ولا يحدد أي امتيازات ذات طبيعة خاصة تعمد إلى تسهيل التعامل فيها وتعكس شفافية العلاقات الإدارية والاقتصادية والاستثمار كما هي عليه عواصم بعض الدول.

2- مدينة عدن: من الأهمية بمكان أن يكون هناك قانون خاص ينبع من صلب اللا مركزية الاقليمية ليلبي طموحات السلطة المحلية وتسهيل المعاملات الاقتصادية والإدارية والاستثمار فيها باعتبارها تكتسب أهمية تاريخية واستراتيجية واقتصادية نافذة يجب تمتعها باستقلال إداري ومالي متميز لكي تشعر الهيئات المحلية بالثقة والاستقرار.

3- مدينة المكلا: إن مدينة المكلا تتمتع بأهمية خاصة وعالية اقتصادياً وسياحياً واجتماعياً ما يدعو بالضرورة إلى أن تحظى بنفس الامتيازات التي يمكن أن تتمتع بها مدينة عدن وأمر تمتع تلك المدن بقوانين خاصة متفرع من قانون السلطة المحلية ويمكن إدارج أي مدينة ترى الحكومة تمتعها بتلك الأهمية ضمن هذه المرتبة الإدارية المتميزة.

أستاذ القانون العام المساعد /كلية الحقوق جامعة - عدن

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى