ريم من الشام مأخوذ بعبق اللبان وروض القمندان

> نجيب محمد يابلي:

>
نجيب محمد يابلي
نجيب محمد يابلي
ريم على القاع بين البان والعلم ** أحل سفك دمي في الأشهر الحرم ..بهذا البيت افتتح أمير الشعراء أحمد شوقي (1868-1932م) قصيدته «نهج البردة». والريم هو الظبي الخالص البياض وأما البان فهو شجر لين كالصفصاف، والعلم هو الجبل، والريم هنا هو ريم الجزيرة العربية فماذا عن ريم الشام؟

ريم الشام هي السيدة الفاضلة المهندسة ريم عبدالغني، الباحثة في المعمار التاريخي والكاتبة المتألقة وهي فوق هذا وذاك قرينة عزيز على قلوبنا هو الأخ الرئيس علي ناصر محمد الذي كنّاه محبوه- وهم كثر- بأبي جمال.

حققت المهندسة ريم انتشارا لا يستهان به في قطاع من الصحافة الخليجية واليمنية وكانت «الأيام» فترينة ريم الشام، وشدني كثيرا موضوع ريم الشام (م. ريم عبدالغني) الموسوم «الأنف يعشق قبل العين أحيانا» وهو ما يعرف في الأدب بـ«المعارضة» وهناك سبق لأحمد شوقي في معارضة ابن زيدون، ومعارضة عبدالمجيد الأصنج لأحمد فضل القمندان، ذلك عندما كتب الثاني قصيدته «حالي ياعنب رازقي» عارضه الأول بقصيدته «من للباب ذا المغلق» وقد غناها الفنان الراحل أنور أحمد قاسم وهي واحدة من روائعه.

السيدة ريم عارضت بـ «الأنف يعشق قبل العين أحيانا» قصيدة الشاعر العباسي بشار بن برد (714-784م) مطلعها:

وذات دلٍّ كأن البدر صورتها

باتت تغني عميد القلب سكرانا

وجاء في سياقها:

ياقوم أذني لبعض الحي عاشقة

والأذن تعشق قبل العين أحيانا

بعد أن أخذتنا السيدة ريم في سياحة أدبية شعرية بمعارضتها بشار بن برد أخذتنا في سياحة تاريخية إلى قنا، مركز تصدير البخور وحضرموت التي اشتهرت بزراعته والأطلس التاريخي يشير إلى «ساحل البخور» وهو ساحل حضرموت، وأخذتنا من هناك إلى نينوى حيث محارق البخور وهو قاسم مشترك أعظم مع كثير من الأصقاع ومنها مصر الفرعونية شمالا وبلاد البونت (الصومال) جنوبا، وزينت السيدة ريم موضوعها بمرجعيات تاريخية فأشارت إلى ثيوفراتوس الإغريقي وبليني الروماني وابن المجاور العدني، وراحت بنا السيدة ريم إلى بلاد السند والهند وبلاد فارس والروم.

بعد سياحة تاريخية أخذتنا السيدة ريم في سياحة أنثروبولوجية تطرقت فيها إلى عادات الشعوب وغاصت غوصا عميقا في المفردات البيئية (الزباد، الأخضرين، الفل، الكادي، المشموم، الأزاب، الحنون، البعيتران) ففاحت تلك الروائح الزكية من بين السطور من حلاوة البخور، ومن وراء الدخان انطلقت صرخة قمندانية جميلة: يافل ياكادي يامشمش ياعنبروت.

حقيقة رأيت تجليات للسيدة ريم عبدالغني، إلا أن تلك التجليات بلغت درجة التصوف في موضوعها الأخير «الأنف يعشق قبل العين أحيانا» وبوسعي أن أبشر السيدة ريم بأنها ستوفق أيما توفيق إذا طرقت باب «أدب الرحلات» فقد أظهرت مهارة تستحق الثناء عليها في هذا النوع من الأدب (الرحلات).

إلى لقاء آخر مع ريم الشام.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى