> تعد كلية الآداب من المكونات الأساسية لأي جامعة. وعلى الرغم من أهمية رسالتها ودورها في خدمة المجتمع وتنويره والإسهام في التنمية البشرية وتعميق أطر المعرفة والحضارة والفكر والبحث العلمي فهناك اليوم عدد من المفاهيم والأحكام والممارسات الخاطئة التي جعلت عددا كبيرا من أفراد المجتمع بل ومن المسئولين يعتقدون أن هذا العصر - عصر العولمة واقتصاد السوق- لا يحتاج إلا إلى كليات طب وهندسة حاسوب. واقترنت هذه النظرة القاصرة بإهمال العلوم الإنسانية واتهام كليات الآداب بأنها تخرج أفواجاً من العاطلين عن العمل لا يتناسب تأهيلهم النظري الصرف مع متطلبات المجتمع وسوق العمل.

وفي جامعة عدن لم يتم افتتاح كلية الآداب إلا في نهاية عام 1995 وبخمسة أقسام علمية فقط هي: الجغرافيا والتاريخ والفلسفة وعلم الاجتماع واللغة الفرنسية. وحرصت قيادات الجامعة والكلية على تطوير هذه الكلية في ظل غياب البنية التحتية والبشرية المناسبتين. وبُذلت جهود كبيرة من أجل الارتقاء بمستوى الكلية وتم إضافة عدد من الأقسام المهمة: مثل قسم الصحافة والإعلام واللغة العربية والخدمة الاجتماعية وعلم النفس والمكتبات والمعلومات.

واليوم، بعد أن دخلت الكلية في العقد الثاني من عمرها، تعتزم قيادتها الجديدة وجميع منتسبيها بذل مزيد من الجهود من أجل تمكين الكلية من أداء رسالتها العلمية والاجتماعية والتنموية بشكل كامل ومتميز بما يضمن تصحيح تلك المفاهيم الخاطئة التي ذكرناها. فخلال الشهر الماضي أقر مجلس الكلية خطة عمل للمدة المتبقية من عام 2007 تتضمن تفعيل لجان الدراسات العليا ولجان المناهج وعقد ورش عمل لتقويم الخطط الدراسية وتعديلها وإعادة النظر في حجم ما هو نظري وما هو عملي. وتم توجيه الأقسام العلمية بالتركيز أكثر على تدريب الطلبة على المهارات العملية في مختلف التخصصات. فبدءا من العام القادم سيدرس الطلبة في قسم الصحافة والإعلام وفقا لخطة دراسية تعتمد أساسا على التطبيق الميداني واكتساب المهارات العملية. وقد شرعت الكلية في رفد القسم بنواة لمختبر متخصص وسيتم العمل على فتح مركز إعلامي وترويجي ملحق بالقسم يقدم خدماته لمختلف المؤسسات الحكومية وغير الحكومية. وقرر مجلس الكلية أيضا تمكين قسم الصحافة والإعلام من قبول عدد من الطلبة في إطار التعليم الموازي المسائي. ووجه عميد الكلية جميع الأقسام العلمية بالعمل على خلق علاقات متينة مع المؤسسات الحكومية وغير الحكومية بغرض تمكين الطلبة من التدرب فيها والنظر في إمكانية تنظيم دورات تأهيلية تخصصية لموظفيها. وبالنسبة للغة العربية، فقد قرر مجلس القسم إعادة النظر في خطته الدراسية وإدخال مادة (تقنيات التعبير) بالإضافة إلى مادة (صناعة الكتابة) التي ستهتم باللغة العربية الوظيفية ومهارات كتابة التقارير والملخصات والأبحاث.. كما سيتم في هذا القسم تدريس مادة (الترجمة والتعريب) واللغة الإنجليزية بالمناهج الحديثة نفسها التي تُدرس في معهد اللغات الأجنبية التابع لجامعة عدن وعلى مدى خمسة فصول. وقرر مجلس قسم الفلسفة أن يضع خطة جديدة تجعل منه قسما لـ(الفلسفة والدراسات الثقافية) كما هو الحال في عدد من الجامعات العربية الأخرى. كما يتم النظر في إمكانية تحويل قسم الآثار بالكلية إلى قسم للآثار والسياحة أسوة بقسم الآثار في مأرب وذلك بهدف تأهيل عدد من المتخصصين في الإرشاد السياحي.

ومن جهة أخرى وجهت عمادة الكلية الأقسام العلمية بالاهتمام بالسمنارات والشروع في مراجعة أساليب التقويم (الامتحانات) بهدف تحفيز الطلبة على الاهتمام أكثر باكتساب المهارات العملية والتطبيق العملي والتدريب الميداني وكذلك المشاركة في النشاطات اللاصفية في إطار الكلية.وينبغي التأكيد على أنّ توجه كلية الآداب إلى الاهتمام بالمهارات العملية لن يعني أبدا إهمال الجوانب المعرفية والفكرية. فمنذ العام الماضي فـُتحت في اليمن كليات عليا للتربية ليلتحق بها خريجو كليات الآداب وكليات العلوم لمدة عام بهدف العمل في سلك التدريس.

إن جميع هذه القضايا تشكل اليوم استراتيجية لجميع منتسبي كلية الآداب الذين يحرصون على تمكين خريجي الكلية من ولوج سوق العمل بقطاعاته التقليدية والجديدة وهم متسلحون بأكبر عدد من المهارات العلمية والعملية. فخريج كلية الآداب الذي يتأهل بشكل جيد بإمكانه اليوم أن يعمل في كثير من المجالات كالصحافة والإعلام والثقافة والعمل الاجتماعي والتنموي والاقتصادي، وفي مراكز البحوث الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والإعلامية الحكومية وغير الحكومية، وفي قطاعات السياحة والإنتاج الفني والإعلامي، كما يمكنه الالتحاق بإحدى كليات التربية العليا في اليمن ليصبح مدرسا.

النائب الأكاديمي للكلية