الشيء من الشيء مقلقل ومحشي!

> سعيد عولقي:

>
سعيد عولقي
سعيد عولقي
بالصراحة والصدق يعني فوش ما تعمله محافظة عدن.. بالذات ما ألمسه من ملاحظات في مجال النظافة بالذات والنقلة النوعية التي انتقلتها إلى الأعلى.. يعنى الحمد لله الآن تمام.. أحسن في أول بكثير.. يعني مش كل شيء بالضبط والكمال مئة بالمئة كاملاً شاملاً.. لكن فوش عن الرمامة اللي كانت ترتع في كل مكان من أول، من بداية ما تطرح رجلك خارج الدرج- الدرج اللي هي السلالم مش الدرج حق المكتب طبعاً.. وذا من باب التوضيح والانشراح- ولغاية ما تمشى مشوارك حيث ما تروح رحت.. أي بمعنى أنه فوش بين الفرق بين أول وذلحين.. وبايلاحظ القارئ الكريم أننا استعملنا كلمة فوش ثلاث مرات في ثلاثة استعمالات متشابهة كلها تؤدي إلى نفس الغرض والمعنى هو ذاك هوه بس إلا زيادة في الفراهة والهدار اللي ما منوش إلا تضييع الوقت والورق والمداد بس لكن الحق انه فعلاً وقولاً فوش ما تشهده المحافظة من حرص على الارتقاء بمستوى النظافة إلى الأفضل والأفضل.

صحيح أنه لاتزال هناك بعض البقع السوداء هنا وهناك.. وهذا من طبائع الأشياء.. لأنه لما زادت النظافة نقصت الوساخة وبانت.. والشيء ما يبانش إلا بضده كما يقول الفلاسفة.. يعني أنه كانت المدينة غارقة في الرمامة والقمامة كانت الناس عفلك تجزع من جنب الكداديف وتتقل وتسب وتسخط وتبول وحتى أحياناً في الأماكن المستورة تفعل ماهو أكثر من البول.. كل هذا باعتبار أن المسألة عادية فما دامت الدنيا كلها وساخة ومن كل الأصناف.. فأيش با يضر قليل بول وإلا كثير تفافيل وإلا بعض من ذاك الشيء اللي كان من قبل طعاماً شهياً!!

واللي ينطبق على النظافة والوساخة من الناحية النسبية ومن كل النواحي ينطبق على كل شيء.. فمثلاً: عندما أضيئت الأنوار الجديدة في كثير من الأماكن التي كانت تفتقر إليها.. وتم تبليط الأرصفة وسفلتة الشوارع ارتفعت نسبة النظافة هناك إلى مستويات عالية لم تكن تبلغها من قبل.. حتى سلوك الناس تغيرت لتواكب البيئة الجديدة فلم أعد أرى أصحابي يرمون بواكت السيجارة الفارغة على الطريق وإنما يقومون ويسيرون نحو سلال القمامة التي تم تركيبها لغرض رمي النفايات فيها.. يفعلون ذلك بأدب جم ويرجع كل واحد منهم إلى مكانه ويجلس وهو مؤدب.. وتسأل مثلاً: هل كنت باتفعل هكذا يا حسن فرور من قبل؟ من قبل عشر وإلا خمس وإلا كم سنة؟ فيرد ضاحكاً بعبارة شعبية متداولة :«يا أبه.. الشيء من الشيء!» ولم يكن حسن فرور ولا أنا ولا أحد يدرك عمق هذه العبارة إلا إذا تأمل فيها جيداً.. أي أن التطور والتقدم والنمو والخ.. كلها مسائل مترابطة.

إذن هناك ترابط فعلي وجدلي.. وهناك نسبية جدلية وغير فعلية كما قال لي واحد فيلسوف في الجامعة.. أنا اللي فهمته منه بعد رجاء التبسيط.. هو أنه إذا طورنا البيئة اللي يعيش فيها الناس فإن الناس بالضرورة سيواكبون هذا التطور وينمونه.. وإذا جبت ناس متطورين إلى بيئة وسخة وغجرية ومتخلفة في كل شيء فإن اللي يحصل وبسهولة شديدة جداً هو أن هؤلاء الناس يتدهولون على عيونهم- كما يقال باللهجة المصرية- ويصابون بالتخلف وبالهبل.. يعني ينزلون إلى مستوى المكان.. ولا يرفعون المكان إلى مستواهم.. ومثلما قلنا من قبل فإن المسائل في كل شيء نسبية.. مش كل شي يا أبيض يا أسود.. ولا يزال أمام محافظ محافظة عدن الكثير من الجهود الكبيرة فوق ما بذله ويبذله ليتحقق النمو المرجو وتستوي النسبية ويتأصل التكامل بين الناس والبيئة.

قال لي الأستاذ الجامعي ونحن نسير بسيارته وهو يشير إلى البقع السوداء التي لا تزال تقاوم النظافة لكي تنتقل مع غيرها إلى اللون الأبيض، قال وهو يشير إلى أحد المهابيل اللذين يفترشون الرصيف نص عريانين.. شوف..كيف تشوف..قلت له الحمد لله أشوف أشوف تمام.. قال:«طيب على ذا الصوت با احكي لك قصة».. وأخذ يتكلم.. أنه يعني الناس في المدينة تعودوا على أمثال هذا النصف عريان الكامل الأوساخ واللي يمكن تمر عليه السنة دون أن يغتسل.. ولا يلبس إلا هذه القطعة من القماش التي لا تكاد تستر عورته.. سألني كيف تشوف أكثر من مرة فلم أرد عليه فتطوع بالرد قائلاً: هذا الشخص وأمثاله دائماً ما يقول عنهم الناس أنهم يعني مخبرين.. يعني يعملون بمرتبات لدى الشرطة.. مخبرين.. قد يكون هذا الكلام صحيح وقد لا يكون مش ذا المهم.. المهم في المسألة كما قيل أنه ناس من معارف أحد هؤلاء اللي تشوفهم بوساختهم وعللهم على الأرصفة أخذوه وغسلوه تمام ونظفوه ولبسوه ثياب جديدة وبدلة كاملة شاملة مع الكرافتة..وأجلسوه في المقهاية تقول إلا عريس.. ولما وصل عند هذا المقطع سألني الأستاذ بدهشة تعرف كل من شافه أو سأل عنه يلاقي الجواب أنه مجنون.. نعم مجنون.. بعدما كانوا يقولوا عنه بوساخته على الرصيف أنه مخبر!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى