الإرادة والإدارة ..الإمارات أنموذجا واليمن مؤجل

> د. هشام محسن السقاف:

>
د. هشام محسن السقاف
د. هشام محسن السقاف
كانت البداوة سمة قابلة للتحول، والخروج من الرمال أشبه بمعجزة تتحقق ليس عن طريق النفط الذي تفجر من تحت الأقدام كما تفجرت مياه زمزم تحت قدمي إسماعيل عليه السلام في قماطة وإنما بمعجزة الارتكان إلى إدارة عصرية لا تختلط الأوراق السياسية ولا القبلية في مأخذها العلمي والعملي، وهو ما أخذ بناصية الإمارات العربية المتحدة من تحت الرمال إلى فوقها أو أن الإمارات العربية قد أخذت بنواصيه وتحولت إلى دولة عصرية يشار إليها بالإعجاب والاحترام، فهي العنقاء الأسطورية إذاً، ولكن بناطحات سحاب وأساطيل في البحر والجو ومجتمع أشبه بمجتمعات النمل والنحل إلا أن العقل يوجهه إلى مدارك ومقاصد ينثال من جنباتها الخير كل الخير للإنسان على هذه الأرض الطيبة.

وفي اليمن الميمون: القبيلة كانت ومازالت حالة قابلة للتحول، نحو الأخذ بنواصي المدنية الحديثة والخروج من دائرة العصبية إلى رحاب الديمقراطية، وإفراغ محتوى الغضب وقعقعة السلاح باللجوء إلى مسالك التعليم والعلم التي نعلم بداياتها أو (ألفبائها) ولا تنتهي أبداً. لكن كل هذه الأماني والطروح النظرية وحتى الأحلام العسلية بحاجة لاشتراطات ومقومات لا بد من غشيان مواردها وإتيان منابعها والتفقه في متونها والهوامش، وفي الصميم منها والأساس قبل كل شيء (الإرادة السياسية) التي تستطيع أن تأخذ على عاتقها إحداث هذا التحول النوعي الذي أخفقنا في تحقيقه على مدى أربعين عاما. اليوم ونحن نسعى إلى إرساء قاعدة وخلق مناخات جاذبة للاستثمار في البلاد ينبغي قبل أي شيء آخر رسم سياسات استراتيجية تستفيد من كل تجارب الأشقاء والأصدقاء، وتحرير الواقع من كل التضاربات المؤذية التي أطرافها لا هم لها سوى جني الأرباح الخيالية من نهب الأراضي، بالاعتماد على قوة النفوذ القبلي والعسكري، وترويع المستثمرين الحقيقيين وإعاقة مشاريعهم، وبعد أن تكون الدولة قد اعتمدت على الكفاءات والقدرات الإدارية المتعلمة وتصفية كيان الدولة من السماسرة والمرتشين والبيروقراطيين، ووضعت محل التنفيذ كل القوانين التي يلقى بها عرض الحائط وإسنادها «بقوة القانون» لكي نعيد الثقة ليس إلى نفوس المستثمرين وقلوبهم فحسب، بل والسواد الأعظم من أبناء شعبنا الذين يرون العبث والفوضى ولا يجدون أمامهم من طريق للعبور إلى المستقبل غير التضحية بالحفنة الفاسدة من قوى الحرس القديم ومن لف لفهم، والانحياز إلى كل ما يخدم الوطن والشعب برمته. يتوفر في اليمن كل شيء، الإنسان وهو أغلى الثروات والموارد الطبيعية في اليابسة والبحر، إلى تنوع المصادر والمناخ ولا يبقى إلا أن تكون هناك إرادة سياسية تتحرك الآن وقبل فوات الأوان لنبدأ من حيث وصل الآخرون ونقول للجميع: نحن هنا.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى