قصة قصيرة .. المخبازة

> «الأيام» مختار مقطري:

> شمس.. جو حار.. ظميان.. الشمس رمز للحرية.. فار التنور.. نُفخ في الصور.. أشعلناها حرائق.. الخباز لا يبالي بألسنتها.. يدخلون (المخبازة).. يستجدون.. رجال.. مخنثون.. القطة تتسول تحت الطاولات.. هذا الذي يركلها بقدمه لم يسمع ببنت (الفقي باردو).. يعشق إنجيلا.. يعبدها في النهار وفي الليل يعريها.. يختزلها في كفه اليمنى ثم يضاجعها.. ينهزم قبل بلوغها الذروة.. المرق بارد كوجع الختان.. يعقمها من البكتيريا.. يسكب فوق رأسها زجاجة (فودكا).. يبيع (الفارغ) ليحصل على الرغيف.. وعاء (الفتة) أصبح فارغا..

القطة تحت الطاولات تتغنى بشعاراتها المستجدية.. كلما أكلت القطة فأراً زاد عدد الشهداء.. علام أبتسم الآن؟ علام أضحك؟ أنا أبكي.. الأحلام الكبيرة لا تتحقق إلا بالإبادة الجماعية..

يدخلون (المخبازة) ويخرجون جوعى..

اشتهاء.. هوامش.. زورق يغادر الميناء.. أملأ الفراغ.. أجب بلا أو نعم.. نمل أصفر.. في جيبي فأر أعمى.. غول.. ذئب.. كونتينر.. سعال.. لهث.. جشع.. شطرنج.. افقأ عينيك يا أوديب.. طفح.. قهر.. (غاثي)(1).. ازدراء كالشفقة.. ينظرون نحوي.. فضلات خبز.. بقية وعاء (الحلبة) لوثوها بأصابعهم المريضة بالتهاب المفاصل.. رشوة كي لا أفضحهم .. أحبطت المؤامرة في العام (....) قبل الميلاد. من مكاني خارج (المخبازة) أسيطر على الموقف.. أنا الزعيم الأوحد للطابور الخامس والسادس والعاشر.. أعرف وجوههم.. أعرفهم جميعاً.. كلهم ضاجعوها في بيتي.. العاهرة تأكل الفئران.. كنت أعرف ما الذي يجري خلف الأبواب المغلقة.. اعتاد الخباز على ألسنة اللهب.. سيموت داخل التنور.. إنجيلا تصلي.. أرغب في الاستمناء.. الطوباوية تسحق الفقراء.. ذلك الفتى النحيل كان طوطميا.. أعجبني ديوان شعر صاحبه مجهول..

باب (المخبازة) تدخله كل القطط في هذه المدينة البلهاء.. هذا الأبله بالغ في الرشوة.. بقية قطعة اللحم التي سممت بدنه.. سمكة القرش سقطت أسنانها.. أعطيتها لقطة تكرهني كثيراً.. سرقت مكانها بجوار باب (المخبازة).. يخرج.. ينظف أسنانه.. شعر رأسه يحترق.. قميصه يحترق.. ينفخ من فمه لساناً طويلاً من اللهب.. تعجبه النار.. أضحك.. يكلمني بصوت مرتفع.. لا أفهم ما يقول.. أدير رأسي.. رأسي يدور.. أتشاغل عنه بمراقبة كلب قذر ينظر إلى وجهي بحذر شديد.. نتعني(2) من قميصي.. قميصي ممزق.. أبكي.. يفتح باب سيارة.. يعود (يتهادى بدلال وتثن) يخطب خطبة بتراء.. يلقي على مسامعي معلقة جديدة.. ابتسامته صفراء.. يلوح بسيفه كدون كيشوت.. الشيخ الأصلع يتعرى.. يعطيني قميصاً عسكرياً.. القتل يتجشأ.. اندلعت الحرب مرة أخرى.. أنا عار لكني أتعرى.. يتمطى الخوف.. مازالت إنجيلا مختزلة في كفه اليمنى.. (نيو) إرهاب.. فصل خطاب.. تفيد بإيه ياندم وتعمل إيه ياعتاب.. لم أحلق أسناني.. لم أنظف ذقني.. لم أشرب شاهي الصبح.. جوعان.. مكان (فتة).. حبة سيجارة.. بيدي تبتل عشرة ريال..

دبابة مغرورة.. أشعر بخوف شديد.. لا أشعر بخوف شديد.. جرادة دبابة معطوبة.. خلف الأبواب المغلقة مازالت تلك العاهرة تضاجع الفئران.. تشتد المعارك.. تحاصر في مكان واحد.. هتلر كان متصوفا ذبحه الخوارج .. الفئران في كل مكان.. هذه القطة تكرهني كثيراً.. تلك تغازلني.. تيس!! أكره هذا القميص العسكري.. برد المرق.. يدخلون (المخبازة).. يدخلون بيتي ليضاجعوها.. إنجيلا أعدمت.. هذا الرجل يسرق فضلات الخبز.. تحت الطاولات قطة تستجدي.. داخل التنور (بُرمة) (3).. داخل (البرمة) يسبح تمساح.. يعجبني (الحنيد)(4).. باب (المخبازة) لن يقفل أبداً.. غراب هذا أم طائرة؟! تهدأ الحرب.. على يميني قذيفة لم تنفجر.. أكتشف أحياناً أني مجنون.. فتحت باباً مغلقاً ورميت قنبلة.. انفجار في رأسي.. أفكاري تحترق.. انتصاب..إنجيلا مختزلة في كفي اليمنى تضاجع وثناً.. أشعر بالنعاس.. أتفل.. نفخ الخباز في التنور نفخة واحدة.. أسمع انفجاراً.. يشتد الحر.. يحترق الخبز داخل التنور.. دخان كثيف داخل (المخبازة).. يخرجون.. يتدافعون.. يصرخون.. قتلى جرحى.. لا أحد يهتم بالأرقام.. جوعان.. أرتدي قميصي العسكري.. باب (المخبازة) لن يغلق أبداً.. وأنا لن أترك مكاني!!

ديسمبر 2006م

مطعم شعبي

(1) غثيان (2) شدني (3) وعاء من الطين لطهي اللحم (4) اللحم المشوي.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى