الحلم والغاز المسال في بالحاف

> علي محمد السليماني:

> بالحاف، ويكتبها البعض (خطأ) (بلحاف) من أهم موانئ المملكة الحميرية الجنوبية في أرض ضيفتين، وإلى شرقه بمساحة خمسة عشر كيلو مترا يقع الميناء التاريخي الشهير (قنا) بيرعلي، حيث تنتصب بقايا قصر القيل الحميري السميفع بن أشرع على قمة جبل حصن الغراب كحارس أمين على تجارة اللبان والقار والبخور إلى معابد الشرق منذ ثلاثة آلاف سنة، شهدت المنطقة تبدلات وتغيرات وسالت فيها الكثير من الدماء في محاولات متكررة لانتزاعها من أصحابها قبائل أهل لخنف- حمير - وكانت أعنف تلك الحروب في العصر الحديث ما شهده النصف الأول من القرن العشرين، بسبب اختفاء أحد أبناء الشاخ بن عبدالمانع أثناء استضافته مع والده في منزل السلطان عبدالله بن محسن الواحدي، وأنكرت الدولة - سلطنة الواحدي - معرفتها بمصير الولد، ولجأ الشاخ إلى قبائل أهل لخنف وكانت قبيلة أهل العظم الأقرب إليه وحاولت إيجاد حلول مع السلطنة ولكن محاولاتها باءت بالفشل الأمر الذي دفع بأهل العظم إلى الإعلان عن إلغاء كافة الاتفاقات مع سلطنة الواحدي، وأيدها في ذلك اخوانهم أهل سليمان وبقية قبائل أهل لخنف، وعلى إثر ذلك سالت دماء كثيرة، وصادفت تلك الحروب صلح (انجرامس) الشهير في المحمية الشرقية، قامت البوارج البريطانية بقصف الحامية معقل قبيلة أهل العظم.

وظلت الحرب من عام 1938 حتى عام 1942م استخدام فيها ايضاً القصف الجوي بطائرات (هريكن) أو ريح صرصر، تم إسقاط طائرتين منها إحداهما هوت في البحر والأخرى سقطت فوق جردة عرقة وهبط ملاحاها سالمين لكن بعض أفراد من قبائل أهل لخنف قتلوهما، وهددت بريطانيا بتوسيع الحرب إلى المطهاف معقل قبيلة أهل سليمان، ما لم يتم تسليم الجناة، وتدخل الشيخ سالم بن سعيد المطهافي الحميري بمساع مع بريطانيا من خلال ابن أخيه (البومباشي أول) سالم يسلم المطهافي، نائب قائد جيش الليوي.

وبعد سلسلة من الاتصالات تم الاتفاق على الصلح بين بريطانيا وقبائل أهل لخنف، الذي تم إبرامه بين الكونيل ليك، قائد جيش الليوي والميجر سنان، والمترجم العدني مصطفى رفعت وبحضور أحد ضباط الجيش، مبارك السحم العولقي والشيخ سالم سعيد الحميري، وبين العاقل يسلم بن هادي السليماني، والعاقل عبدالله بن هادي العظمي عن قبائل أهل لخنف.. وقد شهد مراسم التوقيع منزل (الشاخ) أحمد سالم باداس في مدينة عرقة ومضمونه: غرامة قدرها أربعة ألف ريال ماريا تريزا وستون قطعة سلاح، دفع الشاخ أحمد باداس ألف ريال مساعدة لقبيلة العظمي الأكثر تضرراً من الحرب مع التزام بأن تحترم بريطانيا وسلطنة الواحدي أرض أهل لخنف وأن لا تعتدي تلك القبائل على (عيال) بريطانيا .

لقد ظل حلم تلك القبائل التنمية والتطور والسلام، شأن كل قبائل اليمن واليوم يكاد ذلك الحلم أن يتحقق بإسالة الغاز على تلك الأرض الطيبة عوضاً عن إسالة الدماء وفي ذلك كل الخير للجميع بإذن الله تعالى.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى