عدن.. في حياة المجذوب

> نعمان الحكيم:

> عندما ودعناه قبل عامين، تقريبا، كان يبثنا ابتسامات وداع فيه ألم باد على محياه وقال: قد نلتقي إن شاء الله ثانية وحينها سوف أشكو (لبلقيس) معاناتي بعد طول عطاء.

غادر عدن التي أحبها وأعطى لها كل ما عنده، فأهدته هي برد الجميل الذي يخلده إلى الأبد.. أهدته زينة الحياة الدنيا في شقها (الثاني) ما عوضه عن شقها (الأول).. فلم يأبه لما يجري له.. لأن معدنه أصيل.. وهكذا عاش حتى النفس الأخير .

(المال والبنون) هما شقا المعادلة.. لم يتوفر المال، لكن توفر البنون، وسبحان الله إذ جعل هذا الرجل إلى اليوم تذكر سيرته ومواقفه بكل خير ، وهو الكنز الذي لا يفنى.

هذا هو المربي العلم الأديب الشاعر ، السوماني الأستاذ محمد مجذوب علي رحمة الله عليه، الذي غادرنا إلى دار البقاء في 21 مارس 2007م في مسقط رأسه بالسودان الشقيق.. غادرنا دون أن نعرف عنه شيئا بعد أن انقطعت أخباره وهو الذي كان يزاورنا ويعادونا دائما، لكن هي الأقدار ومشيئة الله فوق كل شيء.. لكننا فقط نذكر بهذا الرجل الذي مات وهو يسأل عنا في عدن ويسأل عن حال عدن!

«بلغوا «الأيام» تحياتي، وسلموا لي على أبنائي وبناتي .. إخواني وأخواتي في عدن.. قولوا لهم إن محمدا قد جار عليه الزمان ولم يسأل عنه أحد.. وقولوا لهم: المال ليس كل شيء، وأنا لم أجر وراء المال، فقد عشت مع أهل عدن وأبنائها الذين لم تغرهم المادة، وكنت أغترف منهم هذه السمات، حتى رزقت بالبنين والبنات، ومن حبي لعدن واليمن سميتهم بأسماء يمانية ولكن ليست اعتيادية، فهم العوض الذي عشت عليه وراهنت بقية حياتي، إنهم:(الهاشمي والعيدروس والدودحية)..».

هكذا كانت بعض رسائله تصلنا حاملة الذكريات ومذكرة لنا بعجزنا عن عمل شيء له.. فقد غادر اليمن بمرض في الدماغ بسبب مضاعفات المهنة، وقاسمته (أم البنين) مرضه فشلت نصفيا، لكنها تعافت حسبما قالوا لنا.

مات المجذوب وفي نفسه جميل لأبناء عدن، ساحلها وأحيائها.. كان يود العودة ليقوله!

مات المجذوب وهو يقرأ «الأيام» عبر شبكة الانترنت، بواسطة ابنه الدكتور عيدروس.. لم ينسها، فقد عمل فها سنين وأظهرته للناس كما ينبغي فصار منها وإليها.

كان دائما يمتدح المرحوم العميد محمد علي باشراحيل رحمه الله، ويشيد بمواقفه الصحافية والوطنية.. ويتذكر حنوه عليه وعطفه.

كان.. وكان.. وكان.. وصار إلى القبر.. وطواه النسيان!

لكن هل ينبري محبوه لإقامة ذكرى الأربعين له، التي مرت في أول مايو الجاري؟!

نعتقد أن الخيرين في عدن لن يفوتوا هكذا موقف.. وفي مقدمتهم الناشران هشام وتمام باشراحيل وكل الجهات التربوية والإعلامية وأبناء عدن عامة.

وما ذلك على المجذوب بغال.. أبدا.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى