لبنان: «فتح الإسلام» فوجئ بقوة ردّ الجيش على مخططه بعدما استعدّ عسكرياً للسيطرة على الشمال وإعلان «إمارته»

> «الأيام» عن «الحياة» :

>
دوريات للجيش اللبناني تجوب شوارع مدينة طرابلس اللبنانية أمس
دوريات للجيش اللبناني تجوب شوارع مدينة طرابلس اللبنانية أمس
عندما اتخذ تنظيم «فتح الإسلام» من مقر قيادته في مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين في شمال لبنان، قراره التمدد في اتجاه طرابلس، كان يعتقد انه أصبح على مرمى حجر من إعلان إمارته، وأن الظروف الأمنية والسياسية مواتية له في ضوء تقديره بأن الانقسام الحاد في لبنان يجعل السلطة غير قادرة على اتخاذ قرار يوفر الغطاء السياسي للجيش والقوى الأمنية، لمنعه من تنفيذ مخططه للسيطرة على طرابلس، خصوصاً أنه كان يراهن على مبادرة مجموعات متشددة في الأخيرة الى ملاقاته عند منتصف الطريق.

لكن «فتح الإسلام» كما يقول عدد من المسؤولين الفلسطينيين في مخيم نهر البارد ممن واكبوا أطروحاته السياسية وبرنامجه الهادف الى إعلان إمارته على أكبر مساحة ممكنة من محافظة الشمال، أخطأ في حساباته بعدما فوجئ بأن تقديراته لم تكن في محلها، لا سيما أنه استعجل الدخول، في مواجهة مع الجيش وقوى الأمن الداخلي التي نجحت في تحديد مكان الشقة التي لجأت اليها المجموعة التابعة له بعد سطوها على فرع «بنك ميد» في بلدة أميون (الكورة)، والتي انطلقت منها لاحقاً الشرارة الأولى للمواجهة التي دارت بداية في طرابلس وفي مخيم نهر البارد.

فالضربة الاستباقية التي نفذها الجيش اللبناني فور الاعتداء على عناصره في محيط نهر البارد، والأخرى التي تولتها قوة مشتركة من الجيش وقوى الأمن في أحياء طرابلس وتحديداً في المئتين والزاهرية والمرفأ، أدتا الى إرباك «فتح الإسلام» في المخيم وهذا ما أبلغه عدد من المسؤولين فيه الى وسطاء طرابلسيين وعكاريين حاولوا التدخل لدى زعيم التنظيم شاكر العبسي (أبو حسين) الذي رفض الموافقة على تسليم مرتكبي الجريمة ضد عناصر الجيش.

وأكد الوسطاء ومن بينهم مسؤولون فلسطينيون لـ «الحياة» أثناء جولتها أول من أمس على طرابلس ومخيم البداوي، أن «فتح الإسلام» كان يراهن على قدرته على حسم الوضع العسكري على الأرض وأن مجرد دخول عناصره في مواجهة مع القوى الأمنية اللبنانية يعني أنه قادر على الإمساك بزمام المبادرة السياسية والأمنية وأنه لن يلقى مقاومة على اعتبار أن الجيش لا يحظى بغطاء سياسي. وبالتالي فإن قوات العبسي لن تنتظر طويلاً لكي تتمدد من نهر البارد الى طرابلس التي فيها من الخلايا النائمة التابعة لـ «فتح الإسلام»، يتيح له التدخل في الوقت المناسب للإطباق على المنطقة التي ستنطلق منها «الانتفاضة الإسلامية» باتجاه مناطق أخرى.

ولا يخفي العبسي في حديثه الى الوسطاء محاطاً بشهاب القدور الملقب بـ «أبو هريرة» وبآخر سوري يدعى زياد - يعتقد انه قتل لاحقاً في الاشتباكات التي دارت حول نهر البارد مع الجيش ويرجح أن يكون الشخص الملقب بـ «أبو مدين» - وطأة الصدمة التي أصابته من جراء نجاح القوى الأمنية في تدمير البنى العسكرية والأمنية التي كان أنشأها في طرابلس كأساس لإقامة بنى أخرى في أحياء أخرى من المدينة.

كما أنه لا يخفي، بحسب الوسطاء، تأثره بالخسارة التي مني بها، عندما قوبلت عناصره بمواجهة حازمة من الجيش اللبناني بخلاف ما كان يتوقعه من أن الاشتباكات ستبقى محدودة ولن يكون في وسع الجيش الصمود أمام مجموعاته التي ستلقى اسناداً من طرابلس يتجاوز إحداث إرباك في عاصمة الشمال الى تعميم حال من الفوضى تسمح لحلفائه الآخرين في المجموعات المتشددة بالسيطرة على الموقف.

وبما أن العبسي أدرك أنه أخطأ في حساباته خصوصاً لجهة تقديره حجم رد الفعل السياسي أولاً والعسكري ثانياً على يد الجيش اللبناني في نهر البارد وقوى الأمن في عدد من أحياء طرابلس، فإنه لم يعد يرى حلاً سوى الدخول في مواجهة مفتوحة يحاول من خلالها توريط الفصائل الفلسطينية فيها، خصوصاً أن آفاق التسوية أمامه أصبحت مسدودة طالما انه يرفض تسليم العناصر التي اعتدت على الجيش لإحالتهم على القضاء العسكري اللبناني ومحاكمتهم.

لذلك ظن العبسي أن المواجهة المفتوحة مع الجيش ستفرض حتماً استنباط المزيد من الوساطات المحلية والإقليمية للتوصل الى اتفاق كأمر واقع يتمكن من خلاله من الحفاظ على عناصره نظراً لأن تسليمهم قد يدفع بعدد من المطلوبين منهم بجرائم أخرى الى الانقلاب عليه، خصوصاً أن الجسم العسكري لـ «فتح الإسلام» فيه من الخروق الأمنية ما يستدعي منه الحيطة والحذر، وخوفاً من أن يندفع بعض الوسطاء الى التفريط برأسه وتسليمه الى السلطة اللبنانية.

وساطة «أبو طعان»

وقد تكون هذه الحسابات حاضرة بقوة في المفاوضات التي جرت بين العبسي ووسطاء لبنانيين وفلسطينيين وآخرهم القائد السابق للكفاح المسلح الفلسطيني في لبنان مصطفى خليل (أبو طعان) الذي التقاه مراراً بعيداً من الأضواء في محاولة لضبط الوضع وإنهاء أسباب التوتر، وذلك قبل أيام من دخول العبسي في مواجهة مع الجيش اللبناني.

وفي هذا السياق، علمت «الحياة» ان الوسطاء الآخرين باستثناء «أبو طعان»، لم يدخلوا مع العبسي في حوار مستفيض يتعلق بأسباب المشكلة والحلول المطروحة لتطويقها بمقدار ما انهم كانوا يبحثون عن دور على طريق التأسيس لعلاقات مستقبلية مع «فتح الإسلام».

و«أبو طعان» الملم بالوضع الفلسطيني وبمشكلاته من كل جوانبها، والقادر على التوجه الى «فتح الإسلام» بخطاب على خلفية ما يتمتع به من ثقافة إسلامية عالية، قرر أن ينبري متبرعاً للبحث عن مخرج لإنهاء التأزم انطلاقاً من تقديره خطورة الوضع في حال صارت كل الأبواب موصدة في وجه الوساطات.

وقد انطلق في حواره مع العبسي من التقدم بلائحة من المطالب الفلسطينية التي تحظى بتأييد جميع الفصائل الأساسية في نهر البارد وتشكل القاعدة للبحث عن تسوية للأزمة لقطع الطريق على أي تصعيد عسكري كان يتوقعه في أي لحظة.

مطالب الفصائل

وبحسب المعلومات، تضمنت اللائحة التي عرضها «أبو طعان» على العبسي المطالب الآتية:

> عدم القيام بأي عمليات عسكرية في لبنان أو من داخله.

> الامتناع كلياً عن القيام بأي اعتداءات على الجيش اللبناني.

> عدم التدخل في الشؤون الداخلية لمخيم نهر البارد.

> عدم الاعتداء على أي عنصر ينتمي الى حركة «فتح» - اللجنة المركزية.

> إزالة كل المظاهر المسلحة داخل المخيم وفي محيطه.

> الابتعاد عن التصريحات والأعمال الاستفزازية.

> الانسحاب من كل المواقع الواقعة خارج المخيم.

مطالب «فتح الإسلام»

وفي المقابل، تقدم العبسي بالمطالب الآتية:

> انسحاب الجيش اللبناني من المواقع المستحدثة المحيطة بمواقع «فتح الإسلام».

> وقف كل أشكال التحريض والاستفزازات من جانب عناصر «فتح» - اللجنة المركزية، وفصائل منظمة التحرير سواء بالتصريح الإعلامي او من خلال منع أهالي المخيم من تأجير بيوتهم لعناصر وعائلات «فتح الإسلام».

> منع الاعتداء على عناصر «فتح الإسلام».

تعثر المفاوضات

إلا أن المفاوضات التي استمرت أياماً انتهت من دون اتفاق، ولم يحدد «أبو طعان» كما قالت مصادر فلسطينية، لـ «الحياة» الأسباب التي كانت وراء فشل المحادثات، على رغم انه يعتقد أن الظروف كانت مواتية للتوصل الى تفاهم يعيد الهدوء الى داخل المخيم وينهي كل أشكال التوتر الأمني مع محيطه.

لكن هناك من يعتقد أن العبسي كان يراهن على عامل الوقت، أي على كسب هدنة ريثما تستكمل المجموعات التابعة له في طرابلس جاهزيتها الأمنية والعسكرية للانقضاض على المدينة، خصوصاً أنه قطع شوطاً على طريق إعداد «الخلايا النائمة» لتكون على أهبة الاستعداد للانقضاض على القوى الأمنية فور تلقيها الضوء الأخضر من قيادة «فتح الإسلام» في نهر البارد.

كما انه كان يراهن، على ذمة الوسطاء، على قدرته على إرباك الجيش وإشغاله في مناوشات عسكرية روتينية ليصرف الأنظار عن التحضيرات التي يعدها في طرابلس، لا سيما أنه واثق بأن تدخل الجيش اللبناني سيبقى محدوداً وأنه قادر لغياب الغطاء السياسي على تعطيل دوره الرادع لأي محاولة للانقضاض على طرابلس وتأمين التواصل بينها وبين نهر البارد.

وبهذا الشأن سأل الوسطاء في حضور «الحياة» عن الجهة السياسية التي زودت العبسي معطيات خاطئة عن موقف الجيش من التمرد الذي كان يتحضر له، والتي كانت وراء سقوطه في «مكمن» سياسي قاده الى العناد بإصراره على رفض الوساطات من جهة، فيما دفعته ثقته بنفسه الى ارتكاب مغامرة غير محسوبة بكل أبعادها السياسية والأمنية، بدليل إغداقه الوعود على هذا وذاك من الوسطاء بتنصيبهم أمراء على هذه الإمارة أو تلك من التي سيبسط سلطته عليها.

القرار لمن؟

وفي معرض الحديث عن العبسي، سألت «الحياة» الوسطاء عن المكانة التي يحتلها الأخير داخل التنظيم، في ضوء ما يتردد من أن القرار النهائي فيه يعود الى أشخاص بعضهم معروف وبعضهم الآخر يدير زمام الأمور بعيداً من الإعلام؟

في الإجابة عن هذا السؤال، أكد أحد الوسطاء لـ «الحياة» أن السيرة الذاتية للعبسي بدأت عندما تخرج في السبعينات برتبة ضابط طيار في حركة «فتح» بعدما خضع لتدريبات بهذا الشأن في ليبيا.

وأضاف: «العبسي أقام لفترة طويلة في قاعدة جوية تابعة لفتح في ليبيا، لكنه سرعان ما قرر إنهاء خدماته والانصراف الى العمل الحر في التجارة وذلك في مقر إقامته على الأراضي الليبية، الى ان انضم لاحقاً الى «فتح الانتفاضة» التي قادها عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» نمر صالح (أبو صالح) بمعاونة أبو موسى وأبو خالد العملة».

ولفت الوسيط نفسه الى «أن التحاق العبسي بـ «فتح الانتفاضة» طرح في حينه تساؤلات من قبيل: كيف، وهو ممن يبالغون بميولهم الإسلامية، انسجم مع قادة الانتفاضة وجميعهم من أصحاب الميول اليسارية وتحديداً الشيوعية؟». وأكد أن العبسي لم ينشط في صفوف التنظيم المنشق عن فتح - أبو عمار، وانصرف مجدداً الى العمل الحر ليعود لاحقاً الى التردد على دمشق بعد أن اشترى فيها منزلاً وأقام فيه.

انتفاضة «فتح الإسلام»

وأوضح المصدر عينه أن العبسي ظل على صلة وثيقة بـ «أبو خالد العملة» الذي سأله مرة لماذا لا تتزعم قيادة فتح الانتفاضة على الأقل في لبنان في الوقت الحاضر، لا سيما أن سلاحنا موجود ومكاتبنا مفتوحة واضطررنا الى تسريح المقاتلين بسبب ضيق الحال؟

وأضاف أن العبسي الذي كان سجن في سورية ومطلوب للسلطات الأردنية، وافق فوراً على العرض الذي قدمه اليه «أبو خالد العملة» وانه سارع الى وضع اليد على مكاتب ومؤسسات فتح الانتفاضة في لبنان، بعدما أمّن المال المطلوب لاستعادة المقاتلين الذين كانوا سرحوا منها.

وينقل الوسيط عن العبسي قوله انه أمّن المال من خلال بيع شقة كان يملكها في سورية، لكنه يعتقد، بناء على معلوماته، أن قراره بوضع يده على «فتح الانتفاضة» - فرع لبنان، لم يكن من عنده وأن هناك من «نصحه» بذلك ظناً منه انه الطريق الوحيد للهروب من ملاحقة الأردن له.

ويعتقد الوسيط أيضاً أن العبسي، كما يقول أمام رفاقه، كان موعوداً بأن يخلف أبو مصعب الزرقاوي على رأس تنظيم «القاعدة» في العراق، لكنه يرفض الدخول في الأسباب التي كانت وراء إبعاده.

كما أنه يعترف، بحسب عدد من الوسطاء اللبنانيين، بأن هناك في سورية من يحاول ابتزازه بالتلويح له في كل مرة بأن القيادة في دمشق تدرس طلب تسليمه الى الأردن.

وعلى رغم أن العبسي لا يتوسع في سرده تفاصيل علاقته بسورية، فإنه يعترف بأن هناك من سهل انتقاله عبر الحدود السورية الى البقاع الغربي حيث استقر لبعض الوقت في بلدة حلوى قبل أن ينتقل الى البداوي ومنه الى نهر البارد الذي يستقر فيه حالياً.

كما انه يعترف بدوره في ملاحقة المنتمين الى حركة «فتح» وبتعاونه في بادئ الأمر مع مسؤولين سوريين قبل أن ينفصل عنهم ويؤسس «فتح الإسلام».

ولا يستطيع العبسي أن يجاهر بعلاقته بأي مسؤول سوري خصوصاً بعد قراره إنشاء «إمارة اسلامية» في لبنان، فيما يؤكد الوسيط أن «نقطة الالتقاء بينه وآخرين محلياً وخارجياً»، تكمن في التوافق على تهديد الاستقرار العام في لبنان.

وأكد الوسيط أيضاً أن «فتح الإسلام» تضم مجموعات متناقضة وأن بعضها لا يسير في فلك السياسة السورية في لبنان، لكنه يتقاطع معها في مواضيع ويختلف وإياها في أخرى.

«فتح الإسلام» وتشكيلاتها

وبالنسبة الى التشكيلات التي تتألف منها «فتح الإسلام»، أشار الوسيط الى أن دمشق تستفيد من تهديد هذا التنظيم للاستقرار في لبنان ليكون في مقدورها الدخول مع أطراف عربية ودولية في مفاوضات لإعادة تلزيمها الأمن اللبناني أو لتعويم دورها الأمني، وإن كانت لا تلتقي مع عدد من قيادييه من المتطرفين وبعضهم قضوا سنوات في السجون السورية وهم ملاحقون الآن من جانب دولهم.

وكشف أن شهاب القدور الملقب بـ «أبو هريرة» يعتبر الشخص الثاني في «فتح الإسلام» وهو يحاول أن يستقوي باللبنانيين المنتمين الى التنظيم، ليقيم توازناً في وجه العبسي، لكنه لا يجرؤ على الدخول في مواجهة مباشرة لإزاحته خوفاً من القضاء عليه.

ورأى أن «أبو هريرة» يستمد قوته من الفارين من وجه العدالة في حوادث الضنية والمنضمين الى تنظيمات أخرى تخضع حالياً لإمرة العبسي، وقال إن من أبرزها: «عصبة النور» المنشقــة عن «عصبة الأنصار»، و «جند الشام» و «أنصار الله»، و «جند الله، مشيراً أيضاً الى أنهم يشكلون الجسم العسكري الأساسي في «فتح الإسلام».

صورة من الأرشيف لمجموعة من «فتح الاسلام» وفي الوسط قائد التنظيم شاكر العبسي ملثماً
صورة من الأرشيف لمجموعة من «فتح الاسلام» وفي الوسط قائد التنظيم شاكر العبسي ملثماً
وإذ نفى الوسيط نفسه انضمام أي من الذين كانوا موقوفين في حوادث الضنية واستفادوا من قانون العفو العام، الى «فتح الإسلام»، قال في المقابل ان أحد هؤلاء كان قتل أخيراً في باب التبانة ويدعى بلال المحمود (أبو جندل).

ورداً على سؤال، قال ان اللبنانيين والسوريين يشكلون الجسم العسكري لـ «فتح الإسلام»، وأن نسبة الفلسطينيين في التنظيم لا تتجاوز العشرة في المئة، وأن بعضهم من المولودين في الأردن وسورية تسللوا أخيراً الى لبنان ولجأوا الى نهر البارد.

كما أن نسبة العرب في صفوفهم قليلة جداً والأمر نفسه ينطبق على الجنسيات الإسلامية إذ ان عدد المنتمين اليها لا يتعدى عدد أصابع اليد الواحدة.

لكن المصدر لاحظ في الوقت نفسه أن أحد أسباب رفض العبسي أي تسوية كان طرحها عليه ممثلو الفصائل الفلسطينية في نهر البارد قبل أيام من الاعتداء على الجيش، يكمن في الضغط الذي تعرض له من العناصر اللبنانية المنتمية اليه، باعتبار انهم سيكونون ضحيتها لاضطراره الى تسليمهم الى القضاء اللبناني، إضافة الى انه لا يرى حلاً لمشكلته لأنه لن يكون طليقاً.

تموين كاف من الغذاء والأسلحة ... و«مصنع» لإنتاج العبوات

سألت «الحياة» في جولتها على البداوي وطرابلس شهوداً غادروا أخيراً مخيم نهر البارد عن مدى قدرة «فتح الإسلام» على مقاومة الضغوط السياسية والعسكرية التي تدعوه الى الاستسلام وهل لديه مخزون عسكري وغذائي يكفيه للتمسك بما تعهد به أمام محازبيه من أنه لن يتراجع وأن طريقه الى الجهاد محتوم.

وتبيّن ان التنظيم لا يعاني من مشكلة تموينية وأنه زاد أخيراً مخزونه من المواد الغذائية عندما أفتى أحد المشايخ بوجوب الدخول الى المحال التجارية المقفلة للحصول على ما يحتاجونه شرط أن يعد المقاتلون لائحة بالمواد التي أخذوها وإيداعها في الدكاكين والطلب الى أصحابها مراجعة الدائرة المالية في التنظيم للحصول على ثمن ما أخرج من محالهم.

وبالنسبة الى السلاح، أكد الشهود العيان أن لدى «فتح الإسلام» كميات كبيرة من الأسلحة كانت استحصلت عليها من مخازن «فتح الانتفاضة» و «الجبهة الشعبية - القيادة العامة»، بزعامة أحمد جبريل» و «فتح المجلس الثوري» الذي كان يرأسه صبري البنا (أبو نضال) الذي توفي في العراق.

وأضاف الشهود أن «فتح الإسلام» كان تسلم كميات من الأسلحة أدخلت الى نهر البارد قبل أسبوعين من بدء الاشتباكات وتضم صواريخ وراجمات صواريخ ومضادات للآليات والطائرات.

وكشفوا أن التنظيم يقوم بتصنيع قنابل من نوع مولوتوف إضافة الى العبوات التي زرعها أخيراً أمام المقرات التابعة له. كما فخَّخ مكاتبه خوفاً من تعرضه الى هجوم من داخل المخيم أو خارجه.

وأكد الشهود أن لدى التنظيم عدداً من الخبراء في المتفجرات، يعملون حالياً على تركيب العبوات بعدما استحضروا كميات كبيرة من قوارير الغاز يستعملونها لهذه الغاية.

وتابعوا أنه كان أعد للمواجهة مع الجيش فأحضر أفراناً تعمل على الغاز وتشتغل على مدار الساعة، وتقوم بتحضير «العجينة» التي تصنع منها العبوات من خلال خلط مساحيق كيماوية بالماء وغليها على درجة عالية من الحرارة.

وأضاف الشهود: «فور الانتهاء من إعداد العجينة يستخدمونها في تركيب العبوات بعد خلطها بالمسامير والخردة (الحديد) مؤكدين أن التنظيم كان اشترى كميات كبيرة من المسامير وأدخلها على دفعات الى نهر البارد، ومشيرين أيضاً الى أن القوى الأمنية كانت وضعت يدها على كمية من المواد الكيماوية التي تستخدم لصنع العبوات وأنها تعمل الآن على تحديد مصدرها، لا سيما، ان موقوفين اعترفوا في إفاداتهم الأولية بوجود خطة لتفجير عبوات في عدد من الأمكنة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى