اربطوا الأحزمة

> عبدالقوي الأشول:

>
عبدالقوي الأشول
عبدالقوي الأشول
لا أعني بربط الأحزمة ما استجد على الصعيد المروري على اعتبار أن حزام الأمان يقي من مخاطر الحوادث المرورية أو يحد من ضحايا القاتل الثالث على مستوى العالم بحسب منظمة الصحة العالمية.

فالمقصود بربط الأحزمة هنا هو الاستعداد المستمر لمواجهة حالات شظف العيش، خصوصا وقد تزامن عهد الحكومة الجديدة مع مواصلة ماراثون الارتفاعات السعرية، بعد أن خصت الزيادة هذه المرة أسعار المواد الغذائية كالأرز والألبان ومشتقاتها والزيوت، ناهيك عن الارتفاعات السعرية الأخرى في المواد الاستهلاكية الضرورية كافة وهي الزيادات التي تمر بسلم ولا يصاحبها ضجيج الشكوى والتذمر كما هو حال المواد الغذائية رغم أن المحصلة النهائية في أي ارتفاعات سعرية هي زيادة معاناة السكان محدودي الدخل من العامة. وربما هي أمضى وأشد وطأة على من لا مصدر دخل لديهم وهم القطاع الأوسع في مجتمعنا الذي بات تحت وطأة البطالة والفقر وانعدام فرص العمل.

إذن بالمنطق لم نر من إجراءات الحكومة الجديدة إلا ما هو ما متصل بعهد من سبقها، أي زيادات مستمرة في الأسعار.. وهذه الفاتحة التي استقبلنا بها عمل الحكومة الجديدة، وأعقبت خطاب فخامة الرئيس إثر تشكيل الحكومة ودعوته الصريحة إلى كبح جماح رفع الأسعار المنهكة للمواطن ثم تأكيد رئيس الوزراء على ذلك إلا أن الأمور لم تأخذ سوى أسابيع حتى كانت المفاجآت السعرية متوالية.

فما أعني بربط الأحزمة حتى تكون ضاغطة على الأمعاء الخاوية.. رغم أن الشعوب حسب تعبير نابليون تزحف على بطونها كالأفاعي.

لا بل إن الفلاح الإنجليزي الأصل جورج واشنطن محرر أمريكا قال يوما «لا ريد أن أرى جنودي يحملون السلاح وحده أريد أن أرى في يده الأخرى كوز ذرة فلابد أن يكون ممتلئ المعدة حتى يستطيع أن يستمر في القتال».

أما الأديب الروسي تولستي في رائعته «الحرب والسلام» فقال عند حديثه عن الأرض إنها كانت حانية قدمت لجنودهم الغذاء.. في حين هزم جيش نابليون الجوع.

نعم الجوع أقدر على هزم أعتى الجيوش وبث الوهن في صفوف الأفذاذ.. وقديما قالوا «الجوع كافر» بما يبعث من إشارة مس على العقول ما يستحيل معها الحديث عن إنسانية البشر وعقلانية أفعالهم حين تميل طباعهم إلى الوحوش المفترسة.

حقا لا نريد لمجتمعنا الوصول إلى مثل هذه الجوائح المخيفة.. ولكن نذر كثيرة تبين حقيقة أن الأمور تذهب صوب هذا المنحى الخطير بعد أن تجاهلت السلطات واقع الحال.. وتجاهلت نتائج المعالجات المتتالية التي استهدفت الأسعار دون أن تمعن فيما بقي لدى المواطن من حيلة إزاء ما يجري.. ولانبالغ إذا ما اعتبرنا أن الأمر بلغ درجة استنفاد الصبر.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى