المدرسة الحضرمية..مدرسة للتآلف والتسامح وللحوار الديمقراطي

> حسن بن حسينون:

>
حسن بن حسينون
حسن بن حسينون
«من يرهب الأقوياء لغير جريرة فهو على الغالب صعلوك» (الأفغاني) ..الوطني المخلص والوحدوي المؤمن الحقيقي هو من يعمل على ترسيخ ثقافة التعاون والتآخي بين القلوب ونبذ العنف والحقد والكراهية بين أوساط المجتمع اليمني على هدى تعاليم الاسلامي ورسول الرحمة للعالمين محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم، وأهداف الوحدة اليمنية والديمقراطية بمبادئها الإنسانية الخلاقة في التعددية السياسية والحزبية والانتخابات والتداول السلمي للسلطة، وفي احترام حقوق وكرامة الإنسان اليمني في العدل والمساواة بعد ليل طويل من الاستبداد والطغيان والجهل والتخلف عاشه اليمنيون في جميع المراحل التاريخية ومازالت آثاره تعشعش في عقول الكثيرين كثقافة وكموروث شعبي متخلف أبقى اليمنيين كشعب وكوطن في تخلف رهيب مقارنة مع بقية الشعوب التي انطلقت إلى الأمام في البناء والتنمية والإعمار.

ورغم مرور أكثر من ثلاثة وأربعين عاماً على قيام النظام الجمهوري والوحدة اليمنية فالإصلاح والتنمية الاقتصادية والاجتماعية كانت طفيفة وتعتمد أساساً على الآخرين في تقديم المنح والمساعدات والقروض، ويذهب جزء كبير منها إلى جيوب الفاسدين المتنفذين في سدة الحكم، بينما بقي التغيير في العقول والموروث الشعبي المتخلف يراوح مكانه.

فبالأمس وبينما كان الشعب اليمني يحتفل بالعيد السابع عشر للوحدة اليمنية، وخلال الدورة التي عقدت في محافظة إب للعلماء وأئمة المساجد تحت إشراف وزارة الأوقاف وكانت تحت شعار «من أجل خطاب إرشادي يجسد الوسطية وقيم التسامح الديني»، إذا بالمدعو الشيخ محمد بن محمد المهدي يبرز من بين صفوف الحاضرين في الدورة ويشن هجوماً شديداً على من وصفهم بالسادة وأهل التصوف المنتمين للمدرسة الحضرمية، وتوزيع التهم وبالعبارات التي لا تليق بمن يطلق على نفسه عالماً أو داعية من دعاة الإسلام، وقد تميز خطابه بالبابوية والتعالي واستفزاز مشاعر غالبية الحضور، وخاصة الحضارم منهم. وبالتأكيد فالمهدي لم يكن وحده من يحمل هذه الأفكار وثقافة التخلف، ولا يمكن السكوت عنها، فهو يمثل مجموعة أو فئة وقد أساء من خلالها إلى آخرين اعتقاداً منه بأنه يمارس حقاً إلهياً أعطي له في التطاول والتهجم والتخويف وبعبارات وكلمات رعناء أكل عليها الزمن وشرب، ويؤكد بأنه ما زال يعيش زمانه، زمان الجهل والتخلف والتعامل مع الآخرين من فوق برج عاجي.

لقد أخطأ المهدي في الحساب عندما تطاول وهاجم ممثلي المدرسة الحضرمية التي لا تحتاج لمثله أن يقدم دروسا ومحاضرات في التوجيه من جلالته والوعظ والإرشاد في الشؤون الدينية وإعطاء الأوامر والتعليمات الفوقية، فالمدرسة الحضرمية العالمية قد خلقت قبل أن يخلق المهدي ومن على شاكلته ولا تحتاج إلى شهادة منه ومن أمثاله.

ومع ذلك فإن ما جاء على لسان المدعو المهدي بحق العلماء الأجلاء من الحضارم قد مثل ظاهرة خطيرة ستكون لها سلبياتها وأخطارها المستقبلية على اليمن واليمنيين إذا لم يتم وضع حد وإجراءات صارمة بحق من أقدم عليها، وخاصة تلك الاتهامات التي وجهها المذكور تجاه العلماء الحضارم وما أطلق عليهم بالمدرسة الحضرمية الصوفية وطالت جميع الحضارم دون استثناء، ويتحمل مسؤولية ذلك وزير الأوقاف ورئيس الجمهورية الذي حضر جزءا من اجتماعات علماء وأئمة مساجد اليمن في دورتهم.

ما قاله المهدي يدل على التخلف وجهله بالحضارم والمدارس الحضرمية التي اشتهرت عبر التاريخ في مشارق الأرض ومغاربها لكنه عبر عما بداخله من ضغائن وأحقاد تجاه الحضارم بشكل عام، كما عبر عن جوهره الحقيقي وثقافته التي لا تقبل أو تؤمن بالرأي الآخر وبحق الاختلاف، فهو بالتأكيد ينطلق من الشعارات التي تقول «من ليس معنا فهو ضدنا» وبمعنى أدق فهو إرهابي من الحوثيين، ومادام المدعو محمد بن محمد المهدي قد كشف عن معدنه الحقيقي دون أن يطلب أحد منه ذلك فلا شك سوف يشكل خطراً على وزارة الأوقاف وعلى المجتمع اليمني، وجرثومة تظل تنخر هذا الجسم باستمرار ولا بد من تخليصه منها قبل فوات الأوان.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى