وتلك الأيــام .. فوبيا النظام من الديمقراطية

> د. هشام محسن السقاف:

>
د. هشام محسن السقاف
د. هشام محسن السقاف
خرج نفر من الإعلاميين والصحفيين عن صمتهم، ولتسمه بؤسهم الذي يطول أحياناً كليل امرئ القيس، في ظل الحريات المتاحة والديمقراطية الزخرف للاحتجاج كما قالوا على حجب خدمة SMS وتجميد تراخيص بعض الصحف وعدم موافقة وزارة الإعلام على إصدار تراخيص لعدد من المتقدمين لإنشاء محطات إذاعية، ناهيك عن حجب الوزارة الموقرة موقعين إخباريين. واللافت أن عدداً من الزميلات شوهدن بكثرة نادرة يشاركن في ذلك الاحتجاج على أبواب رئاسة الحكومة. ومع علمنا بتفهم هذه المطالب من قبل الأخ رئيس الوزراء الواعد وهو الذي دخل إلى رأس الوزارة بجدارته ونزاهته وعفة نفس لا يستطيع أحد أن يشكك فيها، إلا أن الموروث المتعملق في دولة للفساد فيها الباع والذراع وهو حجر الزاوية في صراع اجتماعي لن يهدأ يوماً بين الشعب وفئات الاستئساد بالنفوذ والقوة ممن يقفون حجرة عثرة في وجه التقدم الحقيقي والتنمية والنماء المنشوذ. فالفئة الباغية لا تريد سوى منافعها الشخصية والذاتية حتى وإن وصل الوطن إلى شفا حفرة من النار.

فاليوم لهؤلاء الذين يطالبون بحريات أوسع في الإعلام والصحافة وتدفق المعلومة، وهي حقوق دستورية لا يجب الانتقاص منها، كامل الحق في رفع الأصوات بغض النظر عن هويات وتباين هويات هؤلاء المتظاهرين، فالقضية هنا تخرج عن حيز الحزبية وأفقها الضيق لتغدو قضية وطنية لا يقف سقفها عند تلك المطالب، بل العقل والمنطق والسيرورة التاريخية والمتطلبات الوطنية والرؤية الدولية تجعلنا نفكر جيداً في فك إسار الكلمة والمعلومة والصورة من كل قيد، ولا يصبح في يد مقاولي لجم الحرية من شيء يقدمونه للحكم على أنه خدمة له سوى ضحكهم على هذا النظام- في أي مكان - وتقصير عمره ودق إسفين في علاقته مع شعبه. ونحن ننظر باستغراب أن شعوباً تأخرت في مسلكها الديمقراطي، وما زالت دون تجربتنا في التعددية السياسية بمراحل، لكنها تخطت حاجز الخوف الذي تفرضه عقليات متحجرة لدينا رضعت طويلاً من أثداء الشمولية والنظم البوليسية السابقة، واستطاعت هذه الدول- رغم قصر تجربتها الديمقراطية ومحدوديتها- أن تلغي وزارة الإعلام وتحرر إعلامها الرسمي وهو اقتراب من المرابض الأساسية للديمقراطية - وأعني حرية الكلمة - حتى وإن تأجلت لديها لأسباب اجتماعية وموروثات قديمة مسألة التعددية السياسية في الحكم.

وبالمقابل لم يمنع غياب هذه الحالة- التعددية الحزبية- في الكويت مثلاً من نشاط ملحوظ في مؤسسات المجتمع المدني كنوع من التعويض على ما يبدو في البلد الشقيق، وارتفاع درجة الوعي السياسي في الشارع والمنظمات المدنية والجمعيات، وغدا البرلمان مكاناً جاذباً للحراك السياسي عدا وظيفته الحقيقية كعين مبصرة ثاقبة ترقب الحكومة وتستطيع أن تفعل ما لم يفعله برلماننا العتيد من إسقاط حكومات ومساءلة وزراء وإجبارهم على الاستقالة ومحاسبتهم أيضاً.

علينا في يمننا الحبيب أن نتقدم خطوات على طريق الحريات الكاملة غير المنقوصة، بما في ذلك تحرير الإعلام الرسمي تماماً، وفتح منافذ المعلومة وضخها بحرية مطلقة دون وجل أو خوف، والسماح للرأي الآخر والمغاير أن يحتل مكانته التي يستطيع بقدرته وضمن قانونية سائدة أن يضع نفسه في مساحة الحرية المراد فتح أبوابها للجميع بتساو ودون انتقاص وكوابح، وجعل الآراء تتنافس وتقدم ما لديها بحرية، وترك الخيار للمواطن أولاً وأخيراً للاختيار فلماذا نخاف.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى