ماذا بعد الامتحان؟!

> «الأيام» جمال الدين عمر:

> مهما قيل عن نظام الامتحانات ومهما عددنا نواحي قصوره ومآخذه ومهما دار الجدل حول البدائل المطروحة فإننا لا بد أن نعترف بأن الامتحانات حتى في صورتها هذه ضرورة واقعية في مراحل دراستنا، ومن وجهة نظري إن التوقف عند مآخذها المبالغة في تصوير عيوبها هو جزء من تبرير هروبنا من مواجهة أصل المشكلة.

إن واقع الحال وحقيقة مشاعر الممتحنين ومن حولها تثبت أنها تمثل عند الغالبية نهاية فحسب، لانه باجتيازها سيتوقف هذا النشاط العقلي نهائيا.

فالنشاط الذي كبل الطالب طوال فترة دراسته نجده يحافظ على حيويته وياليت هذا التوقف يعني بداية نشاطه العقلي بل إن الذي يحدث فعلا في اغلب الاحول أن النشاط العقلي كله يتوقف وتبدأ معلومات الفرد التي حصلها طوال فترة الدراسة في التقلص وتبدأ قدرته الاستيعابية بالاضمحلال.

ومن خلال مواجهة هذا الواقع يحق لنا أن نتصور ما في أعماق الشباب الذين يخافون هذه الامتحانات النهائية، فهم لا يخافون الفشل فحسب بل إنهم من أعمق أعماقهم يخافون النجاح أيضا لانه بهذه الصورة ينذر بالتوقف والاقتراب من نهاية يفرضها عليه هذا الفكر الجامد السائد.

ومن ذلك نستطيع القول إن الذي يحتاج إلى التغيير وبسرعة ليس طبيعة الامتحانات وشكلها ولكن الفلسفة من ورائها وفي الموقف الشامل من الأهداف الأبعد.

هذه البداية ملزمة دائما سواء أكانت نتيجة الامتحان هي الفشل أم النجاح فبعد الفشل يزيد التحدي ويتعلم الانسان رؤية جديدة وخبرة جديدة وبعد النجاح تزيد المسئولية ويتحدد الاتجاه أكثر فأكثر نحو تحدّ جديد لانطلاق أعمق وأكثر شمولا.

أقول إذا تحقق هذا كله أو شيء منه فإن الطالب سوف يستشعره وتقل مضاعفات ومشاكل كثيرة.

وهنا لا بد من عودة إلى كلمة موجزة عن معنى استثمار نتائج هذه المرحلة الأولى من الامتحانات بغية النجاح في الامتحانات الأصعب والتحديات المتصاعدة الأخرى، وان خوض الامتحانات بعيوبها ومآخذها ضرورة بلا جدال يكتسب الإنسان من خلالها معرفة أكبر ويتأكد من قدراته فيضيف إليها ثقة في نفسه تتيح لها مزيدا من تنمية عمل هذا الجهاز الرائع (المخ البشري) وهو يحصل من خلالها على الأدوات التي تؤهله لصياغة أفكاره برؤى جديدة، أما إذا كان مجرد النجاح في الامتحان هو الغاية المرادة فإن ذلك ليس إلا مجرد قفزة فوق حاجز خلفه الفراغ والعدم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى