سالم صالح:الوحدة بعد فترة لابد من النظر إلى أوضاعها وصيانتها

> «الأيام» عن «الخليج» :

> نشرت صحيفة «الخليج» الإماراتية الصادرة يوم الاربعاء 2007/6/20 حوارا مع الأخ سالم صالح محمد، مستشار رئيس الجمهورية وعضو مجلس الرئاسة السابق، أجراه معه الزميل صادق ناشر فيما يلي نصه:

قبل 17 عاماً كان اليمنيون على موعد مع تحقيق حلم لطالما راودهم وراود العرب جميعاً، وهو تحقيق وحدة اليمن المجزأ بفعل الاحتلالين التركي في الشمال والبريطاني في الجنوب، ولم يبخل اليمنيون بدموعهم عندما عبروا عن فرحتهم بتحقيق هذا الحلم في الثاني والعشرين من شهر مايو من العام 1990 عندما رفع الرئيس علي عبدالله صالح وإلى جانبه نائبه علي سالم البيض والعشرات من قادة الدولتين في الشمال والجنوب علم دولة الوحدة..

كانت لحظة رفع العلم الجديد لحظة استثنائية بالنسبة لأكثر من 14 مليون يمني الذين شعروا أن الحواجز التي كانت تضعها خلافات النظامين قد أزيلت، وأن الدولة الجديدة ستكون فأل خير بعد سنوات من الفرقة والشتات، وبدا أن الدولة الجديدة تلبي طموحات اليمنيين والعرب الداعين لوحدة عربية شاملة، بخاصة بعد أن بدأت حركة الناس في عموم البلاد تأخذ طابعاً مختلفاً.

لكن هذا الحلم الجميل لم يصمد كثيراً إذ تعرضت الدولة الوليدة إلى أول امتحان حقيقي وجاد بفعل غزو العراق للكويت في الثاني من أغسطس من العام 1990 أي بعد أقل من ثلاثة أشهر فقط من إعلانها، حيث انقسم القادة الجدد بين مؤيد للعراق ومعارض له، انعكاساً للانقسام الذي حصل في الصف العربي كله في ذلك الوقت.

وامتد الخلاف حول العراق بين شركاء الوحدة ليصل إلى خلافات سياسية، وخاضوا معركة الدستور قبل أن يخوضوا معركة الانتخابات العام 1993 ، وما تلا ذلك من تداعيات للخلافات وصلت إلى الحرب الأهلية التي شهدتها البلاد في الخامس من مايو من العام 1994 واستمر لمدة تزيد على الستين يوماً، وهي الحرب التي أدت إلى تقويض الشراكة في الحكم والحلم والتهمت حلم اليمنيين جميعاً في وطن قوي ومعافى..

وفي محاولة لتوثيق لحظات ما قبل قيام دولة الوحدة والحوارات التي أفضت إلى يوم الثاني والعشرين من مايو من العام 1990 واللحظات التي سبقت إعلان الدولة الجديدة التقت «الخليج» سالم صالح محمد، عضو مجلس الرئاسة السابق ومستشار الرئيس اليمني في حوار يكشف فيها معلومات تعلن لأول مرة عن حقيقة الحوارات السياسية التي دارت بين الرئيس علي عبدالله صالح والأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني علي سالم البيض في عدن وما عرف بـ «اتفاق النفق» وما تم في يوم الوحدة وصولاً إلى توزيع المناصب الرسمية في أول اجتماع لأعضاء مجلس الرئاسة في مدينة عدن.

وقيمة الحوار مع سالم صالح تتمثل في أنه كان قريباً من صناع دولة الوحدة فقد رأس عدة لجان أعدت لمشاريع أسس الدولة الجديدة، باعتباره كان في ذلك الوقت أميناً عاماً مساعداً للحزب الاشتراكي اليمني وكان صاحب قرار مؤثر داخل الدولة، وتالياً نص الحوار:

> هناك نقاط كثيرة لم يتم تسليط الضوء عليها، بخاصة فيما يتعلق باللحظات الأولى لإعلان قيام دولة الوحدة، فكيف كانت تبدو الأجواء برأيكم التي سبقت توقيع اتفاقية نوفمبر 1989 التي أفضت إلى يوم إعلان دولة الوحدة في 22 مايو 1990؟

- إذا أخذنا الفترة الزمنية المحددة بالسنوات، فلابد من الوقوف أمام بعض المحطات، فموضوع الوحدة كقضية، بالنسبة لنا في الحزب الاشتراكي اليمني وقبل ذلك في التنظيم السياسي الموحد وفي إطار الجبهة القومية ما قبل الاستقلال، كانت القضية الثانية بعد قضية تحرير الجنوب وتوحيده، ورفعناها في مرحلة معينة كشعار وهي «لنناضل من اجل الدفاع عن الثورة اليمنية وتنفيذ الخطة الخمسية وتحقيق الوحدة اليمنية» وأيضا في برنامج عملنا على الصعيد الملموس، باعتبار أن الحزب الاشتراكي اليمني كان حزباً موحداً شمالا وجنوباً.

الحزب الاشتراكي كان له برنامجان، برنامج على صعيد السلطة في الجنوب وآخر على صعيد الوضع في الشمال، وكانت هناك مسؤولية اعتبرها استثنائية تقع على الحزب الاشتراكي في تحقيق الوحدة اليمنية.

كل القادة في تقديري، ابتداء من قحطان الشعبي وسالم ربيع علي وعبدالفتاح اسماعيل وعلي ناصر محمد عملوا على تحقيق الوحدة، حققوا بعض الخطوات الوحدوية في ذلك الوقت، ولم يوفقوا في بعضها، لكن لا يوجد من كان يقف ضد الوحدة اليمنية.

كانت الأساليب تختلف في ذلك الوقت لتحقيق الوحدة بين نظامي شطري اليمن، وكان يشجع ذلك الانقسام الذي كان موجودا في العالم بين المعسكرين الاشتراكي والغربي والانقسام الذي تم بفعل الثورة الناصرية، فقد كان هناك من هو مع حركة التحرر والمد الموجود لإقامة أنظمة الجمهورية ومن كان ضد هذا المد، وهذه الرؤى فرضت نفسها على تفكير وسلوك القيادتين في الشطرين قبل قيام دولة الوحدة.

بعد أحداث 1986 الأليمة ومجيء علي سالم البيض وحيدر العطاس وسالم صالح وياسين سعيد نعمان ومن تبقى من القيادة التي كانت موجودة في عدن، كانت قضية تحقيق الوحدة تحتل مكان الصدارة، وجرت حوارات مختلفة، بهدف تخفيف حدة الوضع والاحتقان القائم في ذلك الوقت بين الشطرين والقيادتين، باعتبار أن ما خلفته أوضاع 13 يناير 1986 كانت على صعيد الشعب شمالاً وجنوباً وعلى صعيد العلاقات بين الشطرين كارثية.

بالنسبة لنا في الشطر الجنوبي، نوقشت هذه المسألة بعناية وتركيز، وأتذكر أن المكتب السياسي شكل لجنة برئاستي وعضوية حيدر العطاس ومحمد حيدرة مسدوس والدكتور سيف صائل وجارالله عمر، وعدد من أعضاء المكتب السياسي واللجنة المركزية في ذلك الوقت، ووضعت دراسة متكاملة، سياسيا، اقتصاديا، اجتماعيا، لتصور الوحدة التي يمكن أن تنجز بين الشطرين.

> متى كان ذلك؟

- كان ذلك قبل الوحدة بسنة تقريبا، وأتذكر أنه عند حضور الرئيس علي عبدالله صالح إلى عدن للمشاركة في احتفالنا بذكرى الاستقلال الوطني في 30 نوفمبر 89 كانت اللجنة المركزية منعقدة لمناقشة المشروع الوحدوي، وخرج الأخ علي سالم البيض لاستقباله، وواصلنا نحن الاجتماع.

وهناك حصلت بين القائدين مجموعة تصورات كانت أكثر مما كان يناقش، اجتمعا وحدهما واستدعيا بعض القيادات وخاصة من الإخوان الذين كانوا في الحزب الاشتراكي فرع الشمال، حيث حضر هذه اللقاءات الأخ جارالله عمر ويحيى الشامي، وقد ناقشوا الأمر بجدية، وسموه فيما بعد «اتفاق النفق»، وكانوا يقولون إنه لماذا كل هذه المشاريع، نتركها جانبا وندخل في تنفيذ مواد الدستور الذي هو موجود منذ سنوات وتمت مناقشته على مدى سنوات طويلة ونبدأ في تنفيذه.

انهيار الاشتراكية

> هل تعتقدون أن الزيارات التي قام بها علي سالم البيض إلى موسكو وصوفيا بعد أحداث 1986 كانت بداية مؤشر لتخلي النظام الاشتراكي عن عدن وبدأ يشعر انه وحده؟

- علي سالم البيض لم يزر موسكو حينها، بل أنا من زارها كأمين عام مساعد للحزب، لكنه حضر بعض المؤتمرات في ألمانيا وبعض البلدان الاشتراكية، وكان عندنا تقييم لما هو حاصل في دول المعسكر الاشتراكي، وقد دار حديث بيني وبين الأخ البيض ونحن مسافران براً من عدن إلى تعز للقاء الرئيس علي عبدالله صالح.

قلت له لو كان وضع الاتحاد السوفييتي كما هو في السابق وينظر في تقييمه للنظام في اليمن الشمالي رجعي والنظام في اليمن الجنوبي تقدمي، وجاء إليك السفير السوفييتي، وقال، انتم ذاهبون ماذا تعملون، تقول له، نحن بدأنا نتفق على تحقيق الوحدة، قال لك، هذا نظام رجعي لا تعملوا كذا، ما احتياجاتكم إذا كنتم تريدون السلاح الذي كنا نطالب به من طائرات ودبابات متقدمة ودعم اقتصادي وكل طلباتكم سنحققها، هل كان سيؤثر هذا في قرارك؟

> ماذا كان رد البيض؟

قال لي يومها هذا قرارنا الوطني، وهذه هي الفرصة التاريخية أمامنا كيمنيين في أن نحقق الوحدة اليمنية.

> ماذا لمس سالم صالح أثناء زيارته لموسكو ومناقشاته للقادة السوفييت في ما يتعلق بقضية مستقبل اليمن الديمقراطي بعد البريسترويكا والجلاسنوست وغيرها؟

- أنا كنت أزور موسكو كل 3 أشهر أو 6 أشهر، مثلا عندما كنا نزور مقر اللجنة المركزية أو وزارة الخارجية السوفييتية نشعر بهيبة الدولة وقدرتها ودقتها، نناقش المسائل الصغيرة والكبيرة والآراء الفكرية والنظرية والسياسية ونناقش تصورات الطرفين، سواء الداخلية أو في ما يتعلق باليمن أو بالمنطقة العربية.

وفي زيارتي الأخيرة إلى موسكو عام 1989 عندما كنت أميناً عاماً مساعداً ومسؤول الدائرة التنظيمية، وجدنا الفوضى العارمة في أهم معقل من معاقل الحزب الشيوعي السوفييتي وهو مقر اللجنة المركزية، فقد دخلنا ولم يعرفنا أحد وقابلنا مسؤول لم يعرف أين هي اليمن، ووجدنا الأمور قد انقلبت رأسا على عقب، وأولئك المتخصصون والخبراء والمسؤولون عن شؤون اليمن والمنطقة العربية ليسوا موجودين، وكان ذلك بالنسبة لنا مفاجأة عكست حقيقة أن هناك تغييراً كبيراً سيتم في حياة الروس والنظام الاشتراكي السوفييتي.

> أثناء نقاشكم لخيارات الوحدة في قيادة الجنوب، من كان مع الوحدة الاندماجية ومن كان مع الكونفدرالية أو الفيدرالية؟

- اللجنة المركزية لم تكن صوتت بعد على المشروع المقدم من اللجنة المكلفة من قبل المكتب السياسي، كانت حينها لا تزال تناقش هذه التصورات، ولم تقر هل نتفق على الوحدة الكونفدرالية أو الفيدرالية أو الوحدة الاندماجية.

عندما جاء الرئيس علي عبدالله صالح في 30 نوفمبر للاحتفال بذكرى الاستقلال وحصلت هذه النقاشات مع الأخ علي سالم البيض والأخوة في المكتب السياسي حدث مثل هذا التقدم الذي أدى إلى الوصول إلى الاتفاق، ليس أمامنا غير أن نتفق على موضوع الدستور وقد نوقش منذ فترة حكم الرئيسين عبدالرحمن الإرياني وسالم ربيع علي في طرابلس وأخذت به اللجان المتخصصة وبالتالي يصلح أن نأخذه كحل. كانت الإرادة السياسية في ذلك الوقت قوية بحيث لم يكن يوجد أي انقسام في القيادة فقد كان الكل يدعم هذا الاتجاه للقائدين.

اتفاق النفق

> هل فاجأكم الاتفاق السريع بين القائدين؟

- في ذلك الوقت كان مفاجئا، ليس لأعضاء الحزب الاشتراكي فحسب، بل وللشعب اليمني بأسره وأيضا للخارج، وهذه المفاجأة عجلت في الإسراع في تحقيق قضية الوحدة عن موعدها، والخوف عليها نتيجة لحصول الاتفاق بهذه السرعة وبهذا القدر من الإرادة السياسية، فكان لابد له من حماية وصيانة هذا الاتفاق، فقد كان هناك خوف من أن تعود الأمور إلى الأسوأ إذا تم الالتفاف على هذا الاتفاق من هنا كانت الجهود تسير باتجاه متسارع، وأنه ينبغي أن تحقق الوحدة وبأسرع وقت ممكن.

> ألم تعرفوا بالضبط ما الذي دار بين الرجلين علي سالم البيض وعلي عبدالله صالح في «اتفاق النفق»؟

- في ما بعد، حيث عاد كل واحد منهما إلى مؤسساته وقيادته، وطرحت الأمور بشكل واضح.

> ماذا طرح البيض عليكم؟

- قال لنا يومها إنه تم الاتفاق على طريق الدستور وتحقيق الوحدة الاندماجية.

> لماذا تم اختيار علي عبدالله صالح رئيساً وليس علي سالم البيض مثلا؟

- كنا في الجنوب مقتنعين تماما من أن الرئيس علي عبدالله صالح شخص مناسب وقائد وطني، وكل تلك الانطباعات التي تشكلت من قبل بفعل الصراعات التي كانت موجودة بين الشمال والجنوب وفي إطار الأيديولوجيات، قد سقطت، وانه يخطو خطوات وطنية وانه بقبوله اتخاذ قرار الوحدة هو بالنسبة لنا بطل وطني.

علي سالم البيض لم يكن أبدا يفكر على الإطلاق أو أي واحد منا يطرح أن نتجاوز علي عبدالله صالح ونبحث عن شخص آخر، كنا نفكر في موضوع الوحدة، كيف نرتب أوضاع الوزارات والاقتصاد ودمج الجيشين والإدارتين.

> كيف عشتم الساعات الأخيرة من عمر دولة الجنوب وانتم قياديون فيها، هل كنتم تشعرون أنكم ستخسرون الكثير بعد قيام الدولة الجديدة؟

- العواطف كانت هي السائدة، أذكر أننا انتقلنا إلى صنعاء فريقين، فريق انتقل براً مع علي عبدالله صالح والبيض واستقبلتهم الجماهير في المحافظات، والفريق الآخر بمن فيهم أنا انتقل جواً.

> هل اتخذ قرار مغادرة عدن إلى صنعاء في 22 مايو 1990؟

- بعد الإعلان عن الوحدة في عدن، كان لابد من الإعلان بعد ذلك عن التشكيل الوزاري، نحن ظللنا وحدنا في عدن ليلة كاملة، وفي اليوم التالي غادر الأخ الرئيس والبيض إلى صنعاء براً، وأنا وحيدر العطاس وبعض الإخوان ذهبنا جوا، ثم واصلنا النقاش في المساء لاستكمال الترتيبات في ما يتعلق بمجلس الوزراء.

> هل كان ذلك في يوم 23 مايو؟

- أعتقد أن ذلك كان يوم 23 أو 24 مايو.

> هل يعني أن الرئيس صالح قضى أول أيام رئاسته لدولة الوحدة في عدن؟

- نعم.

> من ترأس اللقاء المشترك الأول؟

- أكبر منا سناً الشيخ سنان أبو لحوم.

> كانت هناك أجواء ايجابية وطرائف، هل تتذكر شيئاً منها؟

- البعض كان يقول نحن خائفون من أن يعملها الشيخ (سنان) ويبزها، أي يأخذ الرئاسة.

> هل كان يحق له دستوريا؟

- لا، طبعا، الشيخ سنان وحدوي ومن الذين عملوا على تقريب وجهات النظر بين الجانبين.

> كانت لكم تصريحات في فترة الأزمة السياسية بين الحزب الاشتراكي اليمني والمؤتمر الشعبي العام عام 1993 تدعون فيها للعودة إلى الفيدرالية، ما الذي دعاكم في تلك الفترة إلى طرح هذه القضية؟

- طرح الفيدرالية تم أثناء مناقشة الأزمة التي قامت بعد قيام الوحدة، وأنا كنت مكلفاً من المكتب السياسي بإعلان هذا الموقف، على أساس انه إذا الشعب سيواجه حرباً وسيعاد تقسيم البلد الواحد إلى شطرين من جديد ونرى مثل هذا العمل الكبير والعظيم أمامنا يتصدع وينهار، فلماذا لا نحافظ عليه بالمشروع الفيدرالي، وهو المشروع الذي استوعب إلى حد ما بعد ذلك وثيقة العهد والاتفاق.

لكن الناس لم يستوعبوا مثل هذه الأفكار، وكان التحضير للحرب والتعصب والدفع باتجاه القتال أكثر من أصواتنا التي تدعو إلى الحوار أو البحث من مخارج تحافظ على المشروع الوحدوي وعلى أن لا يتقاتل الأخوة فيما بينهم خاصة، لأن لنا تجارب أليمة في هذا الشأن.

رد الاعتبار للبيض

> برأيكم ألا يشفع لعلي سالم البيض دوره في قيام دولة الوحدة وترسيخها لرد الاعتبار له بعد هذه السنوات؟

- علي البيض سواء اختلفنا معه أو العكس، هو والرئيس علي عبدالله صالح من الذين حققوا يوم الوحدة العظيم، بعد ذلك يأتي التاريخ ليقول أين أخطأ هذا وأين أصاب ذاك. لا يستطيع أحد أن ينكر هذا الدور التاريخي لعلي سالم البيض، ولا أحد أكان متفقاً أو غير متفق مع الرئيس علي عبدالله صالح يقدر أن ينكر أن الرئيس هو الذي اتخذ مثل هذا القرار الوحدوي العظيم في حياتنا.

قضية المناكفات، هي دور من يبحث عن بعض المسائل الصغيرة ليبهت دور الوحدة العظيم وأحيانا ننسى دور الجماهير العظيمة ونشعر كأننا وحدنا، وهو شعور خادع، لابد أولا أن نعرف أن الشعوب هي التي تصنع التاريخ وأبناءها.

علي سالم البيض وعلي عبدالله صالح وسالم ربيع علي وإبراهيم الحمدي وعبدالفتاح إسماعيل وقحطان الشعبي وعبدالرحمن الإرياني وكل أولئك الرؤساء جاءوا من أوساط هذا الشعب، ونحن فخورون بهم لأنهم جاءوا من بين أوساطنا ولم يأت بهم الاحتلال الأجنبي.

الامتحان الأول

> في أي عام كان أول امتحان صعب للقيادة اليمنية؟

- كان في حرب الخليج الثانية.

> لماذا انقسمتم؟

- لم يكن انقساماً، كان يوجد من مؤيد ومن له وجهة نظر، كانت سبل المعالجة مختلفة قليلا فيما يتعلق بالتعامل مع الموقف، هل نحن مع العراق أم لا، بعدها جاء حضورنا في القمة العربية وكان لليمن موقف، والمشكلة التي أضافت على اليمن أعباء هي موقفنا في مجلس الأمن في تلك الفترة فكان موقف مندوبنا عبدالله الأشطل في غاية الحساسية.

كان هذا أول موقف صعب للقيادة الجديدة، بعده بدأت الحرب في الخليج ونتائجها، بدأ العد التنازلي للمنطقة العربية، وبدأ هذا العمل الكبير الذي عملناه في جنوب الجزيرة العربية يخفت مقارنة بما كان يدور في شمال الجزيرة والانقسام العربي الذي تم وبعد التدخل الأمريكي ومن مع ومن ضد، هذه من المواقف التي أتعبتنا.

> في ذلك الموقف، من كان مع ومن ضد، هل انقسمتم بين شمال وجنوب؟

- لا.

> كيف كان الانقسام إذن؟

- انقسمنا كأشخاص.

الافتراق

> بعد الوحدة دخلتم في عدة معتركات، هل تعتقدون أن معركة الدستور هي الأساس لبداية الافتراق بين فرقاء الوحدة؟

- هذه قضايا كنا نشخصها في لقاءاتنا الحميمة بين بعضنا بعضاً، لأن اللقاءات كانت يومية، كنا نرى انه لابد أن نعطي اهتماماً للوضع الداخلي، لدمج النظامين، نحل أية مشاكل وبالذات التي كانت مطروحة ولم تنفذ كقضية الجيشين ودمجهما، قضية هل ندمج الحزب الاشتراكي والمؤتمر، وتركت بعض المسائل وكأنها لن تؤثر.

وقد استطاع بعض ممن كانوا ضد الوحدة والذين شعروا أن تحقيقها سينهي مصالحهم أن يؤثروا في بعض الأحداث.

وأنا أقول إن التوجه لهذه المعارك كان غير موجود على الاطلاق، فلم يكن لدى علي عبدالله صالح تفكير دموي ضد أحد من خصومه في الجنوب ولا نحن أيضا عندنا هذا التوجه، الكل كان يرى أن الوحدة تجب ما قبلها وتخرجنا بموقف جميل، لكن بعض الأطراف حاولت أن تدخل سواء من «جلباب أبي» أو من بعض الأخطاء أو انشغالنا في حرب الخليج وانعكاسها على الوضع في اليمن، كل هذا من المؤثرات التي ساعدت مع الأسف على أن نصل إلى وضع متأزم وكل طرف يفكر أين المخرج وكيف؟

اعتكاف البيض

> هل تعتقدون أن قضية الاعتكاف التي دأب البيض جزء من تعقيد المشكلة؟

- هذا أسلوب شخصي، أنا كنت اقرب إلى علي عبدالله صالح وعلي سالم البيض، لم تكن لدي أية مصلحة أو طموح شخصي، لكن كانت عندي رسالة، وجهتها للشخصين أثناء الأزمة، وقلت لهما فيها إن نذر الحرب واضحة وأن هناك من يدفع بها، استحلفكما بأحمد وعدنان (ابنيهما) وكل مقدسات الشعب اليمني وتضحياته أن تنتبها لهذه المخاطر، وذهبت بعدها للعلاج في ألمانيا في نوفمبر 93.

البيض حتى أثناء ما كنا موجودين في الجنوب رجل صادق وتلقائي، حتى النكتة بالنسبة له لا يتقبلها، عندما يغضب يترك الأمور ويقعد في منزله لأسابيع، وعندما تحمل الأمانة العامة كان يجلس من أسبوع و عشرة أيام لا يقابل أحداً، وبعد ذلك ندخل ونناقشه كأخوة ونحاوره إلى أن يعود.

في الاعتكاف الأول أو الثاني، ذهبت إليه مجموعة من أعضاء المكتب السياسي منهم محمد سعيد عبدالله محسن وأنا، وفريق من الرئيس السلال والشيخ سنان أبو لحوم ومحمد سالم باسندوة والقاضي عبدالسلام صبرة، وعندما التقينا به قال لنا، وما تريدونني أن أعمل؟، قلنا له يا أخي توجد امكانية للحل وفعلا وضعنا تلك النقاط الـ 18 التي قدمها الحزب، وهي التي قادت بعد ذلك إلى أن تجلس لجنة الحوار التي أفضت إلى وثيقة العهد والاتفاق، فقد كنا نعتقد أن الأمور تحتاج إلى الحوار لا إلى مثل هذا الانقطاع.

> بعدها ماذا حدث؟

- حدث الاتفاق، وهو الوثيقة، والتي خرجت برضا كافة الأطراف اليمنية، لكن ما كان على الأرض شيئاً مختلفاً، فقد كانت هناك احتكاكات بين الجيشين.

> قبل الاعتكاف الثاني للبيض، هل التقى بالرئيس صالح وهل كان ذاك آخر لقاء بينهما قبل لقاء عمان؟

- لا أتذكر بالضبط، اللقاءات كانت دائمة بين الرجلين لكن بعد الاعتكاف الثاني لا أعتقد انه تم أي لقاء سوى ذلك الذي عقد برعاية الملك حسين في عمان.

> كيف بدت الأمور في عمان؟

- بدت متوترة جدا، وكان من الواضح أنه لا يوجد أي أمل للاتفاق.

> هل تولد لديكم الشعور آنذاك أن البلد ذاهب إلى الانقسام أو الانفصال أو العودة إلى الماضي؟

بنفس الفرحة والافتخار التي شعرنا بتوحيد الوطن، كان الشعور بالإحباط والخيبة أمام مواجهة هذه المواقف، حتى كنا نخجل أن يقول أحد منا أنا فلان، كان شيئاً مخزياً للغاية.

> بعد 17 سنة من عمر الوحدة هل تعتقدون أنها مهددة بمخاطر داخلية وخارجية؟

- الوحدة راسخة، ولكن مثلها مثل الشجرة، البيت، الإنسان، بعد فترة أو فصل لابد من الاهتـمام بهـا والـنظر إلى أوضاعها وصيانتها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى