أكذوبة عنوانها: عدن

> محمد باجنيد:

> أبوبكر سالم بلفقيه الحضرمي الجذور، العدني الهوى، السعودي الجنسية، فنان بنى له قاعدة ضخمة من المحبين تجاوزت الجزيرة العربية، انطلق من حضرموت واشتهر من عدن وواصل تألقه في السعودية وبقية دول الخليج، ويقال إنه شديد الثقة بالنفس وبجمهوره وإنه لا يخشى منافسة أحد من الفنانين له في المكانة الجماهيرية إلا الفنان الشعبي فيصل علوي ذا الجذور الحضرمية أيضاً واللحجي النشأة والهوى، والمفاضلة بين الاثنين صعبة لكن الواقع يقول إن الميل إلى فيصل علوي أكثر منطقية أما لماذا فلأن أبوبكر ردد في بعض من أغنياته من الكلام ما لا يمكن أن يصدقه عاقل، بل ردد من الكلمات ما يمكن تشبيهها بالدعاية الانتخابية التي تكثر فيها كلمة (سوف) حتى بتنا في حالة ثأر مع (سوف) وكل ما ننتظره قرار من الأمم المتحدة يمنع (سوف) من دخول مجالس القات اليمنية كي لا تتكرر بعد ذلك ضمن التصريحات الرسمية.

المأخذ على أبوبكر سالم وصفه عدن بأنها جنة الدنيا التي فيها كل فن، متمادياً في محبته لها مستعينا بأناقة أدائه وعذوبة وصوته إلى أن تبلغ به الجرأة في أغنية أخرى فيزعم بأنه قد لا ينام الليل وقد يصبر على الشجن لكنه لن يحتمل إطلاقاً (فراق عدن)!! وفي إحدى الجلسات الغنائية التي تسرب تسجيلها إلى الناس غنى تلك الأغنية وهو يبكي حتى قال: آه يا عدن!

فكانت هذه كلمة الصدق الوحيدة في الأغنية الطويلة (الأكذوبة)، فعدن ليست جنة الدنيا كما أراد لنا أن نصدق بن سالم، نحن في القرن الحادي والعشرين وعدن مدينة تشكو من جحيم الصيف والناس يموتون فيها من لهيب الحر وليس من لهيب الشوق، ولا يبدو أن لهذا الحر حلاً، فالكهرباء في حالة جفاء ودلال مع عدن، تأتي إليها أحياناً وتغيب عنها أحايين أخرى!! (الكهرباء) تكرر انقطاعها عن عدن إمعاناً في الدلال حتى لو كان دلالاً يؤدي إلى الموت وإلى وصم عدن بالتخلف ونزع صفة المدينة عنها لتكون قرية صيادين، إنه جفاء يصيب الطلبة في مقتل ويرمي بقوت الناس إلى صناديق القمامة. (أليس من الحب ما قتل)؟!

و(أهل عدن صحيح مساكين.. مساكين) وليس أهل الهوى هم المساكين!! ولذلك فهم عاجزون عن الهرب من صيفها القاتل إلى إحدى الدول المعتدلة المناخ.

في عدن أصبح الموت سهلاً ويسيراً، بل إنه صفة من صفات هذه المدينة، فالناس يموتون من الحر، ويموتون من الضرائب التي زادت مع ضريبة المبيعات، ومن الارتفاع في الأسعار، ومن الصراعات التي لا نهاية لها على الأراضي، ويموتون قهراً على أبواب المحاكم.

بعد ذلك هل يريدنا أبوبكر سالم أن نصدقه ويحتمل الناس الحياة في عدن أم يطلبون هجرها بدلاً من ودها ولكن إلى أين يذهبون والدول الغنية أقفلت أبواب الدخول إليها (بقفلين).

فيصل علوي يتفوق على أبوبكر سالم في أن أحداً لم يلحظ أنه بالغ في مديح لحج أو بساتين الحسيني بعد، رغم قرار تحويلها إلى منطقة حرة حتى يمكن الحكم (بالطريقة القبلية) في أفضلية الرجلين كي لا نعود إلى مربع القضاء وأحكامه.

وللتذكير فإن التغزل بعدن ولحج كان في الخمسينات والستينات من القرن الراحل. أما حظ عدن من القرن الحادي والعشرين فهو أنها تعيش فيه بذكرى أنها كانت مدينة خالية من المتنفذين والقبليين والفاتحين الجدد، وأنها فرع عاد إلى الأصل، ولهذا كانت نور الجزيرة والبحر.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى