> (دارين ليبينكي) باحثة نفسية تعمل بكلية علم النفس في الجامعة الأسترالية الوطنية مهتمة بدراسة طرق التفكير لدى الإنسان وتحاول معرفة السر وراء تطوير التفكير الإبداعي لديه، لاحظت في إحدى التجارب التي تقوم بها باستمرار على العمال من الكلية نفسها أن مجموعة كبيرة من العمال استطاعت تخطي الكلمات المتقاطعة المعقدة التي كانت تعدها لهم خصيصاً، وبعد التركيز على تلك المجموعة لاحظت أن هناك شيئاً مشتركاً يجمع بينهم فكلهم تمكنوا من الوصول إلى الحل عندما كانوا مستلقين على مكاتبهم في أوقات الراحة، طبعاً (ليبينكي) أخفت هذه النتيجة وعرضت الكلمات المتقاطعة على عمال آخرين واشترطت عليهم حلها في أي وضعية أخرى دون الاستلقاء، وهنا كانت النتيجة المذهلة!! فقد تعذر على كل أفراد المجموعة الثانية حل الكلمات نفسها وادعوا صعوبتها.. طبعاً هذه التجربة أوحت لـ(ليبينكي) بعلاقة خفية بين الاستلقاء وبين القدرة على التفكير المبدع، وأخذت تتابع هذه العلاقة وتحاول إيجاد تفسير علمي لها وفعلاً استطاعت أن تثبت بالصور المقطعية للدماغ والتحاليل المختلفة للدم أن الشخص عندما يستلقي يقل إفراز مادة في الدماغ لديه تدعى (نورأدرنالين) هذه المادة رغم مسئوليتها عن التفكير التحليلي إلا أنها تحد من التفكير الإبداعي.. والحقيقة أن هذه العلاقة واضحة في سيرة المخترعين فـ (أرشميدس) مثلاً يحكي عنه أن أحد ملوك الإغريق استدعاه وطلب منه أن يفصح له عن نوع المادة المصنوع منها تاجه الذي أعده صائغه الخاص فظل أرشميدس يفكر في طريقة لإثبات إذا كان التاج من ذهب أو نحاس دون جدوى وفي أحد الأيام وبينما هو مستلق في أحد أحواض السباحة لاحظ أن الماء المزاح من الحوض للخارج يساوي مساحة جسمه، وهنا خرج بنظرية (الثقل النوعي) واستطاع أن يثبت أن المساحة التي أزاحها تاج الملك تساوي قيمة الذهب لا النحاس.. أما (نيوتن) مكتشف قانون الجاذبية الأرضية فقد أُلهم فكرة الجاذبية الأرضية وهو مستلق تحت شجرة للتفاح.. وكذلك حصل مع (مندليف) مكتشف الجدول الدوري، و (البيروني) مكتشف محيط الأرض، والحقيقة أنني مع رأي الدكتورة ليبينكي فالاستلقاء بحد ذاته قادر على جعل الجهاز العصبي أكثر استرخاء وأكثر قدرة على النظر للمشكلة من جميع الزوايا ناهيك عن أن الاستلقاء يزيد تدفق الدم من الأطراف للدماغ محملاً بالأكسجين والجلوكوز المهم لعملية التفكير نفسها.

رغم أنني مع تفكيرك وأنت مستلق إلا أنني لا أنصحك أن تطبقها في مكتبك (وإلا كانت سبباً في فصلك).

[email protected]