أفنديات الوحدة وثقافة الإمام

> محمد علي محسن:

> يعلم الضابط وأمثاله وهم قلة من المتفيّدين والمستطيبين ببقاء الأوضاع على ما هي عليه من التأزم والتشظي والمعاناة أن مثل هذه اللغة التي خاطب بها جموع الضباط المتقاعدين ومناصريهم لم تعد تجدي أو تخيف أو تستخدم سوى في بقايا أنظمة سياسية غارقة بالاستبداد والانغلاق والاضطهاد، وبلادنا وأهلها نظنهم جميعاً أول من عرف الشورى وأكثر خلق الله على البسيطة كلاماً وأحزاباً وصحفاً.

يافندم شعبنا ليس بهذه السذاجة والبلاهة حتى يمكن أن تنطلي عليه هذه اللغة الحمقاء المخونة والمشككة بالآخر أكان صحيفة مثل «الأيام» أم حزباً أم فرداً، فكل مفردات التخوين والتكفير والإقصاء واللاوطنية واللاوحدوية وغيرها صارت في وقتنا الحاضر ضارة بأصحابها وعائدة عليهم أكثر من غيرهم ممن يراد إلصاق التهم بهم بمسميات جاهزة ومتوافرة فقط في ذهن وخطاب وسلوك الفندم الحريص جداً على وطنه ووحدته وثورته وجمهوريته فيما هذه الآلاف المطالبة بالعدل والمساواة والمواطنة غير المنقوصة أو المسلوبة هي الخطر المستطير المهدد للبلاد والعباد.

للأسف من يملكون السطوة والنفوذ وفي واقع مثل هذا الذي فيه طرف مهزوم في حرب غير عادلة ولا متكافئة أو مبررة أصابهم الغرور بمقتل لدرجة فقدان السيطرة على أطماعهم ورغباتهم المكبوتة في أن تعبر عما في نفوسهم وعقولهم بكل حرية وهمجية ودونما وازع أو رادع، كما أن نشوة النصر العظيم أفقدت أصحابها البصر والبصيرة إلا من رحم ربي، السلطة المطلقة مفسدة مطلقة، ومن يحكمون وبيدهم زمام القرارات هكذا لا يرون سوى ذاتهم وحاشيتهم وسواهم إلى الجحيم والمنفى، والفندم واحد من زمرة هؤلاء المخدوعين بالمظاهر الكاذبة وبالفيد والإثراء غير المشروع وبتجسيد الانفصالية والفرقة والتمزق بسلوكهم وخطابهم و وعيهم وبهدم ما بقي من شعور وإحساس بالمواطنة الواحدة التي رغم كل ما حدث مازال هؤلاء المنتفضون لحقوقهم ومعاناتهم وكرامتهم لم تمت وتقتل في نفوسهم وتفكيرهم حتى بعد أن طفح الكيل عند البعض فله ما يبرره.

حضرة الفندم ربما غفل عن أن 13 عاماً كانت كافية لأن يعود النظام السياسي إلى صوابه خاصة بعد فشل سياساته اقتصادياً واجتماعياً وديمقراطياً وحقوقياً ووحدوياً فكل هذه السنوات استهلكت فيها الشعارات والخطابات لدرجة وصلنا معها إلى فقدان الثقة بإمكانية الإصلاح والتغيير لمجمل الحياة وكان الأحرى بهؤلاء إثبات غير ما نشاهد ونلمس من تردي الأوضاع وزيادة نسبة البطالة والفقر والانتهاكات والمصادرات للحقوق والتراجع المخيف للمؤسسات والديمقراطية وغياب المحاسبة والقانون والمساواة وسطوة ونفوذ الفساد والمفسدين وضياع الكثير من الفرص السانحة لإصلاح الحال مثل الطفرة الطارئة على سعر النفط أو الجرع السعرية التي وفرت مليارات الريالات لخزينة الدولة وعلى كاهل المواطن وكذلك رؤوس المال المهاجرة أو الأجنبية والوطنية، وغيرها من الفرص التي كانت بمتناول اليد وضاعت وتبخرت في سماء من البيروقراطية والفساد.

نذكر أن الإمام أحمد رحمه الله أطلق ذات يوم من عام 58م على دعاة الإصلاح والتغيير صفة دعاة الهدم والتخريب، حدث ذلك أثناء عودته من روما وفي الحديدة ومن شرفة قصره، ويمكن للجميع العودة لإذاعة صنعاء التي أذاعت الخطبة. كما أن الثورتين 26 سبتمبر و14 أكتوبر للأسف لم تخلوا من ثقافة التخوين والاستبداد للآخر إلى أن تحققت الوحدة والديمقراطية التي ما كان ينبغي لها أن تتراجع إلى الخلف لولا الحرب وما لحقها من ممارسات وخطاب وثقافة، وليس حضرة الفندم سوى واحد من أفنديات الوحدة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى