كـركـر جـمـل

> عبد حسين احمد:

> نحن لا نعرف حال الكثير من الناس.. ومن الضروري أن نعرف وأن نتحدث عنها في أية ظروف ولأي سبب.. ولكن الذي رأيناه وعرفاناه بالتجربة والغريزة.. هو أننا أصبحنا لا نعرف لنا رأساً ولا قدماً.

> أحياناً كثيرة يتمنى الإنسان ألا يرى أحداً ولا يسمعه.. وإذا رآه أن يسمعه ويفهمه إذا تحدث عن نفسه.. فالناس قد تعودوا على حب الآخرين الذين يثيرون فيهم الشفقة والرحمة.. ولا يحبون الذين يثيرون فيهم الكراهية والغضب والخوف إذا انكشفت فضائحهم أمام الآخرين.

> ولابد أن كل شيء مفزع يبعث على الخوف.. والسلطة- أية سلطة- قادرة على ابتكار أساليب كثيرة للخوف والتخويف.. حتى إذا لم تجد سبباً لها أو داعياً إليها.. هي التي تخترع صور الخوف.. وتتوهم أنها حقيقة.. فتحرق أعصاب الناس لكي يصابوا بالجنون أو يموتوا.

> ثم أن الإنسان مهما كان ضخماً أو هزيلاً.. فإنه لا يستحق الرثاء إذا كانت غلطاته ونزواته كثيرة.. أو إذا أساء إلى بعض الناس الطيبين أو كلهم.. أو كان سبباً في نهاية بعض الأصدقاء الذين فتحوا له الأبواب لكي يدخل منها.. ولكنه فضل أن يقفز فوق الجدران.. وأن يتسلق ويتجاوزهم.. ولابد أن يسقط على الأرض وأن يدفع الثمن غالياً.. من دموعه وأعصابه التي تنفلت وتثور لأتفه الأسباب.. ومن الطبيعي ألا يشعر الناس نحوه بالعطف ولا يحبونه لأنهم أذكى.

> أما الصورة التي يجب أن يخجل لها حتى الموت.. أن يجلس أمام شخص مثله- ولكنه أكبر مركزاً- وقد وضع ساقاً على ساق.. ثم ينافقه ويتوهم أن اقترابه بهذه الوضعية المهينة.. يؤهله أن يكون شيئاً ما.. وهو الذي عاش عمره ليست لديه فكرة واضحة عن أي شيء.. وهذه هي أول ملامح حياتنا التي نعيشها.. أن الشيء الصغير أصبح كبيراً وقوياً.

> والغريب في أمرنا أننا أصبحنا غائبين عن هذه الدنيا.. وكأننا لا علاقة لنا بأي شيء حولنا.. فالفساد بالجملة.. والتسيب بالجملة.. والظلم بالجملة.. والشكوى تملأ الصحف من الغلاء والرشوة والفساد والتخريب والتهريب وسرقة المال العام.. حتى أصبحت حياتنا بلا لذة ولا طعم.. وأصبح الناس مرهقين ويتوقون إلى الراحة من هذه الحياة.. ولا نستطيع أن نلومهم إذا هربوا من الشعور بالتعب وإرهاق الأعصاب والخوف من المجهول إلى أقراص النوم والمهدئات الأخرى.

> ثم ليس من الضروري أن يتعاطى الإنسان هذه المهدئات أو يعرفها.. ولكن يكفي جداً أن يحس بظلم النظام.. وأن يشعر أنه ليس وحده مرهقاً بالعذاب-عذاب البطالة والمعاش- والعزلة والوحشة من الحياة.. والمؤسف جداً أن بلادنا أصبحت التجارة فيها شطارة.. وخداع الناس شطارة.. والفساد شطارة.. ولذلك دخلنا في أولى المراحل من استهلاك الأقراص والحبوب والمخدرات.

> والمهم إذا كانت السلطة تجعلنا بقصد غير قادرين على إدراك قضايانا ومشاكلنا بوضوح.. غير قادرين على أن نحصر كل ما حولنا بوعي وفهم وإدراك.. ثم نصبح وكأننا نعيش في غيبوبة.. أو كأننا على حافة الهاوية.. فإن التركيز والاهتمام (بالتغيير) هو القادر وحده على تثبيت الدنيا حولنا.. ونقل اللمعان إلى عيوننا والسعادة إلى وجوهنا.

> ومن المؤكد أن كل ما يثير هو متعة للناس.. مادام لا يصيبهم.. ولا يحرمهم من أبسط حقوقهم في فرص العمل بدون تمييز.. وعدم تقديم أهل الثقة على أهل الخبرة.. وكفى المؤمنين شر البلاء!!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى