في ضوء الادعاءات الإيرانية الأخيرة .. الوقوف مع البحرين الشقيق

> د.هشام محسن السقاف:

> جاهر شاه إيران بأطماعه في المنطقة العربية- الخليج والجزيرة العربية- من منطلقات إيران التوسعية التي لم تنقطع تاريخياً، وكأن الشاه يستحضر الماضي بأثر رجعي في الحاضر، وكانت الادعاءات الشاهنشاهية قمة الصلف فيما يخص البحرين وشط العرب ثم الجزر الإماراتية التي احتلتها إيران في مطلع السبعينات الماضية. ولم يختلف حكم ملالي الثورة الإسلامية بدءاً من عام انتصار هذه الثورة في 1979م في شيء عن حكم الشاه المباد، فالمضمر والمعلن وجهان لعملة واحدة في خفايا الذهنية الفارسية، يتوارى الأول تحت وبين مخرجات كثيرة: الدين والمذهب وسواهما، وسرعان ما يظهر علناً في صورة تنضح بالحقد التاريخي على العرب الذين أخرجهم الإسلام من جزيرة العرب، موحدين بالعقيدة وليهدوا أركان الإمبراطورية الفارسية العتيدة، فلم يستوعب كثير من الفرس التحول العظيم الذي حدث للبشرية، وجعل من هؤلاء العرب الذين كانوا مزقاً وشيعاً في جزيرتهم أمة ذات سيادة تتلقف- بفضل الإسلام- زمام الدنيا من أعتى الإمبراطوريات، وقد تجلت مظاهر العداء الشعوبي للعرب، بعد أن أنعم الله على الجميع عرباً وأعاجم بنعمة الإسلام، في العصر العباسي الأول بعد تقاسم الفرس كعكة السلطة مع العباسيين.

وأعاد الصفويون جزءاً من حلمهم الاستعماري القديم باحتلالهم العراق في القرن السادس عشر، وعندما خرجوا من العراق أخذوا -لاعتبارات سياسية بحتة- المذهب الشيعي الاثني عشري لتبدأ رحلة جديدة من الأطماع التي تتلفح بالرداء المذهبي دون أن يداخلنا شك في وطنية الشيعة العراقية بانتماءاتها العربية الأصيلة، إلا ما يكون من أمر المرجفين والمزروعين في التربة الشيعية لأغراض تخدم الأطماع الإيرانية. ومع أن هناك الملايين من العرب في ضفة الخليج الأخرى في إيران إلا أن العرب أنظمة وأفرادا لم يدعوا يوماً أي ادعاء بتلك الأراضي التي يقطنها أخوانهم رغم ما يلقون من تهميش وتضييق من النظام السياسي في طهران اليوم وبالأمس.

وقد بدا جلياً أن آيات الثورة الإيرانية وقد أخذتهم نشوة الثورة وتسنم الحكم في طهران من شاه إيران لا يقفون عند حدود الجمهورية الإسلامية بل فتحوا فضاءات الإعلام الموجه ضداً على العرب والعروبة، ونادوا بتصدير ثورتهم إلى الخليج العربي والجزيرة، وجرى ما جرى من حرب ضروس بين العراق وإيران بسبب من هذه السياسة العدوانية، وقفت فيها دول الخليج العربي وفي المقدمة الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية والكويت داعمين كل الدعم للعراق في هذه الحرب التي كان بالإمكان تجنبها لو أن إيران التزمت بسياسة حكيمة تجاه جيرانها بدلاً من دفع غوغاء الثورة وشعاراتها إلى دول المنطقة لزعزعة الأمن والاستقرار فيها.

وقد فضحت الأعمال الإجرامية التي تجري في العراق المحتل اليوم من العصابات المدعومة من إيران النوايا الإيرانية تجاه العراق حامي البوابة الشرقية، والدفع بالأمور إلى حافة الحرب الأهلية، وتمزيق اللحمة الوطنية العراقية على أسس طائفية تستحوذ الشيعة على نصيب الأسد من هذا التمزق الذي لن يخدم إلا الأطماع الإيرانية التي لم تغب يوماً عن أولويات أهل الحكم في طهران.

وقد جاءت التصريحات الأخيرة التي أدلى بها عضو في البرلمان الإيراني تجاه البحرين تكراراً للنغمة النشاز ذاتها التي عزفها الشاه سابقاً بادعاءات ممجوجة تدعي أن البحرين العربية جزء من الأرض الإيرانية، ومهما كانت التغطية الرسمية والإيهام الذي تلعبه الأطراف المختلفة في إيران الملالي لطمأنة البحرين فإن الثابت في المضمر الإيراني الشاهنشاهي أو الجمهوري الإسلامي ذي الأطماع التاريخية، هو استغلال إيران لكل جديد ومستجد في المنطقة العربية- كما هو حادث في العراق ولبنان- لتضع أقدامها التوسعية في المنطقة العربية مثلها مثل أي قوى استعمارية أخرى. بينما الأسلم سياسياً ومنطقياً أن تستثمر إيران عوامل الدين والجيرة التي تربطها بالدول العربية في إقامة علاقات أخوية متكافئة مع العرب، ومراعاة أن الدول الخليجية العربية فتحت مجالات المواطنة الكاملة لعدد غير قليل من الإيرانيين، الذين أصبح البعض منهم يتربع مفاصل اقتصادية وتجارية مهمة تدر الملايين على إيران نفسها, ناهيك عن مشاركة هؤلاء في الحياة العامة بما فيها السياسية والبرلمانية- كما هو حادث في الكويت مثلاً- دون تقييد أو تمييز.

أما التعويل على المذهب كذريعة لمد البساط الفارسي المزخرف إلى أراض تنبض بالعروبة على مر التاريخ، فإنه تعويل لا يستقيم على قواعد ثابتة وسوف تجني إيران منه الخيبة والخسران عندما تخسر محيطها الإقليمي كما خسرت مكانتها الدولية.

ينبغي الوقوف إلى جانب مملكة البحرين شعباً وحكومة وملكاًً في وجه كل ما يستجد من تحرك إيراني معلن أو مضمر، كما هو الشأن مع العراق في محنته ودولة الإمارات العربية ومع بقية الدول العربية في الخليج والجزيرة العربية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى