> فاروق لقمان:
عندما استعرت الحرب الأهلية اليمنية بين الجمهوريين الذين قاموا بثورة 1962 والملكيين الذين قاوموها, كانت اليمن ساحة لأنشطة العديد من فرق المرتزقة الأجانب، مثل ما هو الحال في بعض الدول الإفريقية من الكونغو وأنجولا وموزامبيق إلى جزر القمر.
وقرأت عن عصابات المرتزقة البيض في بداية الثورة أي منذ 1962 حتى نهاية الاستعمار البريطاني في عدن ومحمياتها لأن المخابرات البريطانية والفرنسية كانت تجندها وتمولها للتخريب على القوات الجمهورية والمصرية التي كانت تساندها.
وكان من الطبيعي أن تقوم الحكومة البريطانية بالتمهيد للمرتزقة لاستخدام قواعد أرضية وتسهيلات في الجنوب المحتل وتمدها بالخرائط ووسائل المواصلات والذخائر لنسف طرق المواصلات ونصب الكمائن.
عندئذ بدأ يبرز اسم بوب برنارد أحد المرتزقة من أصل فرنسي الذي نشط في أكثر من بلد عربي وإفريقي وانضم إلى فرقة «كلاب الحرب» كما سموهم في أوروبا وفي الفيلم الشهير بذلك الاسم بطولة رتشارد برتن زوج الممثلة إليزابيث تيلور. ولم يخف برنارد هويته في الحديث عن نفسه بكثير من الزهو وعن حروبه العديدة التي نشرتها الصحافة العالمية. وظهر اسمه في الصحف الأوروبية خاصة لأن العربية لم تكن تعلم أو تهتم به، عندما قام بانقلاب ضد حكومة جزر القمر الواقعة في جنوب المحيط الهندي التي استعمرتها فرنسا من 1875 إلى 1975 واشترك في اغتيال رئيس الدولة الوليدة بعدما سلخت فرنسا جزيرة مايوت عن جزر القمر. ويُقال إن اسمها الحقيقي منسوب إلى الطائر المعروف عندنا بضم القاف والذي نسميه في الجنوب «القُمري» ونصف به العريس الذي خطف البنت المليحة.
برنارد البالغ 77 عاماً مسجون حالياً في فرنسا بعدة تهم منها القتل بعدما استنفد قواه في الحروب وأيضاً في خدمة المخابرات الفرنسية وهو مُصاب بداء العته أو الخرف الدماغي المعروف طبياً بالإنكليزية باسم «الزايمر». وكان يوماً ما كما تقول الكتب والدراسات المنشورة عنه أشرس مرتزق أبيض في العالم.
كتبت عنه أول مرة عام 1975 عندما قام بأول انقلاب من أربعة في جزر القمر وأسقط الرئيس أحمد عبدالله لصالح علي صويلح بتحريض فرنسي لأن أحمد أعلن الاستقلال رغم معارضة باريس. وبعد ذلك دبر انقلاباً آخر عام 1995 على العاصمة ضد الرئيس الشيخ محمد جوهر الذي يقال إنه من أصل عربي - يمني ونصب بدلاً عنه محمد تقي وسعيد علي كمال بينما واصل السيطرة على البلاد بالمفتوح محاطاً بأجمل النساء وأغلى المفروشات والمشروبات وفرنسا تتفرج عليه وكأنها تتمتع بالفيلم الملون شبه الخيالي الذي يدور أمامها طالما أن مصالحها لم تمس في جزيرة مايوت التي تمتلكها إلى اليوم.
عاش برنارد كما فعل سلاطين وملوك ومهراجات العالم في القرن الماضي ومعه عشرات المرتزقة المسلحين والقوات الفرنسية مع سلاح المشاة والطيران والبحرية تواصل مشاهدة الأفلام شبه السينمائية العجيبة التي تدور أمامها. وهي عبارة عن ضابط سابق في الجيش الفرنسي والشرطة التي التحق بها في المغرب يحكم بلداً بأكمله ولا أحد يستنكر منكراته - لا فرنسا ولا أمريكا ولا الأمم المتحدة.
خلال ذلك دبر غزواً وانقلاباً في جمهورية بنين 1977 وحكم عليه بالسجن خمس سنوات مع إيقاف التنفيذ ربما لأن بنين كانت تقع تحت حكم ماركسي لم يكن ينال إعجاب باريس في ذلك الحين. وبرأته المحكمة من تهمة اغتيال الرئيس القمري أحمد عبدالله عام 1989. ومع ذلك لم يتوقف عن ارتكاب أسوأ جرائم المرتزقة البيض - ووراءهم بعض الدول الأوروبية ومخابراتها- عندما قاد انقلاباً آخر في جزر القمر قبل أن يُنقل إلى فرنسا للبقاء في السجن حتى أصابه مرض الخرف.
ولد برنارد في مدينة بوردو عام 1929 ولما شب عن الطوق احترف الارتزاق خلال عهد الجنرال الفرنسي شارل ديغول والفرقة الأجنبية الشهيرة التي أنشأتها فرنسا لتحارب الوطنيين في مستعمراتها واشتهرت ببأسها الشديد وشراستها البالغة وحسن تدريبها وتجاهلها كافة سلوكيات وأخلاقيات الحروب في كافة المجالات. ولما كانوا طولاً وعرضاً ولياقة من أشباه العمالقة كانوا يثيرون الرعب في قلوب الأفارقة والآسيويين يعذبون ويغتصبون ويقتلون وينهبون بلا وازع أو رادع. وقد شاهدتهم في جيبوتي قبيل استقلالها وهم يكادون يخترقون الأسفلت بأقدامهم والناس من صومال ودناكل يتهربون من الاقتراب منهم. وكان يكفي أن يقال للفرد أن الرجل من الفرقة الأجنبية ليسابق الريح هروباً من ظله.
وقبل تولي الحكم في جزر القمر التي عاث فيها فساداً مريعاً - لا شك بموافقة وتأييد المخابرات الفرنسية - حارب في اليمن وزمبابوي وإيران ونيجيريا وبنين وجابون وأنجولا وزائير. خلال تلك الفترات الحافلة بالإجرام اعتنق الإسلام الحنيف واقترن بعدة زوجات أنجب منهن ثمانية أطفال كما كان محاطاً بعدد كبير من المحظيات رأيتهن في صور التقطت له على حافة مسبح قصره في القمر.
وقرأت عن عصابات المرتزقة البيض في بداية الثورة أي منذ 1962 حتى نهاية الاستعمار البريطاني في عدن ومحمياتها لأن المخابرات البريطانية والفرنسية كانت تجندها وتمولها للتخريب على القوات الجمهورية والمصرية التي كانت تساندها.
وكان من الطبيعي أن تقوم الحكومة البريطانية بالتمهيد للمرتزقة لاستخدام قواعد أرضية وتسهيلات في الجنوب المحتل وتمدها بالخرائط ووسائل المواصلات والذخائر لنسف طرق المواصلات ونصب الكمائن.
عندئذ بدأ يبرز اسم بوب برنارد أحد المرتزقة من أصل فرنسي الذي نشط في أكثر من بلد عربي وإفريقي وانضم إلى فرقة «كلاب الحرب» كما سموهم في أوروبا وفي الفيلم الشهير بذلك الاسم بطولة رتشارد برتن زوج الممثلة إليزابيث تيلور. ولم يخف برنارد هويته في الحديث عن نفسه بكثير من الزهو وعن حروبه العديدة التي نشرتها الصحافة العالمية. وظهر اسمه في الصحف الأوروبية خاصة لأن العربية لم تكن تعلم أو تهتم به، عندما قام بانقلاب ضد حكومة جزر القمر الواقعة في جنوب المحيط الهندي التي استعمرتها فرنسا من 1875 إلى 1975 واشترك في اغتيال رئيس الدولة الوليدة بعدما سلخت فرنسا جزيرة مايوت عن جزر القمر. ويُقال إن اسمها الحقيقي منسوب إلى الطائر المعروف عندنا بضم القاف والذي نسميه في الجنوب «القُمري» ونصف به العريس الذي خطف البنت المليحة.
برنارد البالغ 77 عاماً مسجون حالياً في فرنسا بعدة تهم منها القتل بعدما استنفد قواه في الحروب وأيضاً في خدمة المخابرات الفرنسية وهو مُصاب بداء العته أو الخرف الدماغي المعروف طبياً بالإنكليزية باسم «الزايمر». وكان يوماً ما كما تقول الكتب والدراسات المنشورة عنه أشرس مرتزق أبيض في العالم.
كتبت عنه أول مرة عام 1975 عندما قام بأول انقلاب من أربعة في جزر القمر وأسقط الرئيس أحمد عبدالله لصالح علي صويلح بتحريض فرنسي لأن أحمد أعلن الاستقلال رغم معارضة باريس. وبعد ذلك دبر انقلاباً آخر عام 1995 على العاصمة ضد الرئيس الشيخ محمد جوهر الذي يقال إنه من أصل عربي - يمني ونصب بدلاً عنه محمد تقي وسعيد علي كمال بينما واصل السيطرة على البلاد بالمفتوح محاطاً بأجمل النساء وأغلى المفروشات والمشروبات وفرنسا تتفرج عليه وكأنها تتمتع بالفيلم الملون شبه الخيالي الذي يدور أمامها طالما أن مصالحها لم تمس في جزيرة مايوت التي تمتلكها إلى اليوم.
عاش برنارد كما فعل سلاطين وملوك ومهراجات العالم في القرن الماضي ومعه عشرات المرتزقة المسلحين والقوات الفرنسية مع سلاح المشاة والطيران والبحرية تواصل مشاهدة الأفلام شبه السينمائية العجيبة التي تدور أمامها. وهي عبارة عن ضابط سابق في الجيش الفرنسي والشرطة التي التحق بها في المغرب يحكم بلداً بأكمله ولا أحد يستنكر منكراته - لا فرنسا ولا أمريكا ولا الأمم المتحدة.
خلال ذلك دبر غزواً وانقلاباً في جمهورية بنين 1977 وحكم عليه بالسجن خمس سنوات مع إيقاف التنفيذ ربما لأن بنين كانت تقع تحت حكم ماركسي لم يكن ينال إعجاب باريس في ذلك الحين. وبرأته المحكمة من تهمة اغتيال الرئيس القمري أحمد عبدالله عام 1989. ومع ذلك لم يتوقف عن ارتكاب أسوأ جرائم المرتزقة البيض - ووراءهم بعض الدول الأوروبية ومخابراتها- عندما قاد انقلاباً آخر في جزر القمر قبل أن يُنقل إلى فرنسا للبقاء في السجن حتى أصابه مرض الخرف.

وقبل تولي الحكم في جزر القمر التي عاث فيها فساداً مريعاً - لا شك بموافقة وتأييد المخابرات الفرنسية - حارب في اليمن وزمبابوي وإيران ونيجيريا وبنين وجابون وأنجولا وزائير. خلال تلك الفترات الحافلة بالإجرام اعتنق الإسلام الحنيف واقترن بعدة زوجات أنجب منهن ثمانية أطفال كما كان محاطاً بعدد كبير من المحظيات رأيتهن في صور التقطت له على حافة مسبح قصره في القمر.