على خلفية تحري رجال الأمن عن أبوبكر السقاف في حرم جامعة صنعاء:الأحرى بهم أن يتحروا عن إهدار المال العام

> نجيب محمد يابلي:

> وقفت كل القوى الخيرة على أطراف أصابعها يوم الأحد الماضي وهي تقرأ «الأيام» التي نشرت نبأ - لا رعاك الله يا ذاك النبأ - بأن مجهولين دخلوا إلى حرم جامعة صنعا وكانوا يسألون عن د. أبوبكر السقاف بطريقة مريبة عرت سلوك السلطات وأثبتت بأن إرادة التغيير لا تزال غائبة، ذلك أن هذا العلم البارز كان قد تعرض لأذى جسدي ونفسي في مطلع عام 1995م ونهايته (1995/12/23م) عندما اقتيد ومعه الراحل زين السقاف معصوبي العينين إلى مكان مجهول، حيث نال زين السقاف ما تيسر من الضرب أما د. أبوبكر السقاف فقد تعرض للضرب بعصي كهربائية أحدثت جروحاً دامية في جسده.

د. أبوبكر السقاف، هذا العلم البارز البالغ من العمر 74 عاماً، ينتمي للرعيل الأول من السياسيين والكتاب اليساريين والوطنيين من الطلاب الدارسين خارج الوطن وهو أحد الذين قامت على أكتافهم جامعة صنعاء في منتصف سبعينات القرن الماضي وأحد الذين قاموا بصياغة (ميثاق) المؤتمر الشعبي العام وكانت مشاركته في الصياغة نابعة من قناعاته الفكرية ورمى بقناعات الأقوياء في سلة المهملات، وهذا العلم البارز أيضاً كان (ولا أدري إن كان لا يزال) أحد مستشاري منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم(UNESCO). هذا العلم البارز إن كانت له أزمة فهي أزمة المثقفين مع السلطة، لأن أمثال هذا الأكاديمي البارز والمفكر الرفيع والكاتب البديع ينطلقون من خلفيات فلسفية وعلمية وثقافية وصنعت تلك التوليفة المفكر والكاتب الملتزم أبوبكر السقاف.. سيخلص الباحث أو الراصد لمجريات الأمور في اليمن إلى أن السلطة عندنا توظف الفهلوة على نطاق واسع لتضلل الرأي العام في الخارج والمانحين على حد سواء بأنها تؤمن بخيار الديمقراطية والتعددية السياسية وصادقت على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والثقافية والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وغيرها من الاتفاقيات وإجمالي عددها 56 عهداً واتفاقية، بل وجسدتها في الدستور واحتضنت عدداً من الفعاليات الدولية، وفي واقع الممارسة تتصرف بصورة مخالفة تماماً لأحكام الدستور ومضامين تلك الوثائق الدولية، ونأخذ على سبيل المثال الندوة الدولية لتعددية واستقلالية وسائل الإعلام العربية بحضور فاعل من البلدان العربية وممثلين عن المنظمات الدولية للأمم المتحدة واليونسكو والمنظمات الدولية المهنية المختصة بشؤون الإعلام والصحافة التي احتضنتها صنعاء خلال الفترة 11-7 يناير 1996م أي بعد نصف شهر من الحادث الإجرامي البشع الذي تعرض له د. أبوبكر السقاف.

عجيب أمر هؤلاء القوم، لا هم مؤمنون بالديمقراطية ولا بالمواثيق الدولية ولا هم مسترشدون بالسيرة النبوية المشرفة ليقتدوا بالخطاب المحمدي السامي، فهذا الحبيب المصطفى محمد يتوصل مع سهيل بن عمرو لعقد صلح الحديبية فيطلب من الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه كتابة نص الصلح فأملى عليه اكتب «بسم الله الرحمن الرحيم» قال سهيل: لا أعرف هذا ولكن اكتب «باسمك اللهم»، فقال رسول الله اكتب «باسمك اللهم»، فكتبها ثم قال: اكتب «هذا ما صالح عليه محمد رسول الله سهيل بن عمرو» قال سهيل: «لو شهدت أنك رسول الله لم أقاتلك ولكن اكتب اسمك واسم أبيك». فقال رسول الله: «هذا ما صالح عليه محمد بن عبدالله سهيل بن عمرو» إلى آخر نص الصلح. فعلام هذه الغطرسة والتيه والاستعلاء؟!

إنني أقف أمام مشهد تراجيدي لحال الصحافة وحرية التعبير يضم أبوبكر السقاف وعبدالكريم الخيواني ونبيل سبيع ونايف حسان، ويذكرني هذا المشهد برواية مشهورة تدور أحداثها حول تمرد على السفينة باونتي MUTINY OF BOUNTY (كانت مقررة على طلبة الثانويات في عدن في فترة الستينات من القرن الماضي). باونتي اسم سفينة حربية بريطانية أقلعت من ميناء بورتسماوث البريطاني في اتجاه جزر تاهيتي في المحيط الهادي سنة 1787م وكان قبطان السفينة ضابطاً في الثالثة والثلاثين من عمره يدعى وليم بلاي، وكان يعاقب بحارته بحرمانهم من الطعام والماء. شكا أحدهم الظمأ في الحر الشديد، قال القائد بلاي: سأعطيك ماء وفيراً، وأمر بربطه في مقدمة السفينة وأعطى أمراً آخر بعد رأي بفك الحبل عن البحار، فجاءه النبأ بأن حيتان القرش قد التهمته. كان القائد بلاي يقول: «أنا القبطان وأنا القاضي والمحلفون» وكان يقول لمساعده فلتشر: «إنهم لا يحترمون إلا قانوناً واحداً وهو الخوف» ولم يعلم القائد بلاي أن الظلم انتهى بالتمرد وحدث ما حدث.

أيها السادة.. تذكروا ما عاهدتهم المانحين عليه!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى