تطوير التعليم الثانوي.. ضرورة ملحة

> أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتور:

> لا يختلف اثنان على أن التعليم في أي مجتمع يمثل أداة التطور ومفتاح التنمية بكافة أشكالها وصورها، وحينما سعت بلادنا إلى تطوير نظامها التعليمي أخذت في الاعتبار استعراض التجارب التربوية الإقليمية والدولية في تلك الدول التي كانت ولا تزال تعمل على تطوير وتحديث مؤسساتها التربوية والتعليمية ومن ثم الاستفادة منها وفقاً لما يتواءم مع طبيعة المرحلة واحتياجات التنمية.

وعندما ناقشنا نحن في وزارة التربية والتعليم مع الشركاء المانحين والجهات ذات العلاقة تطوير التعليم الثانوي تبادر إلى أذهاننا الوقوف على التجارب الأوروبية والآسيوية من جهة والتجارب العربية من جهة أخرى، وعليه ركزت الخطة الخمسية 2010-2006م على التعليم الثانوي لأكثر من اعتبار ومسوغ يحتم علينا بالضرورة العمل على تحديثه وتطويره. ويمكن القول إن الخطة الخمسية الثالثة ما هي إلا رؤية تطويرية للتعليم الثانوي، وتكمن عملية التطوير هذه في الاهتمام بالإنسان كونه جوهر عملية التنمية فهو أغلى قيمة وأهم ثروة للوطن حاضراً ومستقبلاً، فليس هناك من شك أن التعليم هو عملية صناعة المستقبل وبناء الإنسان ولذلك تمكن أهمية تركيز الخطة الخمسية الثالثة على تطوير التعليم وتحسين مخرجاته فضلاً عن المواءمة بين التوسع الكمي والكيفي معاً بحيث تكون النتيجة الحاصلة من تطوير التعليم الثانوي قادرة على مواجهة سوق العمل وكافة احتياجات التنمية ولا يبدو ذلك بعيد المنال فقد استأثر قطاع التربية بعناية متميزة من قبل القيادة السياسية والحكومية الرشيدة إيماناً بدوره الحيوي في إعداد وبناء جيل المستقبل وتكريس مجتمع المعرفة والحداثة والتقدم.

فمنذ إشراقة شمس الوحدة المباركة في الـ 22 من مايو 90م سجلت مختلف مؤشرات منظوماتنا التربوية تقدماً ملحوظاً وأوشكت أن تكون قاب قوسين أو أدنى من المعايير والمواصفات المتداولة عالمياً بفضل ما أولته السياسة الرشيدة من اهتمام خاص بتشجيع المبادرة وتعزيز أدوار كل المتدخلين في الشأن التربوي وتعزيز مبدأ اللا مركزية وتفعيل دور الجهات ذات العلاقة للمساهمة بشكل أكبر في تطوير العملية التربوية مؤكدين أنه وبعد دخول الاستراتيجية الثانوية حيز التنفيذ فإن وظيفة المدرسة لن تقتصر على التعليم وتلقين المعارف فحسب بل ستكون فضاءً واسعاً للتربية وترسيخ روح المواطنة وتعميق انتماء المتعلم لوطنه ولأمته العربية والإسلامية وتدعيم نظرته الإيجابية نحو مجتمعه ومحيطه الإقليمي والدولي إضافة إلى المساهمة الفاعلة في النمو المتكامل لشخصية الطالب في جوانبها المعرفية والوجدانية والاجتماعية وتنمية اهتماماته بالمستقبل واستشراف آفاقه وإن التحديات المفروضة علينا تدفعنا إلى مواصلة تجديد هذا التعليم في شكله ومضمونه.

كما أن ما يهمنا الآن ونحن بصدد اقرار استراتيجية تطوير التعليم الثانوي هو الانتقال من الإطار النظري إلى الواقع العملي، وعليه يبقى رهان التطبيق العملي من أبرز اهتماماتنا وهو ما يستوجب مزيداً من الاهتمام بشتى مظاهر الحياة المدرسية وما تتضمنه من أنشطة ثقافية وعلمية واجتماعية وإكساب الطالب مهارات العمل والإنتاج والانفتاح على المؤسسات المجتمعية والتفاعل معها وتنمية اتجاهاته لدراسة العلوم والرياضيات وتعلم اللغات الأجنبية علاوة على أن تعزيز ميوله نحو المواد العلمية ينطلق من كونها ركيزة أساسية للتقدم العلمي والتقني وهناك الكثير من الأهداف التي يعول عليها الجميع، قيادة ومعلمين ومتعلمين وكل الوسائل المساعده على تحسين المناخ المدرسي، ونحن واثقون بأن جميع أطراف العملية التعليمية يدركون تماماً أنه لا سبيل لكسب رهانات العصر ومواجهة تحدياته بغير سلاح العلم والمعرفة وترسيح روح التفوق والإبداع لدى أبنائنا وبناتنا الطلاب والطالبات في ربوع وطننا الحبيب وطن الـ 22 من مايو.

* نائب وزير التربية والتعليم

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى