12سؤالا وجوابا حول أمراض الكبد الفيروسية (الصفار)

> «الأيام» د.صالح الدوبحي:

> ماذا تعني التهابات الكبد الفيروسية؟هي حالة مرضية تنجم عن مهاجمة كبد الإنسان من قبل مجموعة من أصغر الكائنات الحية لا يمكن رؤيتها إلا بالمجهر الالكتروني تسمى بالفيروسات لها القدرة على اختراق خلايا الكبد والتكاثر فيها والفتك بها، وقد تقتصر مدة مهاجمة هذه الفيروسات للكبد على بعض اسابيع قليلة (6-2 أسابيع) وتعرف بالالتهابات الحادة، فيما بعضها قد يظل يهاجم الكبد منذ دخوله وحتى لسنوات عدة وهو ما يعرف بالتهابات الكبد الفيروسية المزمنة وهذه الالتهابات شائعة ولها تسميات محلية عديدة منها (الصفار) وهو أكثرها شيوعاً لارتباط المرض بتغير لون بياض العينين والجلد.

> ما هي أنواع هذه الفيروسات وكم عددها؟

- هي من اصغر أنواع الفيروسات من فصيلة بيكرنوفيريد (Bicornovirid) وعددها سبعة أنواع هي: (أ، ب، س، د مرافق مع ب، ي، ج، ف) أو بالإنجليزية A.B.C.B with D.E.G.and F وتعتبر الانواع الخمسة الاولى A.B.C.B with D.E.G. المسؤولة عن معظم أمراض الكبد.

> كيف تحدث الإصابة بهذه الفيروسات؟

- تحدث الإصابة بطريقتين أساسيتين:

الأولى: وهي عبر الجهاز الهضمي عن طريق تناول الأطعمة والسوائل والمشروبات الملوثة والتي تحتوي على فيروسات الكبد من النوعين (أ.ي) وتسمى بالفيروسات الوبائية لقدرتها على الانتشار بشكل سريع وواسع وخاصة عند الأطفال، علماً أن هناك طرقا أخرى ولكنها محدودة كممارسة الجنس.

الثانية: هم طريق الوصول إلى مجرى الدم حتى ولو كانت شعيرات دموية صغيرة وغالباً ما يتم عبر نقل دم ملوث أو بإبر الحقن أو المعدات الطبية غير المعقمة وتنتقل أيضاً عبر الحبل السري (المشيمة) من الأمهات الحوامل إلى الأجنة أذا أصبن بالمرض اثناء الحمل أو كنّ حاملات لفيروسات من قبل، كما تنتقل هذه الأمراض عن طريق الاحتكاك الجسدي والالتصاق المباشر خاصة بين الأطفال الصغار وهو ما يعرف بالانتقال (من طفل إلى طفل) وأيضاً عبر الاتصال الجنسي بكل أنواعه وتضم هذه المجوعة الأنواع (ب.س، د مع ب).

> ما هي أعراض المرض؟

- الكثير من الناس لا تظهر عليهم أي أعراض تذكر رغم تواجد الفيروسات في اجسامهم نظراً لقدرة أجسامهم على مقاومة الفيروسات ومن ثم التخلص منها وتكوين مناعة مستديمة، أما في حال فشل الجسم في المقاومة فإن الاعراض التي تظهر قد لا تكون واضحة دائماً، وقد تكون مشابهة لكثير من حالات الزكام الخفيف أو التهابات الجزء العلوي للجهاز التنفسي، وعموماً فإن أهم الأعراض قد تشمل بعضاً أو كل الاعراض التالية: (حمى متوسطة، فقدان الشهية، غثيان، قيء،صداع، آلام في العضلات والمفاصل، آلام في البطن وحول الكبد في الجانب الأيمن تحت الأضلاع مع تغير في لون البول (أسود كلون القهوة) وبراز شحمي بدون لون مبيض مع اصفرار بياض العين وفي أماكن مختلفة من الجلد. على أن أخطر الاعراض قد ينجم عند تمكن الفيروسات من الفتك الكامل بخلايا الكبد وفشلها في تأدية وظائفها يدخل المريض بسببها في حالة غيبوبة قلما ينجو منها.

> ما هي مخاطر ومضاعفات الإصابة بهذه الأمراض؟

- بالنسبة للأنواع التي تنتقل عبر الأكل والشرب (أ, ي) غالباً ما يتعافى المصابون بها بدون حدوث أي مضاعفات تذكر خاصة عندما يصابون في سن مبكرة قبل البلوغ! وتتكون لديهم مناعة مدى العمر أما الإصابة عند كبار السن وخاصة الحوامل فإن المخاطر تكون كبيرة وتتمثل في فشل كبدي وإجهاض وحتى الوفاة.

في المجموعة التي تنتقل عبر الدم:

1 - إما أن يقوم الجسم بالتخلص من الفيروس وتكوين مناعة دائمة.

2 - بعض المصابين بالرغم من شفائهم واختفاء الأعراض الا أن الفيروسات تبقى كامنة في أجسامهم ويسمون بالحاملين لفيروسات الكبد مدة الحياة.

3 - عند كثير من حاملي الفيروسات يكمن الخطر في:

- أن تقوم الفيروسات بمعاودة مهاجمة الكبد مع تقدم السن حتى ولو بعد 20 عاماً وغالباً ما تكون الاعراض أكثر شدة وفتكا .

- أن تحصل تغييرات تدريجية في نسيج الكبد والتي تؤدي إلى تليفها لاحقاً (تشمع الكبد) وتكوين دوالي المرئ ثم الاستسقاء انتفاخ البطن والأطراف السفلى من الجسم ويموت المريض بنزيف المرئ كأخطر المضاعفات مالم يتم تدخل جراحي أو زراعة كبد بديل.

- أن تساعد الفيروسات إلى تحول الكبد إلى خلايا سرطانية مميتة خاصة عندما يتأخر اكتشاف المرض.

- حاملو فيروسات المرض من أهم مصادر العدوى لفيروسات الكبد التي تنتقل عبر الدم.

> من هم أكثر الناس عرضة للإصابة بفيروسات الكبد؟

- كل شخص يمكن أن يكون عرضة للإصابة بهذا المرض منذ الولادة، والبعض يولدون وهم مصابون أو حاملون لفيروسات المرض عندما تكون أمهاتهم إما مصابات وحاملات للفيروسات من النوع ي أو سي ود التي تنتقل عبر المشيمة لكن فئات بعينها قد تكون أكثر عرضة وهم الذين يتناولون أطعمة ملوثة أو مياه شرب غير نقية كما أن الاشخاص المصابين بأمراض مزمنة مثل الهيموفيليا (عدم تجلط الدم) أو الإيدز والمدمنين على المخدرات والكحول بالإضافة إلى فئات من العاملين الصحيين مثل أطباء الاسنان ومساعديهم والعاملين في وحدات الغسيل الكلوي والمختبرات يعدون من بين الفئات الأكثر عرضة من غيرهم.

> من أين جاءت هذه الفيروسات؟

- هذه الأوبئة عالمية الانتشار وتكاد تتواجد في كل بقاع الارض مع زيادة ملحوظة في البلدان الفقيرة التي تتدنى فيها كل الخدمات. وتفيد الدوائر الصحية الدولية بأن ما يزيد عن 300 مليون شخص يصابون بهذه الأمراض سنويا يتوفى منهم أكثر من مليون شخصاً بسبب المضاعفات التي تتسبب بها الإصابة بهذه الفيروسات .(1)

وفي اليمن هذه الأوبئة تعد من الأمراض المستوطنة وفي بعض المحافظات اليمنية نجد أن نسبة انتشار فيروس الكبد الفيروسي (1) وصلت 90 % بين الأطفال أقل من 10 سنوات في مدينة عدن وبعض المناطق الساحلية ووادي حضرموت في العام 1985م وأن معدل تواجد الأجسام المضادة لفيروس الكبد البائي تتراوح ما بين 64 %- 72 % في نفس المناطق ونفس العام ولا يعرف بالتحديد نسبة الحاملين لهذه الفيروسات ولكنها وبحسب تقارير منظمة الصحة العالمية تتراوح ما بين 1 % في البلدان المتقدمة مثل السويد والنرويج إلى 20 % وحتى 30 % في البلدان النامية مثل افغانستان وإثيوبيا (2). وكلما زادت نسب الحاملين لهذه الفيروسات كلما كانت المخاطر أكبر في المستقبل.

> كيف تشخص هذه الأمراض؟

- التشخيص السريري على يد أطباء ذوي خبرة لا يستغنون عن التشخيص المخبري للتأكيد بل ويعتبر أساسا في معظم الحالات غير الوبائية لتحديد نوع الفيروس ومناعة الجسم وتقييم وظائف الكبد، وتستخدم الموجات فوق الصوتية وأيضاً الرنين المغناطيسي في بعض الحالات بالإضافة إلى الكشف عن الفيروس بواسطة المجهر الالكتروني.

> كيف يتم العلاج؟

- مثل معظم الأمراض التي تسببها الفيروسات لا يوجد علاج بمعنى مضادات الفيروسات إلا أن هناك بعض الحالات تستخدم عقاقير مثل الانترفرون والريافيرين لتحسين حالة المريض مع معالجة الأعرض المصاحبة للمرض!! ويحتاج المريض بالدرجة الأولى إلى الراحة التامة لأطول فترة ممكنة وإلى نمط غذائي محدد يتجنب فيه المريض تعاطي الأغنية الدسمة المهيجة لخلايا الكبد وأيضاً والبهارات وينصح بالإكثار من المواد السكرية وخاصة الفواكه الطازجة والعسل الطبيعي ولا بد من مراجعة الاختصاصيين لإجراء الفحوص اللازمة وخاصة المخبرية بشكل مبكر ومتكرر، خاصة وأن بعض الحالات الحرجة تتطلب بقاء المريض تحت العناية الطبية المستمرة. ومع ذلك يجازف البعض بتعريض المريض لممارسات تقليدية كربط الذراع وتعريض المريض للحركة العنيفة والتنقل المستمر وهم بذلك ومن دون قصد يعرضون حياته للخطر.

> كيف تتم الوقاية من هذه الفيروسات؟

- الوقاية في البلدان التي لا يتوفر فيها التطعيم تظل متمثلة في التالي:

1 - لتجنب الإصابة بالفيروسات نوع (أ و ي) تتبع الاحتياطيات نفسها لتجنب خطر الإصابة بأمراض الاسهالات كالحد من تناول الأغذية في المطاعم غير النظيفة وخاصة التي تقدم أكلا باردا ومكشوفا، وعدم شرب السوائل المشكوك في نظافتها، والاهتمام بالنظافة الشخصية وغسل اليدين خاصة لمن يطبخ الأكل أو يعدّه.

2 - بالنسبة للأنواع التي تنتقل عن طريق الدم والتي هي أكثر خطورة فلا بد من إعطاء اهتمام وحذر للحالات التالية:

- عند كل عملية نقل دم وتجنبها كل ما أمكن، والتأكد من سلامة الدم قبل نقله.

- عند إجراء العمليات الجراحية مهما كانت صغيرة وخاصة في المستشفيات والمستوصفات التي تفتقر إلى التعقيم المركزي.

- على العاملين الصحيين في مجال الأسنان وغسيل الكلى والمختبرات اتباع احتياطات السلامة بحذافيرها وعدم التقليل منها.

- تجنب الاتصال الجنسي غير المأمون والمتعاطين للمخدرات والشاذين جنسياً.

- ينصح بإجراء كشف عن فيروسات الكبد قبل الزواج كلما أمكن فمعرفة حالة الزوج أو الزوجة يسهم كثيراً في تجنيبهم وأطفالهم القادمين شر الإصابة.

> هل يوجد تطعيم ضد هذه الفيروسات وما مدى فعاليته؟

- التطعيم ضد التهابات الكبد الفيروسية (أ، ي) يعطى على جرعتين، الأولى منذ الولادة والثانية بعد شهر.

التطعيمات ضد الفيروسات التي تنتقل عبر الدم تعطى الجرعة الأولى في الشهر الأول بعد الولادة والثانية بعد شهر من الأولى والثالثة بعد شهر من الثانية ولا داعي لجرعة إضافية (BOOSTER) فالتطعيمات فعالة وتبقى مدى العمر إذا كان مصدرها موثوقا وحفظت في مكان مأمون وأعطيت حسب الجرعات الموصى بها. وبالنسبة للكبار يمكنهم أخذ التطعيمات في أي عمر فليس هناك محظورات بشرط ألا يكونوا مصابين بالمرض أو يعانون من مشاكل صحية في الكبد أو حاملين له.

> هل هناك علاقة للقات بالتهاب الكبد؟

- في دراسة الماجستير للدكتور عبدالواحد السروري عن علاقة القات بأمراض الكبد الفيروسية في اليمن (3) في العام 1991م، لم تشر نتائج الدراسة إلى وجود تأثيرات سلبية مؤكدة لتناول القات يمكن بها تصنيفه من بين العوامل المساعدة في ارتفاع حالات الإصابة بالتهابات الكبد لمتعاطيه.. غير أن الأمر يتطلب إجراء المزيد من الدراسات والبحوث فقد تكون سلوكيات وعادات أخرى تصاحبه أو تزداد معدلاتها مع تناول القات عند بعض مدمني تخزين القات تسهم بشكل مباشر أو غير مباشر في زيادة الإصابة أو على الأقل في تفاقم المضاعفات والمخاطر القاتلة بشكل عام وعند الحاملين لهذه الفيروسات بشكل خاص.

اختصاصي علم الأوبئة

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى