(كان يا ما كان في هذا المكان) جمرك «أبو زربين»

> «الأيام» محسن عبده قاسم:

>
السيارات في انتظار القات لنقله إلى الأسواق
السيارات في انتظار القات لنقله إلى الأسواق
يا بجاه القات ** يا بسر القات ** يا أبو زربين ** هاتهم بس هات ..بيتان من منلوج «القات» الذي ألفه عبدالله غالب عنتر ولحنه الفنان محمد مرشد ناجي وأداه المنلوجست الظريف فؤاد الشريف عام 1957م عندما اشتدت أزمة القات بمنع تعاطيه داخل المستعمرة عدن، الأمر الذي دفع بـ«الموالعة» أي متعاطيه التوجه إلى منطقة دار سعد التابعة آنذاك للسلطنة العبدلية في لحج، ويمكن للقارئ العزيز أن يجد المنلوج وأحداث الفترة التي ترافقت معه في كتاب «أغنيات وحكايات» للأستاذ الفنان محمد مرشد ناجي ط 1 الصادرة في 2001م عن مكتبة الجيل بجدة المملكة العربية السعودية.

ظل القات اليمني الوارد من شمال الوطن ولعقود من الزمن مغطياً السوق ومعرضاً للضريبة في أكثر من مكان! عند قطفه ثم في الراهدة آخر منطقة في الحدود المصطنعة وفي جمارك الحواشب ولحج وعدن، علماً أنه في أواخر الأربعينات ظهر القات الهرري (نسبة لإقليم هرر في إثيوبيا) ويصل إلى عدن جواً.. ومن المطار يتم نقله إلى مساحة مجاورة لبوابة معسكر جبل حديد ومقابلة لجزيرة «العبيد» العمال لاحقاً.. عرفت تلك المساحة بـ«الشبك» حيث يجري وزن القات وتحديد الضريبة عليه ليقوم بعدها المقاوتة (جمع مُقَوِّت) بائعو القات بحمله على سيارات إلى السوق.

كانت للقات مبارز وندوات بتعبير اليوم منتديات تحمل أسماء أصحابها أوعمدائها كمبرز «الموشجي» بكريتر شارع الزعفران وقد صار في خبر كان وإن كان مبرز «ميه» في الشارع نفسه مايزال موجودا حتى الآن.

مجالس القات ضمت بين زواياها أفراداً من مختلف فئات المجتمع، الأديب والعامل والمسئول والسياسي والغني والفقير كلهم يتجاذبون أطراف الحديث اجتماعياً كان أم سياسياً أم رياضياً.. كانوا يتفاعلون بحماس مع قضايا الساعة سواء على المستوى الوطني أم القومي. في «القلم العدني» بتاريخ 15 نوفمبر 1961م ص7 الخاصة بالقراء وتحت عنوان (شلة السلام تقاطع القات الهرري) نقتطف ما يلي:

«في هذه الظروف العصيبة من تاريخ كفاحنا العربي خرجت حكومة هيلاسلاسي تتحدى شعورنا وتدوس فوق إحساسنا باعترافها بإسرائيل القذرة، لا يسعنا إلا أن نتجاوب بأدنى ما نستطيع عمله اليوم وهو مقاطعة القات الهرري.. وشلة السلام تهيب ببقية الشلل في هذا البلد العربي أن تتجاوب وتعلن تضامنها معنا والله أكبر والهزيمة لأعداء العرب».

وكما للقات مجالس لماضغيه يثرثرون فيها ما يشاءون من الكلام فإن لباعة القات نقاباتهم التي تعنى وتهتم بأمورهم المهنية والمعيشية.. في ص 3 من صحيفة «اليقظة» بتاريخ الأول من مايو 1959 ورد إعلان هام من نقابة بائعي القات بالتفاريق وقع عليه السكرتير المؤقت عبده سعيد أحمد: «ستعقد الهيئة المؤقتة للنقابة جلسة عامة مساء يوم الأحد تاريخ 1959/5/3م الساعة الثامنة وسيكون الاجتماع في إحدى عمارات الحاج المقطري الكائنة في قسم (حـ ي) شارع رقم (15) في الشيخ عثمان لانتخاب هيئة إدارية جديدة، والهيئة تدعو بل وترجو جميع بائعي القات بالتفاريق الحضور في الموعد المحدد للاجتماع«.

الحديث عن القات طويل طول أغصانه ولياليه.. وإن كانت من كلمة أخيرة فهي موجهة للأستاذ أحمد الكحلاني محافظ عدن نرجوه فيها أن يشدد على منع تعاطي القات في الاستراحات العامة والشواطئ والمتنزهات.. ولا نشك في تحقيق ذلك، فالرجل من ذلك النوع الذي إذا قال فعل منطلقاً من أن النظام نظام والقانون قانون والله يكون في العون.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى